سماح بيبرس
دعت دراسة صادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبالتعاون مع الأمم المتحدة في الأردن، للنظر في إصلاح الضريبة العامة على المبيعات وبرنامج الحماية الاجتماعية في الأردن، بحشد الموارد مع الحفاظ على نسب مخفضة من الضريبة العامة على المبيعات على سلع وخدمات يجري استهلاكها على وجه التحديد من الفئات الهشة (المستضعفة).
وأكدت الدراسة التي حملت عنوان "الضرائب وحشد الموارد- النهج القائم على حقوق الانسان لمعالجة أوجه عدم المساواة"، ضرورة إعادة النظر في زيادة العبء الضريبي على فئات معينة من الأشخاص، وبالتحديد ذوي الدخل المرتفع، لتحقيق أقصى حد من الإيرادات من دون أن يكون لذلك أثر سلبي غير متناسب على من يعيشون أوضاعا هشة.
وأضافت، بأنّه من الضروري اجراء مراجعة للنسب والاتفاقيات الضريبية الحالية، بخاصة تلك المتعلقة بالسلع الكمالية، وإعادة النظر في تحويل مبالغ من الإيرادات الضريبية، للحد من أوجه عدم المساواة في الدخل.
وقالت إنه يتوجب إجراء دراسة تحليلية جديدة للعبء الضريبي، باستخدام أحدث وأفضل البيانات، تأخذ بالاعتبار الضرائب والاتفاق على الحماية الاجتماعية بشكل مشترك. ويُمكن إجراء دراسة تحليلية لهذا العبء، باستخدام نماذج المحاكاة الدقيقة للمنافع الضريبية.
وكان المجلس بالتعاون مع الأمم المتحدة، أطلقا الدراسة امس، بالتزامن مع الذكرى الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الانسان بشأن القوانين المطلوبة من الدول، للوفاء بالتزاماتها نحوها، لاحترام وحماية وإعمال الحق بالمساواة وعدم التمييز.
وقال رئيس المجلس د. موسى شتيوي، إنّه ومع الإنجازات الكبيرة التي تحققت في حقوق الانسان بالمملكة، لكن ما يزال هناك اجراءات يمكن اتخاذها لتخصيص الموارد المالية واعادة توجيه الانفاق العام، وترتيب الاولويات لتعزيز النمو الاقتصادي، تجاه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأشار الى أنّه وبعد مرور 3 عقود على الشروع في الإصلاحات الهيكلية، ما يزال الاقتصاد الاردني يواجه تحديات كبيرة مستمرة، بسبب الاعتماد على المستوردات، والأزمات الإقليمية، وارتفاع معدلات البطالة، وعدم المساواة، وارتفاع معدلات الفقر وموجات اللجوء القسري.
وبين أن هذه التحديات أدت لحدوث عجز مرتفع في الموازنة؛ وزيادة في الإنفاق العام، رافقها تباطؤ في عجلة النشاط الاقتصادي بمعدل لا يتجاوز الـ2 % الأعوام الماضية، إذ بلغ العجز في الموازنة 6.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الماضي، وارتفع الدين العام، ليبلغ أكثر من 110 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وذكر شتيوي، أن الهيكلة الضريبية شهدت تغييرات خلال الأعوام 2000 – 2021، عبر زيادة حصة الضرائب المباشرة وغير المباشرة في الإيرادات المحلية، وبرغم هذه الاصلاحات الضريبية ما تزال الضريبة العامة على المبيعات تشكّل 69.9 % من التحصيلات الضريبية، بينما تشكل ضريبة الدخل 20.4 % فقط منها، ما تترتب عليه آثار عديدة على المساواة الاجتماعية.
وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في الأردن شيري ريتسيما-أندرسون في حفل الاطلاق، إن حقوق الإنسان تتراوح بين الحق الأكثر جوهرية، وهو الحقّ في الحياة، إلى الحقوق التي تجعل الحياة جديرة بأن تُعاش، مثل الحق في الغذاء والتعليم، والعمل والصحة والحرية.
وبينت أن اقتصاد حقوق الإنسان، يسعى لانتصاف الأسباب الجذرية والعوائق الهيكلية التي تحول دون الوصول للمساواة، والعدل، والاستدامة، بإعطاء الأولوية للاستثمار في الحقوق.
وذكرت بأن الأمم المتحدة، تسعى لتوفير أقصى قدر من الحماية الاجتماعية، والتعليم الجيد والرعاية الصحية للجميع؛ والوصول للعدالة وسيادة القانون؛ والحريات الأساسية، وأوسع مساحة مدنية ممكنة.
ولفتت الى أن ذلك يشمل توفير أقصى قدر من الحماية الاجتماعية، والتعليم الجيد والرعاية الصحية للجميع؛ والوصول للعدل وسيادة القانون العمل الفعال، لأجل البيئة والمناخ؛ وضمان الحريات الأساسية، وأوسع مساحة مدنية ممكنة، ما يعني الوفاء بالتزامات أجندة التنمية المستدامة 2023.
وذكرت بأن موجز السياسة، أكد أهمية الاستثمار في هذه المجالات، وتصحيح مسار النفقات العامة لإعطاء الأولوية لاحتياجات الناس وحقوقهم.
وذكرت بأنّ النهج القائم على حقوق الإنسان، لا يقتصر على الاستثمار في الحقوق حسب، بل يتضمن أيضاً مراجعة السياسات الاقتصادية والمالية بشأن تأثيرها على حقوق الإنسان، لضمان عدم زيادة الفوارق/ أوجه عدم المساواة وعدم ترك أحد خلف الركب، وعلينا ضمان استرشاد السياسات الاقتصادية ونماذج الأعمال بمعايير حقوق الإنسان.
