تغريد السعايدة- منذ أسابيع تسبق شهر الصيام بدأت شاشات التلفاز تعج ببث برومو أو “عرض قصير” للإعلان عن مسلسلات رمضان التي يتابعها الملايين، لجذب المشاهدين في سباق البرامج والمسلسلات التي يتجاوز عددها المئات، يقابلها بالجانب الآخر فئة قد تطلق أحكاما مسبقة على تلك الأعمال، سواء بالنقد أو الإطراء.
ومن أبرز تلك المسلسلات التي ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، على المستوى المحلي، مسلسل “مشوح وملوح” الذي وضع تحت المجهر، بعد أن تم عرض لقطات بسيطة منه تتعدى الدقيقة، وهو من بطولة الإعلامي الأردني بلال العجارمة، وعمر الطراونة وتالا الحلو.
المسلسل من إنتاج التلفزيون الأردني، ويعتبر من الأعمال الكوميدية بطابعه بشكل عام، لذا من المقبول جداً بحسب المؤيدين للعمل، بأن يكون هناك نوع من الأحداث الدرامية الساخرة الكوميدية في الطرح، ولا ينافي ما يعتقده آخرون من أنه “تنمر على اللهجة وسطحية في الطرح”.
حوار طويل، وردود كثيرة شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي على المسلسل، الذي سيبث يومياً طيلة شهر رمضان، بعد فترة الغروب بقليل، على قناة التلفزيون الأردني، وتلك الحوارات وتبادل الأراء، اعتبرها مقدمو المسلسل ونسبة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنها غير منطقية كونها تسبق الأحداث، ولا يوجد مبرر لإصدار أي حكم على عمل دون مشاهدة مالا يقل عن خمس إلى عشر حلقات.
بل أن كثيرين عبروا من خلال منشورات خاصة تحت هاشتاج #مشوح-ملوح، عن استيائهم من حالة النقد المباشرة، خاصة فيما يتعلق بالشخوص، وبطبيعة الحوار الذي يُدار بين الأبطال، كونها باللهجة الأردنية البدوية “الخام”، كما يمكن وصفها، تلك اللهجة التي لم يشوبها تداخل اللهجات المحلية التي تنوعت بتنوع سكان الأردن على مدار عقود.
وعلى سبيل المثال، كتب أحمد القطاونة، مدافعاً عن العمل الفني “مشوح وملوح”، مستنكراً ذلك الهجوم ويقول، “هناك هجوم رهيب وقوي جدا على مسلسل مشوح وملوح والذي لم يعرض حتى الآن فقط مجرد برموشن دعاية للمسلسل حرب غير مقبولة على منصات التواصل الاجتماعي ضد شباب طموح دخل قلوب الأردنيين بصفاء قلوبهم ولهجتهم الأردنية الأصيلة ودخلوا كل بيت أردني من خلال أعمالهم الناجحة والتي عجز عنها الكثير”.
وقال فيصل البسال، وهو أيضاً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، “من المؤسف والمعيب أن أرى هذا الهجوم على عملهم الرمضاني الذي لم يعرض بعد، النقد قبل العرض سقطة أخلاقية”، وعبر عن تشجيعه للفنانين الشباب المشاركين، حيث يرى أنهم من خلال هذا العمل يعملون على حفظ الموروث اللغوي واللهجة الأردنية الأصلية.
الإعلامي والفنان بلال العجارمة، الممثل الرئيس بجانب عمر الطراونة، تحدث لـ”الغد”، عن هذه التجربة الفنية الأولى له، أن ما تعرض له من هجوم كان “لاذعاً” من البعض، كونه انتقادا في غير وقته ومكانه، فالعمل لم يعرض بعد ولا يمكن التكهن بمدى نجاحه وقبوله لدى الجمهور، كما لا يمكن الانصياع لفكرة انه عمل “فشل في جذب الجمهور الأردني”، لذلك من الحق والعدل أن يتم عرض ما لا يقل عن خمس إلى سبع حلقات لإطلاق الأحكام على أي عمل فني وليس فقط “الكوميديا الأردنية مشوح وملوح”.
ويقول العجارمة، أنه لا يوجد أي مبرر لانتقاد عمل يعمل فريقه ليل نهار من أجل الخروج بصورة كوميدية أردنية “بامتياز” بلهجة وكلمات ومصطلحات أردنية باتت على وشك الانقراض في بعضها بسبب البعد عن استخدامها، مع أن اللهجة الأردنية، ووفق تقارير مؤكدة، تبين أنها من أغنى اللهجات العربية، حيث يمكن إيجاد خمس مرادفات للكلمة الواحدة في باقي اللهجات.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على وضوح الكلام، وفهمه لدى الغالبية العظمى من الدول العربية، ووفق العجارمة، فإن هناك مسلسلات عربية تحدث فنانوها بلهجات مناطقهم المحلية والتي قد يجد كثير من المشاهدين صعوبة في فهمها، ما اضطر بعض الأعمال إلى كتابة “ترجمة للكلمات” بهدف فهمها من باقي الجمهور، ووجدت تلك الأعمال نجاحا كبيرا وشهرة فاقت مسلسلات عالمية.
