علاقات "متوترة" بين أهال وأبناء.. والسبب عقوبة "سحب" الهاتف الذكي

1695471442981763900
علاقات "متوترة" بين أهال وأبناء.. والسبب عقوبة "سحب" الهاتف الذكي

في اللحظة التي تتأكد فيها والدة الطفل علي (13 عاما)، أنه لم يقم بأداء واجباته المدرسية كما يجب، حتى تبادر بتهديده بسحب الهاتف النقال منه، وحرمانه من التواصل مع أصدقائه عبر المراسلات الإلكترونية، أو ممارسة ألعاب الفيديو.

اضافة اعلان


تيقنت والدته أن هذا هو العقاب الأنسب والأكثر تأثيراً لتغيير سلوك طفلها، في الوقت الذي قضاه واشقاؤه خلال أشهر العطلة الصيفية، يستخدمون الهاتف الذكي للتسلية واللعب والتواصل خلال جلوسهم في البيت، وأثناء وجودها في العمل، وكلما حاولت تقليص ساعات استخدامهم للهاتف، تبوء محاولاتها بالفشل.


لذلك، وجدت أن هذا التعلق يمكن أن يكون سلاحا ذا حدين، وذلك من خلال تحويل حرمانهم إلى عقاب لكل تقصير قد يقومون به، حيث اكتشفت أن العقوبة الأكبر بسحب الهاتف رغم ردة الفعل التي تصدر من الأبناء والتي قد تصل إلى حد "الصراخ والعصبية والعنف والمعاندة".


إحدى الدراسات التي أعدتها شركة متخصصة في اليابان بينت أن "المراهقين وبسبب تعلقهم واستخدامهم المفرط للهاتف، يُعد الحرمان منه لفترات هو العقوبة الأكثر استخداماً بين الأهل، كون الهاتف بات وسيلة التواصل الاجتماعي الأكثر استخداماً من قبلهم، وبخاصة المراهقين منهم.


ولكن، ترى روان جودت، انها كثيراً ما تلجأ إلى استخدام عقوبة سحب الهاتف من طلفها البالغ من العمر عشرة أعوام، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالدراسة، أو حالة اللامبالاة التي تصدر عنه أحياناً بسبب تعلقه بالهاتف، لذلك ترى أن الوسيلة المتاحة لها الآن والأقل ضرراً جسدياً هي "سحب الهاتف منه لحين تعديل سلوكه"، على حد قولها.


وتقول روان إن هذه الطريقة جيدة في أغلب الأوقات، ولكنها تخشى من التعلق بالهاتف في الأوقات اللاحقة، كون لديه استعدادا لأداء أي مهمة يمكن توكيله بها مقابل أن يحصل على الهاتف، لذا ترى أن "الأسلم لصحة ابنها النفسية والجسدية هو تقنين استخدام الهاتف إن تمكنت من ذلك أساسا".


من مختلف النواحي، هنالك هواجس تدور في عقول الأطفال بكل ما يتعلق بالهاتف الذكي، الانبهار ووجود المتعة باللعب أو بمتابعة المقاطع القصيرة، جعل من الهاتف أحد أهم الأساسيات كما أن وجود جهاز الإنترنت في البيت، هو أيضاً لم يعد من الكماليات في المنزل.


ولما لذلك من أثر نفسي على الأبناء، وبخاصة عندما يصبح "سحب الهاتف منهم عنوة هو العقاب الأكثر تأثيرا بهم"، تقول الاختصاصية الأسرة الدكتورة خولة السعايدة إن استخدام الهاتف من قبل الأطفال له الكثير من الآثار النفسية والسلوكية عليهم، ومن الطبيعي أن يكون له تبعات على علاقتهم مع عائلاتهم، خاصة ممن اعتادوا على استخدامه لساعات طويلة، حتى بات هو الملاذ الاجتماعي لهم في البيت والمدرسة والمجتمع المحيط بهم.

 

لذلك، تعتقد السعايدة أن السماح للأطفال بأن يستخدموا الهاتف لفترات طويلة، هو أحد أخطاء الأهل، إذ إن ذلك يجعل من الصعوبة بمكان أن يتم التخلص منه في الوقت المناسب، خاصة وان بات الهاتف وسيلتهم المفضلة والدائمة، والتي تغنيهم عن باقي علاقتهم بالآخرين، لذا، يعاني أولياء الأمور من صعوبة في تخليص الأبناء من الهواتف إلا أن يكون عن طريق المكافأة أو العقوبة.


