عندما نكل البيبيون شخصيا بأعضاء الائتلاف السابق، ضايقوا ابناءهم في المدارس، اغلقوا في وجوههم الكنس ونغصوا عليهم لياليهم في مكبرات الصوت، اعتقدت ان هذه افعال زعرنة سافلة ليس لها اي صلة بالاحتجاج المشروع. في اختبار النتيجة نجحوا في عملهم: فقد دفعوا النواب جنونا الى اليمين. وعود بوظائف محترمة للفارين استكملت المسيرة: الائتلاف انهار، واولئك الذين فروا قبل الاوان اصبحوا وزراء في الحكومة. مصيرهم سيكون كمصير اورلي ليفي أبقسيس: من طاولة الحكومة تتدحرجوا الى الاخ الاكبر، الى البقاء، الى الرقص مع النجوم.
الارهاب الذي استخدمه مؤيدو نتنياهو على السياسيين كان فصلا عنيفا، مظلما، خطيرا، في تاريخ الديمقراطية الاسرائيلية: محظور تكراره: من خاف في حينه لا يمكنه أن يذوب فرحا حين تستخدم تقنيات ضغط مشابهة من حركة الاحتجاج. فالعنف هو عنف حتى لو كانت نواياه مشروعة؛ خرق قواعد اللعب هو خرق حتى اذا ما كان الخارقون هم افضل مقاتلينا. احيانا يكون هذا بسيطا بهذه الدرجة. هدف رجال نتنياهو كان اخضاع النواب، وتحويلهم من منتخبين الى فارين. في الكنيست الحالية الاحتمال بهذا طفيف: في هذه الاثناء كتلة الـ64 موحدة بتمسكها بالحكم. العنصر الكفاحي في حركة الاحتجاج يلاحق وزراء ونواب كي يحقق هدفين آخرين. الاول، اخراج السياسيين عن توازنهم، والتسبب لهم في أن يفعلوا ويتفوهوا بالترهات، لإهانتهم وتقزيمهم؛ الثاني، صب باقة في الاحتجاج: كل مظاهرة أمام الوجه الحرج لوزير ما تولد مواجهة مع الشرطة، اعتقالات، افلام، عناوين رئيسة، انوف دامية.
المواجهات هي خط الحياة الذي يقود الاحتجاج من سبت الى سبت.
لنأخذ حالة مركبة: سمحا روتمان ومكبر الصوت. حفنة من المتظاهرين، نشطاء حركة الاحتجاج، رافقت روتمان حين سار في ليل السبت على الاقدام، محوط بالحراس، في حي في مدينة نيويورك. دعوه لان يعود الى الديار ويحرر الدولة من انقلابه القضائي. اندفع روتمان فجأة نحو احدى المتظاهرات، تقاتل معها، اختطف منها مكبر الصوت واحتجزها بالقوة. المحتجون حققوا غايتهم: فقد وثق روتمان في فعل أزعر على الملء. ليس مهما ما يقوله في الف مقابلة صحفية بعد الفعل: فقد انكشف في عاره.
الحالة مركبة لانه لروتمان توجد حقا مشكلة في التحكم بالغضب. لديه انفجارات غضب. كنت حاضرا في احداها، تجاه سياسي – زميل، حتى قبل أن يعين رئيسا للجنة الدستور في الكنيست. بعد ذلك حاول أن يشرح، لكن كل الشروحات تبددت في اثناء المداولات في لجنة الدستور على قوانينه.
ما حصل له في اميركا هو قفزة درجة. القانون الاول لكل شخصية عامة – وللصحافيين ايضا – في مثل هذه الملابسات هو الامتناع عن الاشتباك الجسدي. لا ترفع يدا ابدا، لا تنزل يدا أبدا. تذكرت ذات مرة فعلا كان بحضوري مع شمعون بيرس، في انتخابات 1981، في حي مورشاه في رمات هشارون. جلست مع بيرس في المقعد الخلفي في سيارته. فتى طرق الزجاج. بيرس فتح. الفتى فعل شيئا ما وبيرس اغلق النافذة. لم يقل كلمة عن الحادثة، لكن عندما نظرت الى نافذة السيارة رأيت خطا طويلا من البصاق، على النافذة وعلى قميصه. اما روتمان فما كان قادرا على ان يضبط نفسه.
المتظاهرون مقتنعون، بقدر كبير من الحق، بان الائتلاف الجديد يعتزم أن يغير من الاساس صورة دولته. فهو يهدد قيمهم، وطنيتهم، رزقهم ورفاههم بل وربما مجرد وجودهم. هم اناس تربوا على أن في الحرب مثلما في الحرب: الهدف هو كل شيء. اما مع الوسائل فنتدبر امورنا.
تكافح حركة الاحتجاج ضد حكم فقد اللجام. لا مفر غير خوض كفاح عدواني، قاطع، غير اديب على نحو ظاهر. ولكن محظور عليه أن يهجر في الطريق القيم التي من أجلها قام. فعائلات السياسيين المكروهين ايضا يستحقون قدرا من الخصوصية. وحتى للسياسيين المناهضين للديمقراطية يوجد الحق في حرية التعبير. فضلا عن هذا، من يسير حتى النهاية ملزم بان يفهم بانه قد يقع خلل يوقع الكفاح كله على الارض. نتنياهو، لفين، بن غفير وسموتريتش يتمنون الخلل.
التفوق الاخلاقي مقابل التفوق اليهودي؛ المسؤولية الوطنية مقابل التسيب الفئوي؛ الديمقراطية مقابل الشريعة؛ القضاء مقابل السلب؛ للاحتجاج يوجد ما يعرضه. الحل ليس احتجاجا خفيفا او احتجاجا صفريا. الحل هو احتجاج رشيد، ذكي.