"الانتظار".. متى يتحول إلى كابوس تنعدم معه الفرص؟

1695906126079900900
"الانتظار".. متى يتحول إلى كابوس تنعدم معه الفرص؟

أصعب ما قد يعيشه الإنسان هو حالة الركود التي يكون مضطرا فيها لمراقبة الحياة عن بعد فقط بحجة الانتظار. لكن وسط كل ذلك تضيع السنوات والفرص.

اضافة اعلان


الانتظار في النهاية قد يصبح كابوسا عندما تفقد إحساسك بقيمة الوقت ويطفأ الشغف داخلك وتتبدد روعة اللحظات. فبين سعادة لم تكتمل وقرار فقد شرعيته تضيع الكثير من الفرص والأهداف على أرصفة الانتظار.


انتظار غائب لم يعد أو حلم لم يتحقق رغم كل المحاولات أو فرصة للبدء من جديد، لذلك فالانتظار لا يمكن أن يكون الحل لتغير حياتك، السر فقط يكمن في ضرورة تغيير الاتجاه وأن العمل والاجتهاد هما السبيل للنجاح.


الانتظار من دون جدوى هو قتل للروح والأحلام، كما  تقول مريم (33 عاما) التي تلوم نفسها دائما على سنوات ضاعت منها ولم يكن لها الحق في استرجاعها، هي ترى وبعد مرورها بتجارب صعبة أن من الخطأ أن تقبل بأن تكون متفرجا على الحياة وهي تسرق منك أمام عينيك. 


وتلفت إلى أن الانتظار جعلها تدفع الثمن غاليا من عمرها وصحتها. مريم اعتقدت أن الانتظار هو الحل ليتغير  زوجها ويكون شخصا آخر معها يحترمها ويحترم أفكارها، لكن ذلك لم يحدث. حياة بأكملها ضاعت على أمل أن تكون هناك فرصة جديدة تستعيد من خلالها كل ما تخلت عنه، فهي قبل أن تتزوج كانت تحلم أن تدرس وتكون امرأة مستقلة ناجحة.. انفصالها عن زوجها بعد 10 سنوات كان بمثابة درس قاس، لكنها تعلمت منه ألا تنتظر شيئا وأن تجتهد وتقتنص كل الفرص لتحصل على كل ما تريد.


بلال أيضا أتعبه الانتظار وسرق منه شعور الراحة الذي لطالما تمنى أن يعيشه. حلمه في أن يسافر ويعمل في الخارج حرمه من فرص كثيرة مهمة كانت ستحقق له نجاحات كبيرة، لكنه اختار أن ينتظر بدلا من أن يبادر ويجتهد ويبحث حوله عما يغير حياته ويفتح له الباب ليبدأ طريقه نحو النجاح. بلال لم يدرك أنه أخطأ إلا عندما فقد فرصته في السفر تماما. يقول "لا تنتظر أن يتحقق أمر ما لتغير حياتك.. بادر دائما بالتغيير، فقد لا يأتي ما تنتظره أو يأتي محملا بالخيبات". 


وتتفق معه أريج صالح، التي تقول "الكثيرون ينتظرون الظروف لتحقيق أهدافهم، ولكن أحيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فتضيع أحلامهم لأنهم قرروا الانتظار على السعي والعمل وحتى صناعة الفرص، فهي متاحة إذا عرف الشخص كيف يغير اتجاهه، فهناك طرق كثيرة قد نسلكها من دون فائدة فتكون النتيجة اختيار مسار آخر نجد فيه سعادتنا".


الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، يبين أن أصعب ما يحدث هو أن يبقى الشخص مكانه ينتظر أمرا بعينه من دون النظر حوله، بينما الآخرون يستمتعون بالحياة. ويقول "على حافة الانتظار، هناك من يجرب أن يعيش على الهامش؛ جزء منه يريد التقدم والجزء الآخر يريد التراجع".


ووفق مطارنة، فإن من بين الأمور التي ينتظرها الإنسان الفرص، فالبعض يوقف حياته بانتظار الفرص المناسبة التي قد لا تأتي أبدا كما يريد، والبعض الآخر يقتنص الفرص أو يصنعها، وغالبا يعيش الإنسان الذي ينتظر الفرص حياته على هامش الانتظار.


وينصح مطارنة بأن يصنع كل شخص فرصته بنفسه وألا ينتظر من يصنعها له وألا يسمح لأحد بأن يحدد أولوياته بالحياة، لأن ما يحتاجه هو لا يعرفه غيره. كما ينصح بعدم تقديم التنازلات لأنه يلغي الشخصية، فيصبح من الصعب اتخاذ القرارات المتعلقة بالحياة. 


ويلفت إلى أن الكثير من الناس يضيعون حياتهم في انتظار الزوج المناسب أو الوظيفة المناسبة أو السعادة بمنظورهم الخاص، وهنا مهم جدا أن يتبع الإنسان شغفه ليحقق أهدافه. 


ويوضح مطارنة أن البعض يتوقفون عن المحاولة ويستسلمون للانتظار خوفا من الفشل، وهذا خطأ كبير بالتأكيد لأن الفشل يعلم الإنسان كيف يكون ناجحا ويشعره بقيمة ما وصل إليه من نجاحات، فالانتظار ليس الحل أبدا.


وترى خبيرة علم الاجتماع فادية إبراهيم، أن الشخصية الواثقة المتوازنة غالباً ما تعي أهمية المحاولة والسعي بكل الطرق المشروعة من أجل بلوغ أهدافها، فهي تعمل على تطوير ذاتها والبحث عن فرص لتحقيق أحلامها في كل يوم وكل لحظة، ولا تستسلم أبداً عندما تفشل ولا تنتظر الصدفة أو الحظ لتحقيق ما تصبو إليه، لأن الانتظار يعني الوقوف في المكان نفسه دون سعي أو إنجاز، وهو أيضاً إهدار للوقت والعمر، ويدل على الكسل وقصر النظر تجاه قيمة الوقت والحياة. 


لذلك، يجب ألا ننتظر إنما نحرك أحداث حياتنا تحريكا إيجابيا ومؤثرا، وأن نتخلص من عقلية الانتظار؛ تلك العقلية العاجزة عن صناعة المستقبل في سبيل انتظار شيء يمكن أن يحدث ويمكن أن يكون انتظارنا بلا جدوى.


وتضيف "يجب أن نبدأ حتى لو بأقل الإمكانيات والأدوات، ومع الوقت وبالسعي والعمل كل هدف أو مشروع صغير سيصبح كبيرا. كما لا ننسى المشاعر السلبية والمزعجة التي ترافق الانتظار من توتر وقلق وفراغ يقتل بهجة الحياة وزهو النفس، وتحمل الفراغ القاتل الذي كان بإمكاننا أن نستبدله بعمل وإنجاز حتى لو كان أدنى أو أقل من طموحنا وأحلامنا، فلنعلم أنفسنا ونربي أولادنا على خلق وصناعة الفرص بدل انتظارها، ولنتعلم أن الطريق لتحقيق أحلامنا الكبيرة هو محاولات حتى لو كانت صغيرة بدلا من الانتظار".

 

اقرأ أيضاً: 

الفرصة الثانية.. حينما يستحق الإنسان "عيش" مرحلة أخرى أكثر نضجا