وتطبيقا لذلك، هناك نظرية علمية نفسية يُطلق عليها "الاشتراط الإجرائي"، وهي عبارة طريقة تتناول قضية التعلم، حيث إن الاشتراط يتحكم في تعديل السلوك، إذ إن "الثواب من النتائج التي تعزز سلوكا ما، أو تزيد من احتمالات تكراره، فإن العقاب يعد من النتائج التي من المفترض أن تقلل من احتمالات تكرار السلوك"، كما جاء في تقرير خاص يتطرق لهذه النظرية.


كما تبين الدراسات العلمية المتعلقة بذلك أن العقاب الذي يمكن أن يتعرض له الفرد، سواء طفل او بالغ، من شأنه أن يُجبر الشخص على تعديل سلوكه بما يتناسب مع العقوبة.


ومن هنا، يلجأ الأهل إلى أن يكون تعديل السلوك بالعقوبة بشكلٍ عام، بيد أن التعلق الكبير بالأجهزة الإلكترونية وبما أنها أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتهم ومتعلقاتهم، دفعت الأهل إلى أن تكون العقوبة تتناسب مع الفعل، وهو الأمر الذي أظهر "مفعوله"، كما تؤكد ذلك الكثير من الأمهات.


عدا عن ذلك، يرى أولياء الأمور أن عقوبة "سحب الهاتف من الأطفال"، عدا عن كونها تدفعهم لتعديل السلوك نحو الأفضل، وتجنب الأخطاء التي ارتكبوها، هناك من يستغلها لتقليل التعلق، إذ ترى السعايدة أن هذا الإدمان يمكن علاجه بالعقوبة وبالتدرج، حتى يصل الطفل إلى قناعة أنه قادر على الموازنة ما بين الهاتف وحياته الأخرى من عائلة ومجتمع ومدرسة، وتساعده على التفاعل الاجتماعي مرة أخرى ما ينعكس على شخصيته فيما بعد.


ولكون الأهل يتعاملون مع الهاتف كونه "عدو الدراسة وأداء الواجبات المدرسة"، يعتقد الاستشاري والخبير التربوي عايش النوايسة أن هذا التعلق الكبير المبالغ فيه من شأنه بالفعل ان يؤثر على المستوى التحصيلي للطالب، لذلك يربط الأهل ما بين العقاب على التقصير بـ "سحب الهواتف منهم كعقاب وكطريقة للتحفير على الدراسة وتحسين مستواهم في الاختبارات".


مع التطور التكنولوجي الذي طال مختلف جوانب الحياة، وبسبب ظهور "التعلم التكنولوجي والدراسة عن بُعد أبان جائحة كورونا"، يرى النوايسة أن هذا ساهم في زيادة اللجوء للهواتف الذكية في العملية الدراسية، وبموافقة ورغبة الأهل، لذلك قد يكون من الصعوبة بمكان أن يتم فصل الطفل أو اليافع عن الهاتف بشكل مفاجئ ودائم"، بل ان اختيار طريقة مناسبة للتعامل مع هذا الأمر يتطلب ذكاء ومهارة من الوالدين للمحافظة على التوازن النفسي والدراسي والتربوي للأطفال.


ومنذ سنوات طويلة اعتاد الأطفال على استخدام التكنولوجيا في اللعب من خلال "البلاي ستيشن"، وكان هناك كثير من الأهل الذين يعانون من تعلق أبنائهم بهذه الألعاب ولساعات طويلة، بل وانها تؤثر على سلوكهم، وهذا ما يراه النوايسة من أن التعلق بالهاتف ليس ظاهرة جديدة، بل هو متابعة لهذا التطور، وسهولة الحصول على الهاتف مما يصعب التقليل من استخدامها إذا لم تكن هناك متابعة من الأهل.


استخدام الهواتف الذكية، أثرت على تفاصيل حياة الطفل بالكامل، سواء من ناحية طريقة التفكير والتعامل مع الآخرين، كما يرى النوايسة، ولكنها في ذات الوقت قد يكون لها تأثير إيجابي، وعليه يجب على الأهل أن يكونوا على دراية وحكمة في طريقة التعامل مع الابن في كيفية تحسين استخدامه للهاتف من ناحية "الوقت والمضمون"، خاصة وأن الأهل هم من يقدمونه للأبناء، ومراعاة مشاعرهم فيما بعد "التقنين" وعدم ربط الهاتف دائما بالعقاب، انما محاورة الابن واطلاعه على السلبيات والإيجابيات.

 

اقرأ أيضاً: 

ما هي السن المناسبة ليحمل الطفل أول هاتف له؟

أطفالنا في خطر محدق.. الهاتف الذكي يؤدي لمشاكل عقلية

إذا بكى طفلك لا تعطيه الهاتف لإلهائه... تلك هي المخاطر