وقالت الدراسة، إنه ينبغي بأن يكون النظام الضريبي الجيد تصاعديًا في التكليف، وأن يكون له تأثير إيجابي وغير تمييزي، كما ينبغي أن يتواءم مع القرارات الاستثماريّة المحليّة والدولية التي تعزز الشمولية، وتشجع على ممارسة الحوكمة الرشيدة، وتتطابق مع وجهات نظر المجتمع حول التوزيع المناسب للدخل والثروة.
وقالت إن المسألة لا تتعلق بمجرد جمع الإيرادات بتغيير القوانين والأنظمة (اللوائح)، لحشد الايرادات، بل تتعّلق بإدخال إصلاحات طويلة المدى لتحقيق العدالة الاجتماعيّة. كما أنه من الضروري حشد الإيرادات، لتغطية الاحتياجات التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بوتيرة تواكب النمو الاقتصادي واعمال حقوق الانسان.
ووفق الالتزام بالحد الأقصى من الموارد المتاحة، يجب أن يكون النظام الضريبي العادل قائمًا على مبدأ التكليف التصاعدي، ومجهّز بقدرات توزيعية حقيقية، كما يجب أن يضمن المساواة وعدم التمييز.
وأكدت الدراسة، أنّ النظام الضريبي القوي ينبغي أن يتسم بالكفاءة الاقتصادية، والبساطة والمرونة، والمسؤولية السياسية، والعدل.
وتشير الكفاءة الاقتصادية، الى أنّ أي نظام ضريبي لا يتدخل في التخصيص الفعال للموارد، أمّا البساطة، فتعني أن النظام الضريبي سهل وغير مكلف نسبيًا إداريا، أما المرونة فتشير للنظام الضريبي القادر على الاستجابة للتغييرات في دورات أنشطة الأعمال الاقتصادية والصدمات.
وبشأن المسؤولية، فتشير لإمكانية تصميم النظام الضريبي، ليمكن الأفراد من التحقق مما يدفعوه، وتقييم الدقة التي يعكس النظام بوساطتها ما لديها من تفضيلات.
وأخيرا، فإن العدل يشير لوجود نظام ضريبي عادل في معاملته النسبية لمختلف الأفراد.
وأوصت الدراسة، بضرورة أخذ مبادئ حقوق الانسان (الحق في المشاركة في الشؤون العامة، والحق في المساواة وعدم التمييز، ومبادئ الشفافية والمساءلة) بالاعتبار عند تصميم وتنفيذ الضرائب والموازنات، مع الإشارة الى أنّ النظام الضريبي المرغوب به، والذي يعتبر عادلاً، يستطيع تعزيز الثقة بين الحكومة والناس.
وأكدت الدراسة، أنّ إجراء تقييم لأثر حقوق الانسان على الإصلاحات المخطط لتنفيذها، ومراجعة الروابط مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتأثيرات على المستويات المعيشية، وعدم المساواة في الدخل في الأردن، وإجراء دراسة تحليلية لكل من يحتمل بقاؤه خلف الركب، وخصوصًا النساء والأطفال، ومن يعيشون في أوضاع هّشة، بغرض التخفيف من التأثيرات السلبية.
ودعت لمراجعة وفحص تنفيذ التشريعات أو السياسات أو الممارسات المالية من حيث تأثيرها على التمتع بحقوق الإنسان في الأردن، وضمان الشفافية والمشاركة البناءة بتنفيذ العمليات.
كما أكدت أهمية ربط تحصيل الإيرادات من السلع العامة، بزيادة خدمات الحكومة عبر زيادة الاستثمارات العامة في قطاعات التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والأمن الغذائي، وتدابير التخفيف من آثار تغير المناخ، وزيادة الوعي حول هذه النفقات التي ستعزز جميعها رغبة المواطنين بدفع الضرائب.
وأشارت لتعزيز المساءلة والشفافية بتحصيل الايرادات عبر نشر مكونات تفصيلية للإيرادات المحلية من الضرائب والرسوم التي يجري تحصيلها، وربطها مع الاتفاق من أجل الإعمال بحقوق الإنسان في مجال التعليم والصحة والنقل والبيئة وغيرها، وعلى غرار ما يعمل به حاليا لإظهار النفقات في الموازنة المتعلقة بتغير المناخ والأطفال والنساء.
وبينت أهمية نشر مراجعة نصف سنوية دوريا، تتضمن بيانات عن التوقعات الاقتصادية الكلية والمؤشرات غير المالية، لتحسين شمولية الموازنة، وتحفيز القطاع الخاص والشركات لتبني منهجية الاعمال المستدامة من أجل الإعمال بحقوق الإنسان، بخاصة في المناطق الريفية.
كما أكدت بذل جهود أكبر لمعالجة التهرب الضريبي وتمكين السلطات من استهدافه.
ودعت لبناء نظام للخصم الضريبي يشمل الشركات والمواطنين، ويدعم النظام الضريبي الذي يعمل بمبدأ التكليف التصاعدي، و(رسمنة) إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد بتسجيل المواطنين العاملين القطاعات غير النظامية.
وسيدفع معظم هؤلاء الموطنون مبالغ محدودة من الضرائب؛ نظراً إلى أن مستويات دخولهم متدنية على اساس مقارن، لكنهم سيستفيدون من كونهم جزءاً من نظام الخصم الضريبي، بما في ذلك لأغراض الحماية الاجتماعية.
https://alghad.com/24-2-%D9%86%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B6%D9%8A/
اضافة اعلان