طارق الدعجة - ما زالت القيود غير الجمركية التي تفرضها كثير من الدول على معاملاتها التجارية مع الأردن وتأخير إجراءات تسجيل الدواء الأردني في أسواق التصدير تشكل أبرز التحديات التي تقف عائقا أمام نمو وتطور القطاع والصناعات الدوائية في المملكة، وفق ما أكده خبراء.
وشدد الخبراء لـ"الغد" على أن قطاع الصناعات الدوائية يمتلك فرصا تصديرية واسعة غير أن المعيقات التي تضعها الدول تحرم القطاع من استثمار هذه الفرص بالشكل المطلوب.
وأشار هؤلاء إلى أن تحديات أخرى تواجه قطاع الصناعات الدوائية تتمثل في ارتفاع كلف الطاقة التي تشكل أكثر من 11 % من كلف الإنتاج بالإضافة إلى تزايد المستوردات وبيعها بكلف أقل من إنتاجها محليا ما يضعف المنافسة والقدرة على التوسع وزيادة الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي والمهم.
وشددوا على ضرورة تطبيق المعاملة بالمثل مع الدول التي تفرض قيودا تمنع وتأخر دخول منتجات الدواء إلى أسواقها كون ذلك يعتبر أبسط حقوق وإنصاف الصناعة الوطنية بالإضافة إلى أهمية تعزيز البحث العلمي وإعادة النظر بكلف الطاقة.
ولفتوا إلى أن الاهتمام الملكي بقطاع الصناعات الدوائية يتطلب وجود إستراتيجية واضحة لزيادة نمو وتطور القطاع ليصبح الأردن مركزا إقليميا للمنتجات الدوائية في ظل القدرات الإنتاجية الكبيرة التي يمتلكها.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أكد خلال لقائه في قصر الحسينية الثلاثاء الماضي ممثلين عن القطاع الدوائي أهمية الحفاظ على دور الأردن الريادي وصادراته في مجال إنتاج الأدوية.
وأشار جلالته، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، إلى أهمية التعاون بين المؤسسات لتذليل أي عقبات تعترض عمل القطاع الدوائي.
بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن م.فتحي الجغبير إن "الصناعة الدوائية الأردنية تحتل مكانة مرموقة ورائدة على مستوى المنطقة، إذ شكلت قصة نجاح بحد ذاتها بما حققته من إنجازات وتطور خلال السنوات الماضية.
وبحسب الجغبير، بلغ حجم إنتاج قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية ما يقارب 1.62 مليار دينار سنوياً، يشكل ما نسبته 8 % من إجمالي الإنتاج القائم للقطاع الصناعي الاردني، كما وتسهم تلك الصناعات بما نسبته 4 % من الناتج المحلي الإجمالي، من خلال ما توفره عملياتها الانتاجية من قيمة مضافة تصل الى ما نسبته 55 % من إجمالي الإنتاج القائم للقطاع.
واكد الجغبير جودة المنتج الأردني وقدرته العالية على منافسة المنتجات الأخرى، جراء تطبيقها لأفضل المواصفات والمقاييس العالمية، إذ جاءت الأسواق العربية أبرز الوجهات التصديرية للقطاع التي استحوذت خلال العام 2022 على أكثر من 86 % من اجمالي صادرات القطاع أبرزها السعودية والعراق بينما جاءت الولايات المتحدة كأبرز الشركاء من غير الدول العربية لصادرات القطاع بأكثر من 8.2 %.

وشدد الجغبير على ضرورة زيادة الاعتماد على المنتج الوطني واتخاذ السياسات اللازمة للحد من المستوردات لتقليل العجز في الميزان التجاري.
وأشار الجغبير إلى قطاع الصناعات الدوائية الذي يواجه العديد من التحديات في مقدمتها ارتفاع كلف الإنتاج والتصنيع، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الإنتاج بالإضافة الى ندرة مصانع ومنتجات المواد الأولية لإنتاج الأدوية وارتفاع حجم المستوردات الدوائية بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة، ومنافستها للمنتجات المحلية، بسبب تواجدها بأسعار منخفضة.
