خالد العميري
عمان – تسترجع ذاكرة الأردنيين، فصول المشاركة التاريخية الأولى للمنتخب الوطني للسيدات لكرة السلة، الممتدة لنحو ستة وعشرين عاما، وتحديدا في العام 1995 من بوابة بطولة آسيا للسيدات التي أقيمت في "شيزوكا" اليابان آنذاك، لتحمل النسخة المقبلة من المستوى الثاني للبطولة الآسيوية التي يستضيفها الأردن خلال الفترة من 7 إلى 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، المشاركة التاريخية الثانية لـ "صقور السيدات" على مستوى الفريق النسوي.
وشاركت الأردن في بطولة آسيا تحت 18 عاما بنسخة العام 1996 التي أقيمت في بانكوك، وبطولة آسيا تحت 16 عاما بنسخة العام 2013 التي أقيمت في كولومبو، فيما تعد النسخة الثانية والعشرين من بطولة آسيا للسيدات تحت 18 عاما والتي استضافتها الأردن العام 2014، آخر ظهور للسيدات في المحافل الآسيوية.
وفي العودة إلى تفاصيل المشاركة التاريخية الأولى للمنتخب الوطني للسيدات في البطولة الآسيوية، قام اتحاد كرة السلة خلال فترة الراحل عواد حداد، بتجميع فريق بهدف تحضيره للمشاركة في كآس آسيا 1995 باليابان تحت إشراف المدرب الوطني فادي الصباح آنذاك، لكن كثرت الحواجز والعقبات وغابت مصادر التمويل، لتقوم الكاتبة ألين بانيان آنذاك بنشر تقرير في "الجوردان تايمز" تحدثت من خلاله عن حقيقة أن المنتخب الأردني للسيدات لن يسافر إلى اليابان، لحاجة الفريق إلى تأمين نحو 5 آلاف دينار!.
ما هي إلا ساعات معدودة على نشر المقال، حتى تلقى اتحاد كرة السلة اتصالا هاتفيا من مكتب سمو الأمير الحسن بن طلال – الذي قرأ المقال آنذاك – مؤكدا جاهزيته وسمو الأميرة ثروت الحسن لدفع العجز المالي، والإصرار على مشاركة منتخب السيدات لتمثيل الأردن في المحفل الآسيوي، وهو ليس بالحدث الغريب عن العائلة الهاشمية بقيادة عميدها جلالة الملك عبدالله الثاني، الرياضي الأول والداعم الدائم للرياضة والشباب الأردنيين.
ويقول المدرب السابق لمنتخب السيدات فادي الصباح، والذي يعد جزءا من فريق خبراء التدريب في الاتحاد الدولي لكرة السلة - خطة تنمية آسيا: "تقديرا لدعم سمو الأمير الحسن وزوجته الأميرة ثروت ومساهمتهما السخية، قدمنا كرة سلة موقعة من قبل جميع اللاعبات والجهاز الفني آنذاك".

وبينما يستعد منتخب السيدات لعودة طال انتظارها إلى المنافسة الآسيوية، يضيف: "بصفتي مدربا للمنتخب الوطني في العام 1995، اتفقت مع الممثل الكوميدي وودي آلن على أن 80 ٪ من نجاحنا كان مجرد ظهورنا في البطولة، أنا فخور بالجيل الجديد من اللاعبات وسأشجعهن حقا في عمان، كما أنني أثق في اتحاد كرة السلة وخططه لتطوير كرة السلة النسوية، حتى يصبح الأردن مشاركا دائما في بطولة آسيا لكرة السلة للسيدات".
فيما تشير اللاعبة السابقة تالا الموج - محامية وعضو سابق في اتحاد كرة السلة: "في العام 1995، كانت مشاركة لاعبة شابة من الأردن في بطولة آسيا لكرة السلة للسيدات في اليابان حلما بعيد المنال، لكن الحلم أصبح حقيقة بفضل المساعي والجهود التي لا تنتهي من أؤلئك الذين آمنوا بالمنتخب الأردني لكرة السلة للسيدات".
