يشجعون البطالة ويخلدون الفقر

معاريف
معاريف

افرايم غانور
في الوقت الذي كان يفترض بالجرافة ان تهدم محكمة العدل العليا وان تشق الطريق لانقلاب قضائي انشق بمعونة ميزانية الدولة طريق دولة اسرائيل نحو العالم الثالث، وبشرنا هذا الاسبوع بالتوازي وبشكل مفعم بالمفارقة باختراق للطريق وباكتشاف مبهر في الجامعة العبرية في القدس في بحث للدكتور هيثم عمل، فيه ما ينقذ ملايين البشر في العالم ممن يوجدون على شريط التوحد.اضافة اعلان
وكأن بنا نكمل الصورة التجريدية لوجه الدولة هذه الايام، رأينا انه تقرر تقليص 100 مليون شيكل من ميزانية سلطة الحداثة. كم هو مميز لهذه الحكومة التي تركز على بقائها وتمنح المليارات للحريديين وملايين اخرى لوزير الامن القومي ايتمار بن غفير ووزير الاسكان اسحق غولدكنوف بخلاف القانون من اموال فائضة متوقعة، عمليا ليس معروفا حتى اليوم اذا كانت ستكون أم لا. ما يسمى كتابة على الجليد.
من يتعمق بهذه الميزانية للسنتين التاليتين ويبحث فيها عن بند يفترض أن يعطي حلا لاحدى المشاكل المضنية في المجتمع الاسرائيلي – السكن العام – سيخيب ظنه. 30 الف عائلة تنتظر اليوم السكن العام، الاف شقق السكن العام مهملة منذ سنين وتحتاج الى صيانة، 180 الف عائلة فقيرة تتلقى المساعدة لايجار الشقة ممن لم تعدل اجورها في العشرين سنة الاخيرة، تتلقى اليوم نحو 20 في المائة من كلفة ايجار شقة زهيدة الثمن. بعضها سيلقى بها قريبا الى الشارع بينما لا يوجد اي موقف في الميزانية من هذا الوضع الخطير.
من حرص في اعداد هذه الميزانية على طلاب الدين، الاف الشبان اياهم ممن يمكنهم أن يعملوا وان ينالوا الرزق بقواهم، يبدو أنه وجد صعوبة في أن يرى الظلم الرهيب لمليون وربع من المتقاعدين الذين يعيشون اليوم في اسرائيل وينتظرون منذ اكثر من 20 سنة تعديلا ذا مغزى لمخصصات الشيخوخة.
جهاز الصحة النفسية، احد الاجهزة الاكثر اهمالا، يعيش أزمة رهيبة. مع نقص خطير في الاطباء، الاسرة واماكن النزول في المؤسسات النفسية. ويصرخ الجهاز طلبا للمساعدة الى جانب صراخ الاف المرضى النفسيين مع ميزانية جرى تعديلها في آخر مرة في 2019 بينما اتسعت جدا حاجاته ومطالبه مؤخرا الا انه هو الاخر بقي في هذه الميزانية بلا جواب.
هذه نماذج فقط عما تأتي به هذه الميزانية الفئوية التي تبرز بحقيقتين: فهي تشجع البطالة بمعونة زيادة الميزانية للقطاع الحريدي كي لا يخرجون الى العمل وتخلد بذلك الفقر والجهل لاولئك الذين لا يتعلمون المواضيع الاساس. من تلك المدارس اقصى ما يمكن أن نحصل عليه هو مشرفو حلال.
هذه الميزانية تثبت بان ما يعني هذه الحكومة هي فقط خدمة مصالح شركائها في ظل التجاهل لاحتياجات حيوية لحياة الدولة. التجاهل حتى بالمواضيع التي كانت في رأس قائمة وعودها قبل الانتخابات مثل مكافحة غلاء المعيشة، معالجة مشاكل السكن، التعليم والصحة.
الغريب والمقلق هنا هو ليس فقط الوقاحة في الميزانية الفئوية والتوزيع الخنزيري للاموال، الذي لم يكن له المثيل هنا منذ قيام الدولة. كل هذا يحصل الى جانب تجاهل الحكومة لكل الاضواء الحمراء، تحذيرات الاقتصاديين، الخبراء، المحافل الدولية. في هذا الائتلاف الذي يتشكل من 64 نائبا عن الشعب لم ينهض ولي واحد في صدوم ليقول: "تعالوا نتوقف هنا لنفحص الوضع. يوجد هنا شعب، دولة، يوجد هنا جمهور كبير يصرخ، توجد هنا احتياجات هامة اخرى، غير الحرص على مصلحة طلاب الدين".
الكل يتذكر كيف تصرف في حينه وزير المالية نتنياهو عندما اتبع في 2003 سياسة "السمين والنحيف". النقيض التام لما يفعله اليوم كرئيس الوزراء. ما يثبت أن نتنياهو كان ملزما بان يدخل الى حالة العجز. إذ يمكن القول بيقين انه لولا ورطاته القضائية لما كانت هذه حكومته ولما كانت هذه بالتأكيد ميزانية الدولة للسنتين القادمتين.
اخرج وتعلم من كل هذا كيف كانت ستبدو الدولة اليوم، لو ان هذه الحكومة كانت قد نجحت في تنفيذ الانقلاب النظامي. كانت ستكون لنا اليوم محكمة عدل عليا اخرى، فقرة تغلب وحكومة يمكنها أن تفعل كل ما يروق لها.