مبادرون شباب ينهضون بالعمل التطوعي ويرسمون خريطة طريق

تغريد السعايدة – “سعادة.. ارتفاع المعنويات والهمة.. فخر” بهذه الكلمات وصف الشاب خلدون الرباع من مدينة العقبة، شعوره عندما فوجئ باتصال جلالة الملك عبدالله الثاني، ليهنئه ويثني على أدائه لأعماله التطوعية، إذا كانت بمثابة نقطة مضيئة تمده بالعزم للاستمرار والخوض في غمار العمل التطوعي الذي يخدم البلاد ويمثل المحبة والانتماء في النفوس. المستشار الشبابي ومنسق مبادرة “عالم ايجابي” في العقبة خلدون الرباع، الحاصل على العديد من الجوائز المحلية والعالمية، آخرها كان جائزة أفضل شخصية مؤثرة في العمل التطوعي بين مائة شخصية على مستوى العالم للعام 2022، هو أحد النماذج الشابة التي لم تتوان عن تسخير كل ما يستطيع من عمل وجهد تطوعي لتقديمه للوطن، الذي يرى فيه المأوى والمهد. الرباع كغيره من آلاف الشباب الذين يسخرون طاقاتهم في العديد من الأعمال التطوعية في الأردن، لم ينتظروا مقابلاً لذلك، وإنما كان هدفهم النهوض بالوطن وإظهار أشكال متعددة للانتماء، والذي يتمثل كذلك بوجود القدوة الأولى، جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لطالما رعى ودعم الأعمال التطوعية على مدار عقود. وفي الكثير من المحافل يتحدث الملك في هذا الجانب، وهو الأمر الذي دفع الهمة في نسبة كبيرة من الشباب في خلق مبادرات جماعية وفردية، كان لها كبير الأثر في المجتمع، بل حاز المئات منهم على جوائز عالمية كانت خير دليل على قوة العمل والأداء في الشباب الأردني، حتى بات التطوع إحدى السمات الراسخة في نفوس الشباب، كما لوحظ في الجامعات والمدارس والمراكز الشبابية التي أُنشئت وباتت موزعة في مختلف مناطق المملكة. خلال الاحتفاء بعيد الاستقلال العام الماضي، خاطب الملك الشعب مهنئا بهذه المناسبة السعيدة، وفي ذات الوقت، وكالعادة، عرّج في حديثه عن الشباب الذين يرى فيهم المستقبل قائلاً، “الأردن الجديد سيكون مُلكا للأجيال الشابة وهي التي ترسم له معالم الطريق بقوة طموحها وعلمها والانفتاح على المستقبل وحركة التطور العالمية التي لا مكان فيها لشعب يتخلف عن ركبها”. لذا، يرى الشباب في الملك عبد الله الثاني قدوتهم في التطلع للمستقبل بعين الأمل وما العمل التطوعي الذي بات متعارفا عليه الآن في كل محفل شبابي، إلا دلالة على عِظم الإنتماء الذي يقدم للوطن والمواطنين، دون النظر للخلف وانتظار المقابل، “فمن يقدم لوطنه يقدم لنفسه”. الرباع عقب في حديثه، أن جائزته العالمية كانت شرفا كبيرا له كونها تخضع لقوانين دولية صارمة كانت دلالة على قوة العمل التطوعي الأردني الذي قدمه لمجتمعه، وقال “إن ما نقوم به ما هو إلا واجبنا تجاه والوطن والمجتمع وقدوتنا في ذلك جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي عهده الأمين”. وفي حديثه “للغد” يقول الرباع، إن مهاتفة الملك كانت محط أهمية في نفسه وبأنها أكبر جائزة يمكن أن يحصل عليها الشباب المتطوع ودليل اهتمام ومتابعة مستمرة وشغف يملأ القلب، وأن جلالة الملك ومنذ توليه سلطاته الدستورية كان الشباب وما زال محط اهتمامه ودعمة المباشر، مما انعكس إيجابا على تنمية قدرات الشباب وانخراطهم في شتى المجالات الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية، وزاد من عزيمة الشباب للمضي قدما من أجل أردن أجمل. وأضاف الرباع أن سبل الاتصال والتواصل العديدة التي أوجدها جلالته لإيصال ما يحتاج الشباب إليه هو محط احترام وتقدير يسجل في سجل الهاشميين من المحبة والاحترام للشعب الأردني الوفي> ويؤكد بهذا أن الهاشميين كعادتهم، وتشعر بأنهم “أسرة