"بوح مختلف".. منصات رقمية لنساء ينشدن العدالة في قضايا حقوقية

"بوح مختلف".. منصات رقمية لنساء ينشدن العدالة في قضايا حقوقية
"بوح مختلف".. منصات رقمية لنساء ينشدن العدالة في قضايا حقوقية

منصات قانونية رقمية دشنها خبراء ومتخصصون على مواقع التواصل الاجتماعي، صارت اليوم ملاذا لعشرات النساء اللواتي خضن تجربة الطلاق، وأصبحن في يوم وليلة يعلن أطفالا ويواجهن مصاعب الحياة وحدهن دون سند أو معيل.

اضافة اعلان


هذه المنصات القانونية، على اختلاف مسمياتها، تقدم الدعم النفسي والقانوني للنساء المطلقات، وتسهم في رفع وعيهن القانوني فيما يتعلق بقضايا الشقاق والنزاع وقضايا النفقة والحضانة وكل ما يتعلق بالمحاكم الشرعية.


هذه المنصات التي يدشنها مجموعة من الخبراء القانونيين والمحامين الشرعيين وعلماء النفس والتربية، يقدمون وبشكل يومي استشارات قانونية مجانية بالكامل للمطلقات، فضلا عن تقديم جلسات دعم نفسي للنساء والأطفال بعد الطلاق.


مبادرة "لا تضار"، هي واحدة من هذه المنصات الرقمية التي رافقتها مجموعة الكترونية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعنوان "نشميات معيلات"، وهي مبادرة مجتمعية حقوقية إنسانية، تخص المرأة والطفل بشكل عام، بحسب الدكتورة أفين القضاة مؤسسة المبادرة، وتعنى بحقوق المطلقات وأطفالهن بشكل خاص.


وتهدف المبادرة إلى تمكين الأمهات المعيلات ومساندتهن وأطفالهن اجتماعيا، ونفسيا وقانونيا واقتصاديا ورفع الوعي المجتمعي في أهمية الحضانة المشتركة بعد الطلاق، إضافة إلى العمل على تغيير الصورة النمطية عن المطلقات وأطفالهن، وحفظ حق الطفل بعد وقوع الطلاق بين والديه، وحمايته من التنمر المجتمعي.


كانت منصة "نشميلات معيلات"، ملاذا للثلاثينية رهام أحمد (اسم مستعار) التي انفصلت بعد زواج استمر ست سنوات، لم تتمكن خلالها من الوصول إلى حل جذري لمشاكلها العائلية، فضلا عن رفض طليقها الإنفاق عليها وعلى أطفالها الثلاثة وحرمانها من إكمال دراستها الجامعية.


حالة من التخبط والضياع شعرت بها رهام، بحسب وصفها، لم تكن تعلم ما لها وما عليها بعد أن تركت بيت زوجها برفقة أطفالها تستمع إلى تجارب الآخرين تخاف تارة وتحتار تارة أخرى، إلى أن لجأت إلى تلك المنصة الرقمية التي كانت السند القانوني والنفسي لها لاسترداد حقوقها وحقوق أطفالها.


جلسات نفسية ودعم قانوني وفرصة الالتقاء بمحامين ثقات، هي ما حصلت عليه رهام، من خلال منصة "نشميات معيلات" التي رحبت بها عضوا وقدمت دعما حقيقيا لها أنصفها، وتمكنت من خلالها الحصول على قضية شقاق ونزاع وحضانة لأطفالها وأوصلتها لبر الأمان.


وتسعى المبادرة، وفق القضاة، إلى إيصال معاناة المطلقات وأطفالهن لصناع القرار؛ لتعديل بعض المواد في قانون الأحوال الشخصية الأردني الخاص بالمطلقات، وأطفالهن، والنفقة المنصوص عليها، لضمان المصلحة الفضلى للأطفال كونهم شباب المستقبل.


كما تقوم المبادرة على توعية الشباب المقبلين على الزواج بقداسة الرابطة الزوجية والأسرية، وضرورة الحفاظ على متانة وقوة العلاقة الزوجية.


والتفتت القضاة إلى ضرورة وجود مثل هذه المبادرات، في ظل ارتفاع نسب الطلاق في الأردن، بحسب البيانات الصادرة عن قاضي القضاة.


