كتب اختصاصي علم النفس للمراهقين والأهل والأزواج والعائلة، الدكتور جون دوفي لـCNN عن مشاهداته حول علاقة المراهقين بتطبيق "إنستغرام" الاجتماعي، ما يلي: تتردد على عيادتي فتاة في السابعة عشرة من عمرها، تمضي يوميا زهاء ساعة أو أكثر في إعداد "صورة ذاتية" لها قبل أن تنشرها على "إنستغرام".
تتطلب هذه العملية وقتا حتى تعدل وتنقح صورة ذاتية لها، ترتاح إلى نشرها على حسابها. وقد شرحت لي هذه الآلية مرة في العيادة، مقرة بأن الصورة لا تشبهها.
لكن، ما أن تنشرها حتى تتدفق علامات "الإعجاب"، ما يحفزها على معاودة ذلك في اليوم التالي. وتُعرف بهذه الآلية كالتالي "الإدمان على تقدير الذات".
ووفق ما اختبر دوفي مع المراهقين، فهو يرى أن إنستغرام قد يشكل فضاء مظلما ومقلقا، له تأثير سلبي على عقول الأطفال.
فعدم الشعور بالراحة الكافية لنشر صورة شخصية، على انستغرام، وعلى سبيل المثال، سيلجأون إلى إخضاعها للتنقيح ولتعديل شكل أجسادهم كي تتماثل بأجساد المشاهير أو المؤثرين التي ينظرون إليها أنها مثالية.
وقال دوفي وفق ما نشر على موقع "سي إن أن"، إن "تكرار هذا الأمر هو الإدمان. عدلت الكثير من الفتيات اللواتي ترددن على عيادتي بصورهن كي تتلاءم مع ما يتطلعن أن يكن عليه.
أما الصدمة التي تتلقاها العديد منهن فحين تُنشر صورة لهن من دون تعديل.
يرعبهن هذا الأمر النادر خوفا من الإحراج، أو كي لا يتعرضن للسخرية من مظهرهن، على مستوى الوزن أو الوجه أو الشعر، وسواها. لأن ذلك يشعرهن بأنه سيحكم عليهن من قبل حسابات أخرى يتبعنها".
فعليا، أظهر بحث قامت به شركة "فيسبوك"، أن "انستغرام قد ينتج عنه تأثير سلبي على الصحة العقلية للمراهقين وعلى رؤيتهم لأجسادهم، لا سيما الفتيات منهن".
تقدير الذات لدى الشباب.. يتأثر أيضا
من المهم أن نتذكر أن المراهقين الشباب هم عرضة أيضا لهذه الاضطرابات أيضا.
فالمراهقون ومن هم في مستهل هذه المرحلة (11 إلى 13 عاما) يتابعون حسابات لشبان ورجال آخرين على إنستغرام، يتمتعون برأيهم بأجساد مثالية.
أو هم أكثر جاذبية منهم. يعاني هؤلاء المراهقون من الشعور بعدم الأمان الذي تختبره المراهقات، إنما على نحو أقل علنية.
وقال الدكتور دوفي إن "أحد المراهقين الذي يتردد على عيادتي يلجأ إلى حذف تطبيق إنستغرام عن هاتفه بين فترة وأخرى، حين يرى أن أترابه في الصف لديهم متابعين أكثر أو يحصدون عددا أكبر من علامات الإعجاب منه.
هذا الأمر يدفعه إلى كره نفسه والاعتقاد حقيقة بأنه غير محبوب".
مراهق الإنستغرام.. معالج نفسي!
يحاول الكثير من المراهقين تقديم الدعم لمن هم من جيلهم ويعانون من إحباط أو قلق، ومن قلة تركيز أو اضطراب في الأكل عبر إنستغرام.
فينشرون أقوالا ملهمة، وصورا لوجبات طعام معقولة، أو صورا حقيقية، غير معدلة عن وجوههم وأجسادهم.
هذا الأمر قد يساعد، لكن قد يكون له تأثير خطير أيضا، في ظل غياب اختصاصيين مدربين يراقبون مجالسهم الافتراضية، لا سيما أن الدعم والنصح أحيانا قد ينتج عنه معلومات خاطئة، فستكون غير مجدية، وفي الحد الأقصى خطير
غالبا ما يتداور أطفالنا على لعب دور المعالج النفسي، من دون إشراف شخص بالغ محب وموثوق به حتى يكون حليفهم أو مرشدهم، وسط متاهة هذه الصور والمعلومات المتوافرة على إنستغرام.
الكثير من الأطفال غير مستعدين بعد، على مستوى النمو، لما قد يتعرض له تقديرهم لذاتهم، بناء على هذه المعطيات.
أما الضرر الذي يتسبب به إنستغرام فيقع ليلا حين يكون الأطفال وحيدين، الذين من النادر أن يفصحوا لأهلهم عن الأذى الذي قد يتعرضون له، فضلا عن أن مشاكل تقدير الذات تستمد قوتها من الوحدة.
لم يُهمل جون دوفي ما توصل إليه باحثوا فيسبوك، بأن لإنستغرام تأثيرا إيجابيا على الصحة العاطفية للأطفال.
هذا صحيح. لكن خبرته تقول إن الآثار السلبية الناجمة عن هذا التطبيق تتخطى بأشواط الجوانب الإيجابية.
الوجه المظلم لإنستغرام: حساب سري من النادر أن يعترف مراهق، إن كان صادقا، بأن لديه أكثر من حساب على إنستغرام.
ففي الحساب الوهمي على إنستغرام، المعروف بـ"Finsta" ينتقي المراهقون أشخاصا معينين كي ينضموا إليه، ولا يسمحون للأهل بمتابعتهم.
أما محتوى هذا الحساب السري فهو أكثر عنصرية، وأحيانا غير لائق، ويحظر على البالغين رؤيته.
وبرأي دوفي من وجهة نظر أوسع، فإن إنستغرام أشبه بحقل من الألغام الاجتماعية والعاطفية، حتى بالنسبة لأكثر المراهقين نضجا واستقرارا عاطفيا.
- الغد