متواضعة ومتسامحة ومحبة لأبناء شعبها وحريصة على الوطن ومتابعة احتياجات المواطن مما يعزز ثقة الشباب ويمنحهم الأمل بمستقبل مشرق”. وانتهز الرباع هذا المقام ليوجه رسالة إلى القائد في عيد ميلاده، ويقول “نحن فخورون بجلالته كما هو فخور بنا منذ توليه العرش ثابتين معه في كل خطوة وفي مختلف الظروف مؤمنين بقدرته على قيادة البلاد.. مستمتعين لخطاباته الأبوية الموجهة لنا وحضوره كان دائماً هو الحافز الأكبر لنا”. وبكلمات البهجة والحماس، يتحدث كذلك الشاب المؤسس والمسؤول في برنامج هندرة التطوعي للشباب محمد المصري عن الحياة التطوعية التي أثرت في شخصيته ومجتمعه بشكل كبير بقوله إن المشاركة الشبابية التطوعية في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني زادت وبشكل ملحوظ بين شرائح المجتمع الأردني بكافة أطيافها، وذلك بسبب اهتمام جلالة الملك بالعمل التطوعي والتنموي والشبابي على وجه الخصوص. ويضيف المصري، الذي جال بمبادرته التنموية الشبابية عددا من محافظات المملكة واطلع على تطلعات وأهداف بعض الشباب الأردني، أن تشجيع جلالته الشباب بالعمل من أجل ارتقاء المجتمع الأردني الواحد من خلال زياراته للمبادرات والمشاريع الشبابية ودعمه لها وعمل وإقامة المبادرات الملكية السامية، كان أحد الأسباب والدوافع التي ساهمت في وجود هذه الزيادة الملحوظة في مستوى العمل التطوعي. “الملك هو قدوتنا ونراه أول متطوع ومُبادر ومُشجع لعجلة التطوع”، يؤكد المصري، أننا تعلمنا منه قيمة أننا بالتطوع نسمو ويسمو الوطن، واجبنا الوطني اتجاه بلادنا يدفعنا للتطوع والعمل الدؤوب لرفعة الأردن الغالي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني. وكانت الملكة رانيا، قد زارت مقر برنامج هندرة في مدينة السلط، وكان لهذه الزيارة كبير الأثر في الشباب، كما يقول المصري، حيث تحدثت معهم حول البرامج التي يقدمها برنامج هندرة للتدريب والتطوير والمشاريع التنموية الذي يقوم فيها في إحداث وتطوير العملية التنموية داخل المؤسسات والبرامج التطويرية للأفراد، الشباب واليافعين، وتم دعم من جلالتها على تدريب 40 يافعا و40 شابا حول الريادة المجتمعية والقيادة والمشاريع التنموية والبرامج المؤسسية. ومن أبرز المؤسسات كذلك التي تُعنى بالعمل التطوعي هيئة شباب كلنا الأردن التي تأسست في العام 2006، والتي تتوزع أذرعها في مختلف مناطق المملكة، وهي إحدى مبادرات جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي ينفذها صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية بهدف تفعيل دور الشباب كشريك حقيقي ومؤثر في الحياة العامة، سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي، من خلال بناء قدرات الشباب وتعزيز ثقافة المبادرة والعمل التطوعي لديهم. وكان الملك عبد الله الثاني قد خاطب “شباب الهيئة” بقوله، “أريد أن تكونوا على ثقة أنني شخصياً أنظر إلى مظلة كلنا الأردن وشباب كلنا الأردن نظرة مستقبلية في غاية الأهمية والجدية، ولا أريد أن يفكر أي واحد منكم أن هذه المظلة يمكن الاستغناء عنها أو استبدالها، بل على العكس، هذه المظلة لا بد من تطويرها بحيث يتفرع عنها أجهزة أخرى في المستقبل تتكامل مع الأجهزة الشبابية الموجودة”. مدير عام هيئة شباب كلنا الأردن عبد الرحيم الزواهرة يقول، إننا نبارك لجلالة الملك عبد الله بمناسبة عيد ميلاده وأن يكون عام سعادة ومحبة، وهو الذي نذر حياته في خدمة المجتمع الأردني والقضايا المحلية والعالمية ورسخ كثيرا من المفاهيم التي تعد اليوم بمثابة أساس وتدرس في مجال القضايا العامة. ويضيف الزواهرة أن جلالة الملك