ألقى أمين عام الحزب الشيوعي الأردني القاص سعود قبيلات، محاضرة بعنوان "الحضارة الإغريقية حضارة شرقية وليست غربية"، وذلك في مقر الجمعية الفلسفية الأردنية، وادارها د. احمد العجارمة.
ناقش قبيلات في هذه المحاضرة الأطروحات المختلفة التي تناولها المفكر المصري سمير أمين حول فكرة إلحاق الحضارة الإغريقية بـ"الغرب"، مبينا أن أمين اعتمد في أطروحته شأن الحضارة الإغريقية ونسبها، عبر ثلاث اطروحات هي "المركزة الثقافية على الغرب؛ والتطور اللامتكافئ؛ ونمط الإنتاج الخراجي".
قال قبيلات إن الأطروحة الأولى عن "المركزة الثقافية على الغرب"؛ تعود جذورها إلى عصر النهضة؛ حيث يقول امين "إن أوروبيي عصر الأنوار لم يكونوا يعون أنهم كانوا يبنون الرأسمالية؛ ولذلك، فسروا تفوق النظام، الذي كانوا يبنونه، على كل ما سبقه من الأنظمة الاجتماعية الاقتصادية، بأنه راجع إلى سمات لا تاريخية خاصة بالأوروبيين دون سواهم.
اما الأطروحة الثانية فهي "التطور اللامتكافئ"، حيث ينظر أمين إلى العالم في ظل النظام الرأسمالي الدولي كوحدة واحدة. فبالنسبة له، النظام الرأسمالي الدولي عولمي منذ بداياته؛ بيد أنه يتسم بالاستقطاب ما بين مراكز مكتملة وبين أطراف (أو هوامش) غير مكتملة. والمراكز المكتملة تتسم بالاستقرار والجمود، أما الهوامش (أو الأطراف) فتتسم بالمرونة والحركة.
اما الأطروحة الثالثة فهي "نمط الإنتاج الخراجي"، التي عدل فيها أمين التحقيب التاريخي في الماركسية الكلاسيكية، فرفض الاعتراف بوجود نمط اقتصادي اجتماعي شاذ يسمى نمط الإنتاج الآسيوي، ورأى أن هذا النمط مقحم ضمن التحقيب التاريخي وأنه أحد إفرازات أيديولوجيا المركزة على الغرب؛ إذ تم النظر إلى الإقطاع في أوروبا باعتباره أصلا وقاعدة، وإلى ما كان مختلفا عنه في الشرق القديم باعتباره استثناء وشذوذا، وتمت تسمية هذا الشذوذ الموهوم بـ "نمط الإنتاج الآسيوي".
ورأى قبيلات إن امين حتى يؤكد صحة أطروحته، هذه، اختبرها عملا في مكان آخر غير المنطقة التي تشمل أوروبا والعالم العربي والإسلامي معا. فيختار المنطقة التي تشمل الصين واليابان؛ حيث كانت الصين قديما مركز النظام الخراجي المكتمل والمستقر والمتطور في تلك المنطقة، وكانت اليابان طرفه الإقطاعي غير المكتمل، والمرن بالنتيجة؛ وبناء عليه، فقد تم تجاوز النظام أولا في اليابان وليس في الصين، واحتاجت الصين إلى وقت طويل وثورة جذرية شاملة حتى تتجاوزه.
وأشار المحاضر إلى أن البنيان الفوقي (الثقافي) للنظام الخراجي؛ فنجد ربطا عضويا عميقا بين اليونان القديمة وبين الشرق القديم.. ما يدحض خرافة استمرارية الغرب التي أنتجتْ خرافة الشرق الأبدي مقابل الغرب الأبدي؛ حيث يتقدم سمير أمين بأطروحته حول التبلور التدريجي لما أسماه "الأيديولوجيا الخراجية"، في المنطقة التي تشمل الآن العالم العربي والإسلامي منْ جهة، وأوروبا من الجهة الأخرى.
ورأى قبيلات أن امين كان يرى "أن نقطة الانطلاق في هذا التبلور تعود إلى (عصر الهيلينية) في أعقاب توحيد ثقافات الشرق القديم (مصر وبلاد النهرين وفارس واليونان) ودمْج أهم عناصرها كمساهمات جوهرية في تبلور الميتافيزيقا الخراجية". كما يرى أيضا أن الهيلينية هي التي مهدت الطريق لاحقا للانتشار أمام "المسيحية ثم الإسلام في المنطقة، وذلك منْ خلال تهيئة جو مناسب وبتقديم مفاهيم ذات مغزى عالمي تخاطب البشر بكليتهم".
ثم تحدث المحاضر "الاسكندر المقدوني في الفضاء الشرقي"، حين أراد الاسكندر المقدوني (المعروف بذي القرنين) أنْ يتوسع، اتجه شرقا؛ إلى سورية وما بين النهرين وفارس ومصر، ولم يتجه غربا؛ فقد كان غرب أوروبا خارج اهتمامه، وخارج اهتمام معاصريه، وخارج التاريخ، مبينا أن إن الأسطورة الخاصة، التي نسجتْ حول أصل الإسكندر المقدوني نفسه، لتمنحه شرعية قدسية، كانت مبنية أساسا على الرابطة الثقافية والروحية الوثيقة ما بين اليونان القديمة وبين بلاد شرق المتوسط، مستعرضا العديد من الآراء حول الاسكندر المقدوني عند المؤرخين العرب.
اقرأ أيضاً:
الشُّيوعيّ الأردنيّ" يكرم ثلة من الشخصيات الثقافية والنقابية الأردنية