ويتكون فريق المبادرة، وفق القضاة، من مجموعة من المتطوعين وأصحاب المعاناة والمختصين الذين جمعتهم المعاناة أو الإيمان بالفكرة أو التجربة، أو المطلعين على ما تتعرض له المطلقات غالبا من نبذ وتعنت.


وتسعى القضاة، من خلال هذه المبادرة، إلى العمل على تغيير الصورة النمطية للمرأة المطلقة، والوقوف إلى جانبها، والتي في الغالب هي المعيل الفعلي لأطفالها بعد الطلاق، سواء كانت الإعالة مادية -كون النفقة المنصوص عليها بالقانون غير منصفة، ولا تغطي فعليا مصاريف الطفل، أو إعالة نفسية أو تربوية؛ إذ ليس من الإنصاف إطلاق أحكام مسبقة ومجحفة بحق النساء المطلقات أو حتى بحق أبنائهن.


وتقول القضاة "لا يمكن تجاهل فئة أطفال النساء المطلقات في الأردن، فهم أقل حظا وحقوقهم منقوصة مقارنة بأقرانهم من الأطفال، علاوة على تعرضهم للتنمر من أقرانهم كونهم محرمين من الاستقرار الأسري والعيش ضمن منظومة أسرية دافئة ومترابطة، ومعرضين للكثير من الاضطرابات النفسية بسبب التشتت، وعدم الاستقرار، والتعرض للعنف وفق أصحاب الرأي المختصين".


من هنا، جاء إطلاق هذه المبادرة للمطالبة بحقوق النساء المطلقات وحقوق أطفالهن ومناهضة العنف القانوني المجتمعي عليهم.


كما وتقدم المبادرة استشارات قانونية، إذ يوجد لدى المبادرة فريق قانوني يتكون من مجموعة من المحاميات ومقدمي الدعم النفسي من اختصاصيين وأطباء نفسيين، يقدم خدمات لما يتجاوز 2000 امرأة.


ومن جهة أخرى، تعمل "مجموعة المحامين الشرعيين" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، على نشر الثقافة القانونية الشرعية ومواكبة المستجدات التي تحدث على الساحة القانونية ومتابعة المسائل القانونية والفقهية والتشريعية والتعليق عليها والعمل على جمع المحامين الشرعيين تحت مظلة واحدة تتبنى آراءهم وأفكارهم ومطالبهم، وتهتم بحل مشاكلهم وتسعى لتأسيس جمعية لتنظيم مهنة المحاماة الشرعية أسوة بنقابة المحامين الأردنيين.


كما تسعى "المحامين"، وهي مجموعة تهتم بشؤون مهنة المحاماة الشرعية، إلى فتح قنوات للحوار مع دائرة قاضي القضاة والتنسيق معها لتكون المنبر الذي يستطيع من خلاله المحامون الشرعيون التعبير عن آرائهم وأفكارهم ومطالبهم وإيصال أصواتهم الى المسؤولين في تلك الدائرة من خلال هذا الموقع، وهي بالفعل قد قامت باتخاذ خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، بحيث تكون دائرة قاضي القضاة على اتصال دائم بهذه المجموعة وبالاطلاع على ما يتم نشره فيها.


ولا تقتصر خدمات هذه المجموعة على المحامين فقط، وإنما مفتوحة لكل المهتمين بالقانون الشرعي من المحامين والقضاة والمفكرين والأساتذة وطلبة العلم وكل من يرغب منهم بالاطلاع على المسائل القانونية الشرعية، كما تسعى المجموعة لتقديم النصح والإرشاد والاستشارات للزملاء الراغبين في ذلك ومحاورتهم من قبل مجموعة مختصة بالإجابة عن المسائل الشرعية كافة.


وتهدف المجموعة، بحسب ما تنشره على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، إلى نشر الثقافة القانونية الشرعية، ومعالجة الإشكاليات في القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية والمحاكم الشرعية، ومناقشة الإشكاليات في تطبيقات القانون وإجراءاته أمام المحاكم وتصرفات الزملاء والقضاة ومدى قانونيتها.


