في اليوم العالمي للعمل الخيري.. دعوة لتعزيز الروح الإنسانية وقيم العطاء

في اليوم العالمي للعمل الخيري.. دعوة لتعزيز الروح الإنسانية وقيم العطاء
في اليوم العالمي للعمل الخيري.. دعوة لتعزيز الروح الإنسانية وقيم العطاء

لا يضيع الخير، ولا يذهب سدى، ولا يضيع الله أجر أي عمل صالح، مهما كان صغيرًا. فالإنسان بطبيعته يميل إلى فعل الخير ويستشعر نعمة آثاره على نفسه وعلى الآخرين. من هنا، حثت جميع الأديان السماوية على "إضفاء الطابع الإنساني على الحياة ونشر الخير لكل محتاج في العالم."

اضافة اعلان


 العالم بأسره، بمختلف أطيافه، يتفق على أهمية العمل الخيري في تنمية المجتمعات، لا سيما في المناطق الأقل حظًا والأكثر تضررا بالكوارث الطبيعية والحروب والنزاعات، فقد اعتمدت الأمم المتحدة الخامس من سبتمبر من كل عام يومًا للتذكير والاحتفاء بأهمية العمل الخيري على مختلف الأصعدة، ولتسليط الضوء على دوره في تعزيز الأمن والسلام والتكافل في المجتمعات.


اختيار هذا اليوم للاحتفاء بأهمية العمل الخيري يأتي لإحياء ذكرى وفاة الأم تيريزا، التي كانت تعد إحدى رموز العمل الخيري في الهند. حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979 تكريما لجهودها في مساعدة أبناء شعبها على التغلب على الفقر، الذي يعد أحد أبرز مشكلات بلادها ومنتشرا بشكل كبير. لذا، فإن العمل الخيري عادة ما يرتبط بمحاربة الفقر والعوز في المجتمعات، كحاجة مهمة في سبيل "البقاء على قيد الحياة."


ومن هنا، تسارعت العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية للتذكير بهذا اليوم وأهمية أن يسعى الجميع ليكونوا مؤثرين في عمل الخير، وتقديمه حتى وإن كان بأبسط أشكاله، لما له من قيمة كبيرة. لم يتوان الكثيرون عن الحديث عن اليوم العالمي للعمل الخيري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لحث أبناء المجتمع على أن يكونوا جزءًا من مبادرات خيرية كبيرة يمكن من خلالها مد يد العون وكسب الأجر والثواب في الوقت ذاته. وقد أكد النبي عليه الصلاة والسلام على أهمية ذلك بقوله: "في كل كبد رطبة أجر"، أي أن كل عمل يقدمه الإنسان لأي كائن حي هو خير يؤجر عليه.


عبر حسابه الخاص، وفي هذا اليوم، كتب الشاب محمد بلوي مستذكرًا هذه المناسبة قائلاً: "نؤمن أن العطاء ليس مجرد فعل، بل هو أسلوب حياة. من خلال تقديم يد العون، نصنع عالماً أفضل ونزرع بذورا لغد مشرق. فلنجعل من هذا اليوم فرصة لتعزيز روح التطوع والعطاء، ونحث على المشاركة في أنشطة خيرية متنوعة."


أما محمد الزعبي، فقد دعا في هذا اليوم إلى تسليط الضوء على الجانب الطبي في مجال العمل الخيري، مشيرًا إلى وجود العديد من السبل لتقديم المساعدة وفعل الخير للناس. من بين هذه السبل، التبرع بأجهزة طبية لجمعيات خيرية تقدمها للمحتاجين، أو حتى إعارتها، والمساهمة في تكلفة عمليات جراحية يمكن أن تعيد الحياة للآخرين، وتعيد البصر، القدرة على المشي، والسمع لعدد كبير من الأطفال المحتاجين لمثل هذه الرعاية الصحية.


أما نِهاد كساب، وهي متطوعة تقوم بالكثير من الأعمال الخيرية مع عدد من الجمعيات بالتعاون مع صديقاتها وعائلتها، فتقول إن تقديم كسوة بسيطة لطفل يحمل معاني كبيرة، وتقديم مونة للبيت يسعد قلب أم لا تجد ما تطعمه لأطفالها بسبب مرض الأب أو بطالته. مؤخراً، قدمت نهاد بالتعاون مع إحدى الجمعيات الخيرية مستلزمات مدرسية لمجموعة من الأطفال، وكان لذلك أثر كبير في النفوس، سواء لدى المتبرعين أو الأطفال وعائلاتهم.