وتابعت: "مدربنا في ذلك الوقت فادي صباح فعل كل ما بوسعه للفريق، وواصل منحنا الأمل والدعم على الرغم من الصعوبات المالية والاجتماعية واللوجستية! حتى اللحظة الأخيرة لم نكن نعرف ما إذا كنا سنقوم بالرحلة حتى تؤتي كل الجهود ثمارها ونصل إلى اليابان!".
واستطردت: "نجحنا في الفوز بإحدى مبارياتنا في تلك المنافسة، لكن التجربة كانت جيدة بما فيه الكفاية، حيث الإثارة واندفاع الأدرينالين، لقد كانت التجربة بأكملها ساحقة على جميع الجهات الاجتماعية والمهنية والجغرافية والثقافية والشخصية، أعتقد أنها كانت نقطة تحول في حياتنا".
وأتمت حديثها بالقول:"لقد خسرنا في جميع المباريات حتى تذوقنا الفوز الجميل في مباراتنا ضد إندونيسيا، والتي كانت آخر مباراة لنا، مما سمح لنا بالحصول على المركز الخامس في مجموعتنا المكونة من 6 منتخبات، كان هذا الانتصار فريدا من نوعه، شعور سأعتز به إلى الأبد على الرغم من كل الآلام الجسدية والضغط النفسي والإصابات".
بدورها، تقول د.سيرسا نغوي، لاعبة المنتخب النسوي في العام 1995: "للأسف، يرغب جميع صناع القرار في الرياضة بالفوز في البطولات والميداليات فقط، نعلم جميعا أنه في كل بطولة يمكن لفريق واحد فقط الفوز بالميدالية الذهبية، لكنني أجزم أن الفرق الأخرى تفوز بالعديد من الأشياء غير الملموسة، مثل متعة المنافسة وحب اللعبة وفرصة التعرف على أشخاص جدد ورؤية ثقافات جديدة، هذه هي الأسباب الحقيقية التي تجعلنا نلعب ونحب الرياضة".
واختتمت: "لقد استمتعت بكوني جزءا من الفريق الأردني الذي لعب باليابان في العام 1995، وأتمنى أن تحصل كل لاعبة أردنية على نفس الفرصة".
وضمت بعثة سيدات الأردن المشاركة في البطولة الآسيوية آنذاك، الراحلة منى جنحو رئيسة للوفد وفادي الصباح "مديرا فنيا" وألين بنايان "إدارية"، واللاعبات: الراحلة جمانة السلطي، رنا الحسيني، أنديرا قسيسية، رانية الدجاني، تالا الموج، هند الغوري، سيرسا نغوي، تتيانا قردن، سهير المقوسي، هلا المحيسن، جيهان عبد النور، زين شعشاعة، فيما غابت اللاعبات ديما شديد وتمارا الخضرا ورانية ابو خضر عن مرافقة الفريق في رحلته إلى اليابان.
وخسر المنتخب الوطني للسيدات أمام منتخبات، الفلبين (79-41) وماليزيا (82-38) وهونغ كونغ (65-45) وتايلاند (71-42)، فيما حقق فوزا وحيدا على أندونيسيا (58-55).
يبدو أن تفاصيل "رحلة الحنين" التي وجدت لمسة ملكية لإنقاذ كرة السلة للسيدات وضمان تمثيل الأردن ببطولة آسيا في اليابان للمرة الأولى في العام 1995، وقام بتوثيقها رئيس الاتصالات السابق في الاتحاد الدولي لكرة السلة "فيبا" ماجشواران سابا، قد تشكل حافزا للاعبات "صقور السيدات" من أجل الظهور بشكل لائق، خاصة وأن اتحاد كرة السلة لم يبخل يوما في توفير متطلبات النجاح كافة التي يحتاجها الفريق، للتتويج باللقب وخطف بطاقة التأهل إلى المستوى الأول من نهائيات كأس آسيا لكرة السلة للسيدات.

