الشباب في رؤية التحديث الاقتصادي

نسرين قطامش
نسرين قطامش
نسرين قطامش* ما الفرق بين هذه الرؤية وسابقاتها من أجندات واستراتيجيات وخطط؟ ما الضمانات لتنفيذ تلك الرؤية وألا تلحق بسابقاتها في أدراج المكاتب؟ كيف ستحقق الرؤية أهدافها الطموحة، في ظل متغيرات اقتصادية وتحركات سياسية تزداد تعقيدا يوما بعد يوم؟ كيف ستنعكس هذه الرؤية على نوعية الحياة، وفرص الشباب، ومستقبلهم؟ تساؤلات مشروعة يطرحها الشباب خلال سلسلة الحوارات التي أطلقتها هيئة شباب “كلنا الأردن” حول رؤية التحديث الاقتصادي. فنحن بلد يبدع في رسم الاستراتيجيات والخطط والمبادرات وسن القوانين والأطر التشريعية لكل جانب من جوانب الحياة لكن جميعنا نتفق أن مشكلتنا في تنفيذ تلك الخطط وتفعيل القوانين والأنظمة ووضعها حيز التطبيق على أرض الواقع. وقد تكون التشاركية والتنسيق وتكامل الأدوار هو أهم ما نغفله في خضم انشغالاتنا بمهامنا وأعمالنا اليومية، فقد جرت العادة أن تقوم كل وزراة ومؤسسة بعكس تلك الاستراتيجيات على خططها المؤسسية منفردة وبتنسيق متواضع- إن وجد- مع الوزارات والمؤسسات العاملة في القطاع نفسه. وهذا أول ما يميز رؤية التحديث الاقتصادي، فالمتابع للرؤية ومنذ تشكيل الفريق الذي عمل على صياغتها، سيرى حرص القائمون عليها تحقيق تمثيل غير مسبوق للمختصين والمهتمين في محاورها من القطاعين العام والخاص إضافة إلى مشاركة منظمات المجتمع المدني والشباب والسيدات في فرق العمل التي عملت عليها. ومن ناحية أخرى المتصفح لمحاور الرؤية وأهدافها سيرى أنها بعيدة كل البعد عن القطاعية، فقد جمعت غايتها في ثلاث ركائز نحو مستقبل أفضل: الأول تحقيق النمو الاقتصادي من خلال إطلاق الإمكانات، والثاني النهوض بنوعية الحياة وجودتها، والثالث تحقيق الاستدامة على مختلف المستويات. أما في مرحلة التنفيذ؛ فقد تم تشكيل فرق عمل تضم كافة القطاعات والمؤسسات ذات العلاقة بتحقيق كل محور، بتنسيق وإشراف وزارة التخطيط. الرؤية، رؤية وطن وليست رؤية حكومة. وتحقيقها يتطلب منا العمل جميعا بتناغم وتكامل وتنسيق عال، والتفكير بحلول غير تقليدية، ومبادرات خارج الصندوق، وتذليل الصعوبات والتحديات كافة وعلى رأسها التحول من البيروقراطية في اتخاذ القرارات إلى الرشاقة وسرعة الاستجابة لكل ما هو طارئ. كما أنه يتطلب أن يكون للشباب دورا محوريا في تحقيقها، ومراقبة التقدم والأداء والالتزام بها مؤثرين ومتأثرين بها. فالمليون فرصة عمل التي تعد الرؤية بتوفيرها – في حال تطبيق مبادراتها- وبالرغم من حجم التحدي في إعلان هذا الرقم كمخرج من مخرجات الرؤية، إلا أنه فرصة لشبابنا في مجالات متعددة وقطاعات واعدة. أما استثمار تلك الفرص فيقع على عاتق الشباب أنفسهم، من خلال صقل مهاراتهم بما يتلاءم ومتطلبات سوق العمل الجديدة، واختيار التخصصات غير التقليدية والمهنية المناسبة لتوجهات المستقبل، والتوجه نحو الريادة والإبداع والابتعاد عن انتظار الوظيفة الحكومية. والمجالات التي تقدمها الرؤية كثيرة وكثيرة جدا وبإمكان الشباب العمل في أيٍ منها، لكن هناك بعض المجالات التي سيبدع فيها الشباب أكثر من غيرها من المجالات وأكثر من غيرهم في المجال نفسه. ومن تلك المجالات السياحة، الصناعات الابداعية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن رغبة الشباب وطاقاتهم وشغفهم لا بد أن تحاط ببيئة اجتماعية ومؤسسية داعمة. فلا بد من مأسسة برامج التطوع والمسؤولية الاجتماعية وبناء المهارات والقدرات ضمن خطط عمل واضحة وفرص متكافئة لجميع الشباب في محافظات المملكة كافة. ومتابعة الجهود الرامية لتغيير نظرة المجتمع لبعض التخصصات والوظائف والسعي نحو الوظيفة الحكومية باعتبارها تحقق الأمان الوظيفي، والتخفيف من ضغط المجتمع على شبابنا في هذا الاتجاه. أما فيما يتعلق بجودة الحياة وتحقيق الرفاه الاجتماعي، فنحن هنا أمام فرصة تحدثنا ونتحدث عنها باستمرار- الفرصة السكانية- فنحن مجتمع فتي، يشكل الشباب الغالبية فيه، ومن واجبنا جميعا أن نحافظ على شبابنا وصحتهم من الأمراض المزمنة وعوامل الخطورة المرتبطة بها، فالأرقام والمؤشرات المتعلقة بها مقلقة جدا، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه، فنحن أمام جيل شاب عمرا، محمل بأمراض واعتلالات تؤثر بالضرورة على إنتاجيته وقدرته على المشاركة بفاعلية في سوق العمل. ومن هنا جاءت الرؤية لتضع برامج الوقاية والرعاية الصحية الأولية القائمة على صحة الأسرة وتحقيق التأمين الصحي الشامل محورا أساسيا من محاورها. الحديث عن الشباب موجود ضمنا وتصريحا في كل محور ومجال من مجالات الرؤية، والكرة الآن في ملعبنا جميعا لاستثمار تلك الفرصة وتحويل الرؤية لحقيقة وفعل وواقع. *مدير عام مؤسسة الحسين للسرطان اقرأ أيضاً: اضافة اعلان