رغم أن هذه المنصات الرقمية القانونية مفتوحة للجميع، إلا أن أفين القضاة تولت دراسة مصداقية الحالات التي تتواصل معها، سعيا لبناء صداقات بين الأمهات المعيلات وتمكينهن من تخطي نظرة المجتمع القاسية لهن، إضافة الى تمكينهن اقتصاديا عن طريق إلحاقهن بدورات مختلفة تعود عليهن بالنفع المادي، وتأمين متطوعين حقوقيين يتولون المساعدة القانونية في رفع قضايا النفقة والحضانة التي يحتجنها للبقاء مع أطفالهن.


كما تؤكد، من خلال المبادرة، أهمية الحضانة المشتركة بعد الطلاق، وتغيير الصورة النمطية عن "المطلقات" و"أطفال الطلاق"، مبينة الدور الذي تلعبه الأم المعيلة لأطفالها بعد الطلاق كون النفقة المنصوص عليها بالقانون "غير منطقية"، من وجهة نظرها، ولا تغطي فعليا مصاريف الطفل، إلى جانب مهمة الإعالة النفسية والدراسية والتربوية التي تقع على عاتقها.


وجاءت هذه المبادرة بعد أن أصبحت القضاة أما معيلة؛ حيث اتجهت لتأطير قضيتها بإطار علمي ممنهج، وأخذت على عاتقها دعم الأمهات المعيلات المطلقات حصرا كسعي فردي، إلى أن بدأت بدراسة "التنظيم المجتمعي" وطبقته بإطلاق مبادرتها المسجلة في وزارة الشباب بعنوان "ولا تضار" التي اقتبست اسمها من محكم التنزيل.


وجود العديد من حالات الظلم الواقعة على النساء بسبب الجهل بالقوانين والتشريعات التي تكفل لهن حقوقهن، دفع محمد العزام لإيجاد منصة "شبكة قانونيات الشمال"، آخذا على عاتقه مهمة رفع وعيهن القانوني ليتمكن من الحصول على أبسط حقوقهن.


خجل العديد من النساء البوح بمشاكلهن وما يتعرضن له من سلب لحقوقهن وصعوبة مكاشفتهن لتفاصيل حياتهن، استدعى وجود 12 خبيرة بالمجال القانوني من محافظات إقليم الشمال كافة، بحسب العزام، لتستفيد النساء أكثر.


ويقول "عندما تتعرض المرأة لنوع معين من العنف أو تكون لديها استشارة معينة تحتاج إلى امرأة لتفهمها"، خصوصا في بعض التفاصيل الخاصة، وهو ما دفعه لاختيار قانونيات خبيرات وإشراكهن في المبادرة.


وتستهدف شبكة "قانونيات الشمال"، بإمكانياتها المادية المتواضعة والقليلة والخبرات القانونية العميقة، وفق العزام، سيدات إقليم الشمال، لافتا إلى أهمية أن يكون لديهن في تلك المناطق الوعي والثقافة وأن يكن متمكنات قانونيا.


ويقول "عملت الكثير من مؤسسات المجتمع المدني على تمكين المرأة اقتصاديا وسياسيا، ولكنها غفلت عن الجانب القانوني"، متابعا "أن تمكين المرأة بهذا المجال سيكون له الأثر الكبير على جوانب حياتها كافة".


ويضيف العزام "التمكين القانوني للمرأة يمكنها نفسيا، اجتماعيا، تعليميا واقتصاديا، لأنها تكون أكثر دراية بحقوقها وقادرة على الدفاع عنها وانتزاعها بالرغم من كل العقبات"، مؤكدا أن تمكينه للمرأة هو تمكين للمجتمع بأكمله، وزوجها وأبنائها، باعتبارها اللبنة الأساسية للمبادرة.


ويبين العزام أن هنالك تفاعلا كبيرا من الناس على الصفحة الرسمية للمبادرة على "فيسبوك"، كذلك التواصل مع أعضاء المبادرة؛ إذ أصبحت هناك مطالب بالتوعية القانونية في مجالات أخرى، مثل قانون المالكين والمستأجرين، قضايا الشيكات وما يترتب عليها قانونيا.

 

اقرأ أيضاً: 

المرأة الأردنية.. مشاركات متواضعة وجهود التمكين "تراوح مكانها"