وتقول نهاد إن عمل الخير لا يحتاج إلى مجهود كبير، فخدمة بسيطة أو تبرع بما يتوفر لدى الفرد كفيل بأن يرفع معاناة أسرة بأكملها، وهذا من افضل الأعمال الخيرية التي يمكن أن يقوم بها الإنسان من دون الحاجة إلى إجراءات ووقت طويل.


في ظل الصراعات والنزاعات التي يعاني منها الكثيرون في مناطق مختلفة من العالم، يقف قطاع غزة في مواجهة مرحلة صعبة من الحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي. هذا الواقع يستوجب تكاتف المؤسسات الدولية والرسمية والأهلية للوقوف إلى جانب الشعب الغزي، الذي يعاني من سياسة الترهيب والتجويع وتدمير مظاهر الحياة. لذا، هناك دعوة لمضاعفة جهود العمل الخيري لمساعدتهم في تجاوز هذه المرحلة الصعبة.


تكاتفت العشرات من المؤسسات الرسمية والأهلية في الأردن والعالم العربي لمواجهة معاناة الغزيين في هذه الفترة، مما زاد من وتيرة العمل الخيري في مختلف أشكاله. فعلى سبيل المثال، لم تتوقف الهيئة الخيرية الهاشمية عن تقديم عمليات المساعدة والتبرع والتطوع لتقديم المساعدات إلى غزة، من خلال جمع التبرعات وإيصالها إلى داخل القطاع بطرق تضمن وصول الغذاء والدواء ومتطلبات الحياة إلى السكان، سواء عن طريق البر أو من خلال الإنزالات الجوية التي استمرت لفترة طويلة.


سارعت الجمعيات الخيرية المتعددة المتواجدة في الأردن لتقديم العون وجمع التبرعات بكل أشكالها، وخاصة التبرعات العينية. كل جمعية، حسب تخصصها، تقوم بجمع تبرعات غذائية، علاجية، ملابس، خيم بجودة عالية تناسب الظروف المعيشية في غزة، مستلزمات طبية، وغيرها من المواد. يأتي هذا ضمن سعي فاعلي الخير ليكونوا جزءًا من المنظومة المتكاملة في تقديم الدعم للمحتاجين.


تركز الأمم المتحدة هذا العام على أهمية تعزيز روح التضامن العالمي، خاصة تجاه الجهات الأقل حظا والأشد فقرا في العالم. تدعو الأمم المتحدة جميع الجهات والقطاعات، الرسمية والخاصة، للتكاتف في مساعدة المعوزين، سواء كانت مؤسسات كبرى أو جمعيات خيرية صغيرة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في مجتمعاتها وتحسين الواقع المعيشي فيها. رغم ذلك، تعترف الأمم المتحدة أن "القضاء على الفقر بجميع صوره وأشكاله، بما في ذلك الفقر المدقع، هو تحد عالمي هائل ومتطلب أساسي لتحقيق التنمية المستدامة".


يتحدث اختصاصي علم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع عن أن العمل الخيري، بشكل عام، لا يقتصر على المساعدة العينية أو النقدية فقط، بل يشمل أيضاً الأفعال التي يمكن أن تجلب السعادة للآخرين. وهذا يعني أن كل فرد في العالم يمكنه أن يقدم عملا خيريا للآخرين دون الحاجة إلى تكلفة كبيرة. يمكن أن يكون العمل الخيري من غني إلى فقير أو من فقير إلى غني، ومن كبير إلى صغير أو العكس. الأهم هو أن يكون الهدف هو تقديم وعمل الخير.


وبحسب جريبيع، فإن العمل الخيري لا يفرق بين الأجناس أو خلفيات البشر، بل هو عمل إنساني بحت يظهر أخلاق الشخص وقدرته على إيجاد طرق لمساعدة الآخرين. بالإضافة إلى ذلك، ينتقل عمل الخير من شخص إلى آخر، مما يخفف من آلام الآخرين ويدعمهم.


كما يرى جريبيع، فإن عمل الخير ليس فقط مادياً بل أخلاقيا ومعنويا، ويعكس حضارة المجتمع وقدرته على التكافل ومساعدة الناس لبعضهم البعض في أحلك الظروف. ومن شأنه أيضاً أن يساعد على تنمية المجتمعات ويعزز ثقافة العمل الخيري ومأسستها، كما نرى في العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية في مختلف دول العالم.

 

اقرأ أيضاً:

بمناسبة يوم العمل الخيري.. تحية لجهود الإغاثة الأردنية لأهلنا في فلسطين