وأوضح أن قطاع الصناعات الدوائية يواجه أيضا العديد من معيقات التصدير، ومنها إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية وخاصة العربية منها، بسبب ضعف مستويات التسويق والترويج بالإضافة الى معيقات إدارية غير جمركية، تفرضها بعض الدول، وتعرقل حركة انسياب البضائع والصادرات الأردنية إلى أسواقها.
وقال الجغبير "المرحلة المقبلة تتطلب دعم إعمال القطاع، وضمان تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي والتي وضعت عدة أهداف للارتقــاء بالصناعات الدوائية في الأردن، وتماشياً مع أن يصبح الأردن مركزاً إقليمياً للمنتجات الدوائية، وذلك من خلال التطبيق الفعلي لكافة الأولويات والمبادرات التي تضمنتها الرؤية مع إجراء المتابعة والتقييم المستمر، للتغلب على كافة التحديات والمعيقات التي تقف عائقاً أمام تطور القطاع".
وشدد على ضرورة زيادة مخصصات البحث العلمي والتطوير ضمن الموازنة العامة للدولة لتعزيز هذا المفهوم ضمن المؤسسات والدوائر الرسمية، بالاضافة إلى دعم مخصصات الجامعات والمؤسسات التعليمية باعتبارها المصدر الرئيس لتعزيز مفهوم البحث والتطوير.
وأكد أهمية التوجه لتنويع الصادرات من خلال تبني سياسات تسويقية وترويجية للصناعات الدوائية محلياً وإقليمياً، او المشاركة في المعارض الدولية، وتبسيط إجراءات التسجيل لتمكين المنتج الوطني من الدخول للسوق المحلية ولأسواق التصدير، والعمل على رفع الحصة السوقية للدواء الأردني بشكل عام وذلك من خلال؛ وضع سياسات لإحلال الدواء الأردني بدلاً من الأجنبي.
وقال ممثل قطاع الصناعات العلاجية واللوازم الطبية في غرفة صناعة الأردن د.فادي الأطرش إن "صادرات القطاع تواجه تحديات بسبب وجود معيقات تفرضها العديد من الدول أمام صادرات منتجات القطاع ما يعرقل إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية وخاصة العربية منها التي تضع معيقات إدارية غير جمركية أمام الصناعة الأردنية".
وأوضح أن تسجيل الدواء الأردني داخل السوق المصري على سبيل المثال يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة الأمر الذي يحد من زيادة صادرات القطاع على عكس الإجراءات المحلية المبسطة عند تسجيل الدواء المستورد.
وأشار الاطرش الى تحديات تواجه القطاع تتمثل في أمور عدة في مقدمتها ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج عالميا وكلف التصنيع محليا بما فيها أسعار الطاقة التي تشكل 11 % من كلف الإنتاج بالإضافة إلى غياب الحوافز التي تشجع على الاستثمار في القطاع.
ولفت الأطرش إلى تحديات أخرى تتعلق بصغر حجم السوق المحلي وكذلك سياسات التوطين للصناعات الدوائية والإستراتيجية في دول الجوار.
وشدد الأطرش على ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل على الدول التي تفرض قيودا على الدواء الأردني وتعزيز تنافسية الدواء الأردني محلياً وعالمياً من خلال تخفيض كلف الطاقة ومن ح الموافقات اللازمة لمشاريع الطاقة البديلة.
وأوضح أن أبرز الصادرات من الأدوية الوطنية هي الأدوية ذات الأشكال الصيدلانية الصلبة (حبوب وكبسولات) كالمضادات الحيوية، مخفضات الحرارة، أدوية الجهاز الهضمي، أدوية القلب، أدوية الحساسية، بالإضافة إلى الشرابات والسوائل، المراهم الجلدية، بخاخات أنفية وغيرها.
ولفت الى أبرز المستوردات من الأدوية المتمثلة في الأمصال والمطاعيم، الأدوية البيولوجية، أدوية السرطان، أدوية الجهاز التنفسي كأدوية الربو، أدوية أمراض القلب والسكري وغيرها.
وبحسب الأطرش يضم القطاع 151 منشأة، برأس مال مسجل يصل لنحو 341 مليون دينار، فيما يبلغ عدد المصانع الأردنية خارج المملكة 15 مصنعا، تتواجد في السعودية والجزائر ومصر والمغرب والسودان.