دائما ما كان دوره إقليميا ومحليا أيضا على مدار سنوات، ويرسخ في المجتمع مفهوما يؤكد على كل المؤسسات الوطنية والشباب بأهمية العمل التطوعي وأهمية ترسيخ هذا المفهوم. اليوم العمل التطوعي مفهوم رئيسي في المجتمع الاردني لحل كثير من القضايا، يقول الزواهرة، وهذا مفهوم يرسخه جلالة الملك وأيضا ولي العهد الذي دائما على خطى جلالة الملك في ترسيخ هذا ذلك، ليكون هناك إلهام للعمل التطوعي لدى الشباب سواء من خلال تواصله أو تحفيزه، كما بدا ذلك في اطلاق جائزة سمو ولي العهد اليوم التي تتعلق بالعمل التطوعي كحافز رئيسي. ويشير الزواهرة إلى أن جلالة الملك دائما يتحدث حول أهمية العمل التطوعي ودوره في تعزيز مفهوم بناء قدرات الشباب وصقل شخصياتهم ومهاراتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم، والعمل التطوعي يعطي فرصة حقيقية للشاب حتى يبني شخصيته ويفتح له أبوبا جديدة، لذلك نحن نعتز بهذا النهج الملكي الذي رسخ مفهومه جلالة الملك وسمو ولي العهد. اليوم وبخطى جلالة الملك بتواصله مع الشباب ومشاركته معهم، نلاحظ تفاعل الشباب وانعكاس ذلك عليهم وعلى محيطهم إيجابا، وفق الزواهرة. ويطول الحديث حول الشباب والتطوع، كما يقول المختصون في الجانب المجتمعي والشابي، حيث بات التطوع من ضمن أولويات الشباب، ويحفزون تلك الطاقات من خلال برامج تنموية تطوعية، بل إن منها ما هو مدفوع الأجر بشكل نسبي، والتي ساعدت على تخطي بعض الحواجز التي قد تمنعهم من الانخراط في عالم التطوع وبناء الهمم الشبابي. وفي ذلك، يقول المستشار والخبير في قضايا الشباب الدكتور محمود سرحان، إن الشباب يلعب دوراً حيوياً في العمل التطوعي باعتبارهم الأكثر عدداً والأميز طاقة وقوة وفتوة، ولديهم من أوقات الفراغ، وليس هذا فحسب، بل هم الغاية والمحور للعملية التنموية الشاملة والمستدامة بكافة أبعادها واتجاهاتها، فلا تنمية شاملة ولا تغيير شاملا بمعزل عن استثمار إمكانيات الشباب لصالح العملية التنموية فهم الأكثر حماساً واندفاعاً للمشاركة بكل ما يتعلق بحياتهم حاضراً أو مستقبلاً. وأضاف سرحان أن من شأن مشاركة الشباب في العمل التطوعي أن تعود عليهم وعلى مجتمعهم، بالنفع والخير العميم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فأن أبرز الفوائد التي يلمسونها من خلال مشاركتهم بالعمل التطوعي الإحساس بالفخر والسعادة والأهمية والإنجاز، إذ أن أعظم دافع للإنسان أن يشعر بأهميته، سيما وأن الإحساس بالعمل التطوعي والرغبة في تنفيذه وإنجازه بفعل إرادي دون طلب من أحد أو بدون أجر وانتظار مردود من أي طرف فهو عطاء بلا حدود للآخرين. ووفق سرحان، فإن العطاء بحد ذاته هو شعور بالسعادة مع الآخرين وإنتماء عملي من خلال تمثيل قيم الخير والإيثار والتضحية والمؤازرة والمساندة لمن يحتاجها، فضلاً عن اتخاذ مشاريع ومبادرات دون كُلف مالية. وحتى تكون مشاركة الشباب جادة وواعية ومسؤولة في العمل التطوعي، يطالب سرحان من الجهات المعنية توفير الفرص لهم للإسهام الفعال في مثل هذه الأعمال التي تنعكس إيجاباً على حياة الشباب وأسرهم على حدٍ سواء، ولعل أبرز تجليات ذلك التغيير الذي يلامس الذهنية والعقلية وقيم الشباب في الاندماج في الهم العام والرغبة في القيام بأدوارهم ومسؤولياتهم. هذا الإحساس بالمسؤولية، يراه سرحان بأنه نابع من رغبتهم في خدمة أنفسهم من جهة، ومجتمعهم من جهة أخرى، والذي ينبع كذلك من المسؤولية الجماعية والمشتركة ويعزز لديهم كل ما يدعو إلى تحمل المسؤولية، كما قال رسولنا الكريم “كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٍ عن رعيته”. اضافة اعلان