عدا عن ذلك، ولمن ينتقدون المبالغة في الطرح في بعض الأحداث بطريقة “ساخرة” يقول العجارمة إن أي عمل فني كوميدي قائم على المبالغة في الأحداث والحوار والحركات، وأحياناً الهيئة والشكل، من أجل طرحها بشكل كوميدي فقط، كما شهدنا ذلك في الأعمال العالمية الكوميدية القائمة على المبالغة في أداء الفنانين الذين باتوا الآن أيقونة للكوميديا والفن الساخر عبر عقود.
ويؤكد العجارمة في ذات الوقت أن العمل لا يعني بأي شكل من الأشكال الإساءة لأي فئة معينة، وإنما ما تتطلبه القوالب الكوميدية للشخصية المطروحة في كل حلقة، حيث يتناول العمل في كل مرة مهنة معينة يحاول أبطال العمل النجاح بها، ويقدمون ما يمكن مشاهدته في حياتنا اليومية من مواقف مضحكة وانتكاسات بطريقة طريفة، داخل حوار أردني بلهجاتنا المحلية للأردنيين منذ مئات السنين، خاصة وأن اللهجة البدوية هي اللهجة الأصيلة للأردن، كما يعلم الجميع.
عدا عن ذلك، العمل لا يخلو من اللهجة المحكية التي يتحدث بها معظم سكان الأردن، لذلك لا يمكن وصف العمل بأنه موجه لفئة معينة أو ينتقد جهة أخرى، وإنما عمل فني كوميدي بحت، يتحدث به الفنان بلهجته التي يخاطب بها الجميع في مجتمعه وفي أي مكان حل به، فاللهجة هي هوية يمكن أن نميز جنسية الشخص في غالبية الوقت من خلال لهجته المحكية.
ويؤكد العجارمة، أن ما تعرض له العمل من حُكم مُسبق، زاد من العبء على عاتقهم للخروج بحلقات فنية كوميدية أكثر جذباً للجمهور، وتليق بذائقتهم “الكوميدية المحلية” بحيث يكون عمل درامي عائلي يمكن لجميع افراد الأسرة مشاهدته دون تحرج وخالٍ من أي كلمة خادشة للحياء أو غير مقبولة في مجتمعنا الأردني، حيث يتلقى في المقابل العديد من رسائل الدعم والتشجيع على الاستمرار وعدم الاكتراث بالنقد السلبي المُسبق.
المشارك في كتابة السيناريو وليد عليمات، إلى جانب الكاتب حسن العرابي، يقول من خلال منشور له عبر الفيسبوك يتحدث به مشاركته في العمل، ويستهجن في ذات الوقت ذلك الهجوم المبكر على العمل الذي ما تزال مراحل التصوير حتى هذه اللحظة، “هذا هو العمل الأول لي على صعيد الكوميديا الاجتماعية، كما أنه الأول لباقي الفريق من الممثلين الرئيسيين وحاولنا قدر الإمكان أن نصنع ابتسامة في إطار كوميدي اجتماعي بعيدا عن الابتذال والتهريج من خلال مواقف كوميدية ممكن أن نراها بشكل يومي في حياتنا أو قد مر بها الكثير منا”.
ويضيف عليمات، أنه سعيد بدعم الأصدقاء للعمل، ما يزيد من حجم العبء عليهم خاصة وأنه لم يعرض بعد، كما يجب أن نعلم أنه لا يوجد عمل متكامل يرضي الجميع والأذواق والتوجهات مختلفة، كما لا يمكن أن يكون هناك عمل من دون أخطاء خصوصا بأنها التجربة الأولى، ويقول “بعد عرض العمل نحن مستعدون لتقبل أي انتقاد في إطار السيناريو والأفكار وهذه الانتقادات هي ذخيرة نصوب بها الأخطاء في المستقبل ونحاول تجويد ما هو قادم”.
اقرأ أيضاً:
باقة منوعة ومميزة تحتضنها شاشة التلفزيون الأردني والإذاعة الأردنية في رمضان
“عودة البارون”: عمل أردني عربي يحاكي شخصيات مسكونة بهواجس الماضي
مسلسلات أردنية بطابع “اجتماعي بدوي كوميدي” تدخل السباق الرمضانياضافة اعلان