وأشار إلى أن قطاع الصناعات الدوائية يوظف نحو 7 آلاف موظف وموظفة معظمهم من الأردنيين تشكل النساء العاملات منهم 35 %، ويصدر منتجاته لأكثر من 80 سوقا خارجيا من خلال 24 منشأة صناعية بحجم صادرات بلغت 692 مليون دينار خلال العام الماضي 2022.
وأشار الأطرش إلى أهمية التسريع بإنجاز أعماله من خلال الأتمتة والتشاركية بين القطاعين والتوسع وتوطين الأدوية البيولوجية من خلال استقطاب شركات عالمية واستثمارات من أجل التعاقد مع الشركات المصنعة الأردنية التي أصبحت تشكل جزءا كبيرا من الفاتورة العلاجية، إلى جانب تسديد مستحقات شركات الأدوية على الحكومة.
ولفت إلى إحصاءات لمركز التجارة العالمي، تشير إلى أن المملكة تمتلك العديد من الفرص التصديرية لمختلف دول العالم بالعديد من القطاعات الصناعية بمقدمتها الصناعات العلاجية واللوازم الطبية والتي قدّرت بما يزيد على 515 مليون دولار لمختلف الدول.
وقال "يتطلع القطاع الى توسيع نطاق صادراته جغرافياً من خلال التوجه نحو الأسواق الأفريقية، والتي تتمتع بمستوى عالي من الطلب على الأدوية والمحضرات الصيدلانية واللوازم الطبية، ما يتيح فرصة كبيرة داخل تلك الأسواق امام المنتجات الدوائية الأردنية، ويقدر حجم الفرص التصديرية الاردنية للصناعات الدوائية داخل السوق الأفريقي بما يزيد على حوالي 100 مليون دولار".
وشدد الأطرش على ضرورة العمل المشترك من أجل تنويع التركيبة السلعية والجغرافية للصادرات الوطنية، وزيادة درجة الابتكار في الصناعة الوطنية بالإضافة إلى وضع خطة إستراتيجية واستثمارية للإنتاج عقاقير بيولوجية وتيسير الوصول لبيانات الملكية الفكرية وتنمية البحث والتطوير للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأسواق العالمية غير التقليدية.
وأكد الأطرش أهمية تقديم الدعم للمنتج الوطني، من خلال تخفيض كلف الإنتاج، لجعله أكثر تنافسية بالنسبة للأسواق العالمية بالإضافة إلى الإسراع في رسم خريطة طريق لتحسين البيئة الاستثمارية، سواء على مستوى التشريعات والأنظمة، أو الحوافز الاستثمارية والدعم، لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وكان وزير الصناعة والتجارة والتموين يوسف الشمالي قال في تصريحات لـ"الغد" إن "الوزارة ستعمل على إعداد وتنفيذ خطة ترويج المنتجات الدوائية الأردنية محليا وخارجيا من خلال تبني سياسات تسويقية وترويجية محددة لزيادة حصة المنتج الأردني من الدواء في الأسواق المحلية والإقليمية والدولية والتعريف بمميزاته".
وأوضح أن الوزارة ستعمل على إعداد خطة لأولويات العمل للمرحلة المقبلة لتحسين إنتاجية وتنافسية الصناعات الدوائية ومعالجة التحديات مع الجهات المعنية.
وتسعى رؤية التحديث الاقتصادي للإرتقاء بالصادرات لتصل إلى 2.1 مليار دينار، وتوظيف 16 ألفا، وزيادة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ليصل بعام 2033 إلى 1.7 مليار دينار.
كما تسعى الرؤية لاستقطاب استثمارات للقطاع تقدر بنحو 1.1 مليار دينار خلال عشرة أعوام لغايات الارتقاء بأعماله ليصبح مركزاً إقليمياً للمنتجات الدوائية من خلال استخدام التقنيات وتطوير العقاقير الجديدة والتركيز على التوسع والدخول للأسواق الجديدة، وتحقيق الأمن الدوائي للأردن والمنطقة.
اقرأ المزيد :
