صراع إيران وحلفائها مع إسرائيل.. ما حدود "الانتقام الاقتصادي"؟

صراع إيران وحلفائها مع إسرائيل.. ما حدود "الانتقام الاقتصادي"؟
صراع إيران وحلفائها مع إسرائيل.. ما حدود "الانتقام الاقتصادي"؟
عمان- من المعروف أن إيران تمتلك أذرعا لديها في المنطقة، على رأسها حزب الله والحوثيون في اليمن والحشد الشعبي في العراق، وهي أصلا متغلغة في بلاد الرافدين، وحركات المقاومة الإسلامية، وفي مقدمتها حماس، إضافة إلى تواجدها -أي إيران- في سورية.اضافة اعلان
تسعى طهران، بكل ما أوتيت من قوة، إلى الابتعاد عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل وحلفائها، وفي مقدمتهم أميركا منذ عقود، لكن ما حدث مؤخرا، من ضرب سفارتها بدمشق دفعها للرد ضمن حدود مقبولة أبعدتها عن المواجهة المباشرة والدخول في حرب إقليمية واسعة.
الحادثة التي أدخلت الإقليم كله في مرحلة توتر وتصعيد وتوقع الانزلاق لحرب إقليمية كانت اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية إسماعيل هنية في طهران، على هامش حضوره مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، حيث اغتيل يوم الأربعاء 31 تموز (يوليو) الماضي، ما اعتبر إهانة لطهران ليست بعدها إهانة حول هشاشة النظام الأمني والاستخباراتي الإيراني.
الحديث اليوم كله عن ترقب الرد الإيراني وحليفه حزب الله على إسرائيل، وحزب الله تعرض هو الآخر في عاصمته؛ الضاحية الجنوبية، لاغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر، بغارة جوية نفذتها مسيرة إسرائيلية.
اليوم جميع التكهنات تتنظر الرد الإيراني؛ شكله وطبيعته وقوته، وهل سيكون على نسق الرد في نيسان (أبريل) الماضي، الذي كان فقط أشبه بـ"رفع عتب".
والملاحظ اليوم أن المماطلة في الرد الإيراني ورد حزب الله على جريمة اغتيال هنية، أدخلت الإسرائيليين في حالة من التوتر والقلق وتعطل آخر للأعمال، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها إسرائيل مند بدء عدوانها على غزة، حيث أغلقت موانئ البحر الأحمر وتعطلت أعمال الكثير من الشركات واستهلك الجهد العسكري موازنات مرتفعة وانخفض تصنيف الاقتصاد الإسرائيلي كثيرا، جراء الحرب وانقطاع السياحة وحالة عدم اليقين وغيرها من الأسباب.
وإذا ما استهدف الرد الإيراني وحزب الله مصالح اقتصادية وبنى تحتية مهمة، فإن ذلك سيفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور لإسرائيل.
حسابات إيران وقائمة الأهداف التي يمكن أن تستهدفها بالرد هي وحلفاؤها مما يسمى بمحور المقاومة، ستكون عميقة ومحسوبة بدقة لتجنب حرب واسعة مع إسرائيل وأميركا، فضرب الموانئ الإسرائيلية والبنى التحتية والمواقع العسكرية الحساسة، إضافة إلى حقول الغاز الخمسة ممكن حسب التقديرات، لكن هل لدى إيران الاستعداد لرد من قبل إسرائيل التي تتمنى ضرب البرنامج النووي الإيراني في مهده، وهو أمر تسعى منذ سنوات إلى القيام به، لتبقى المتفردة في المنطقة بامتلاكها السلاح النووي.
ولا ننسى أن أميركا أحضرت ما يكفي من أساطيل وقوات عسكرية وجوية للمنطقة، وحشدتها حاليا لحماية ابنها المدلل في المنطقة (إسرائيل)، وتعلم واشنطن جيدا أن تصرفات إسرائيل قد تجرها إلى حرب، وعلى ما يبدو أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس له حساباته، وأميركا ليست بمعزل عن ذلك الأمر.
إيران ومحورها لديهما قدرة على تنفيذ ضربات وصدمات قوية لإسرائيل، لكن ما بعد ذلك هل تستطيع تحمل تلك الكلفة إذا ما أوجعت شيطان المنطقة "إسرائيل"، لا يبدو ذلك ممكنا، لأن مشروعها النووي وخططها للإقليم لم ينضجا بعد ومصلحتها أولا.
غزة تنزف والإبادة فيها تقترب من العام، وشهداؤها بالمئات يوميا، ولو كانت نوايا إيران صادقة، لما تركت إسرائيل تتفرد فيها، فروسيا، على سبيل المثال، تدخلت في سورية كونها حليفتها الاستراتيجية ولم تترك أميركا تتصرف فيها، وهذا مثال على واقعية التحالفات الصادقة.
يمكن لإيران أن توجع إسرائيل وتكون مستعدة لرد فعل إسرائيلي بأي شكل، وأن تغرق إسرائيل في ظلام دامس بالتعاون مع حلفائها والتخفيف عن غزة، لكن ذلك يبدو بعيد المنال؛ فإرسال المسيرات لساعات حتى تصل أهدافها يعد ضربا من الخيال، خصوصا أنها تسلك الطريق الأبعد بدلا من نقاط قريبة تملك السيطرة فيها، بدلا من إرسالها عبر الأجواء الأردنية، وعبر الأردن بشكل واضح وصريح، وعلى لسان وزير الخارجية المخضرم أيمن الصفدي، أن المملكة لن تسمح لأي طرف باستخدام أجوائها، فالأرجح أن ما سيحصل "زوبعة في فنجان"، ليس أكثر، وبخلاف ذلك سنرى.