دغيمات.. "تطوع ثقافي" لتمكين الأطفال من القراءة في الأغوار الجنوبية

الناشطة الاجتماعية في الأغوار الجنوبية زهور دغيمات برفقة الأطفال-(من المصدر)
الناشطة الاجتماعية في الأغوار الجنوبية زهور دغيمات برفقة الأطفال-(من المصدر)

  الغذاء الروحي والعقلي من أساسيات الحياة، وبه يمكن أن يتوصل الإنسان إلى ما يحسن من نمط حياته. وفي عالم الأطفال، تكون الحاجة كبيرة لتحصينهم بالعلم والفكر، وهو ما تؤمن به الناشطة الاجتماعية في الأغوار الجنوبية زهور دغيمات، التي ترفع شعار "أزهري وأبدعي رغم التحديات".

اضافة اعلان


دغيمات هي ناشطة اجتماعية وأم لخمسة أطفال، مرت بالعديد من الظروف الصحية، التي جعلتها أقوى وأقدر على مواجهة التحديات، وأوجدت منها إنسانة تبحث عما ينهض بالمستوى الثقافي والتوعوي في منطقتها في الأغوار الجنوبية وقراها النائية، لتعمل على تأسيس مبادرة "نقرأ لنرتقي" التي تحضتن أطفال الجنوب وتقدم لهم خدماتها التعليمية المجانية.


تقول دغيمات، إنها تطمح إلى تحقيق شعار "نقرأ لنرتقي.. قارئ اليوم قائد الغد"، كما تسعى، من خلال مبادرتها، إلى خلق بيئة دامجة للأشخاص الصم وذوي الإعاقة السمعية في منطقتها، وذلك من خلال قراءة القصص للأطفال بلغة الإشارة، عدا عن العديد من الفعاليات الأخرى التي تدور حول نطاق العلم والثقافة وأنها جزء رئيس من حياة الأطفال وبناء مستقبلهم.


كل من يعرف دغيمات في منطقتها ونطاق عملها يصفها بأنها "سيدة تتسم بالبساطة في التعامل والعمل، هدفها في الحياة مساعدة أطفال الأغوار على التعلم"، وهنا تقول دغيمات "أشعر بمتعة كبيرة عندما أقرأ قصة للأطفال وتؤثر بهم، وهو الأمر الذي بدا واضحاً من خلال تفاعل الأطفال وعائلاتهم، مما صنعته القراءة في طريقة الحديث داخل الغرفة الصفية، حيث قاموا باستبدال بعض الكلمات عند التحدث لبعضهم بعضا، وباتوا يتحدثون بلغة الضاد (اللغة العربية الفصحى)، مما زاد من مخزونهم اللغوي.


وتعمل دغيمات، من خلال مبادرتها الخاصة "نقرأ لنرتقي.. قارئ اليوم قائد الغد"، على استقطاب أكبر عدد من الأطفال ليتمكوا من الاستفادة من قراءة القصص وتبادل الأحاديث مع أقرانهم، ولم تسمح للمرض بأن يحد من طموحها وأحلامها في تغيير مجتمعها للأفضل، بل دفعها ذلك لأن تترك أثراً فيه، بل ترى أن المرض الذي ألم بها كان دافعاً وسبباً في تغيير شخصيتها وإعطائها الدافعية اللازمة لتكون قدوة للكثير من الناس.


وتقول دغيمات إنها، ومن إيمانها بأهمية القراءة والمطالعة، جاءت فكرتها لتشجيع الأطفال على القراءة، ولزيادة مخزونهم اللغوي وتنمية ملكة الخيال لديهم وزيادة حصة الطفل والفرد من الكتب، وإكساب عادة القراءة مجتمعيا، وبناء علاقة بين المجتمع والمكتبة وإحياء روح المكتبات العامة.


وكانت دغيمات قد دعمت نفسها كذلك لتنمية قدرتها على القراءة لتعليم الأطفال من خلال تلقيها تدريب "قراءة القصة بصوت عال"، من خلال مؤسسة "نحن نحب القراءة"، وتقوم الآن بقراءة قصة للأطفال كل يوم سبت، في مكتبة متنزه الشهيد سلام العونة في غور الحديثة، وبعد القراءة تقوم بعمل نشاط جماعي ضمن موضوع القصة لتشجيع الأطفال وتحبيبهم بالقراءة، من خلال الرسم أو الغناء أو المسابقات.


كما عملت دغيمات على إطلاق مبادرات فرعية تتعلق أيضاً بالقراءة والطفولة تحت عنوان "أنا وجدتي"، وتقول إن ذلك يأتي إيماناً منها بأن الجدات "أصل حكاياتنا وقصصنا"، ولهن الدور الكبير في سرد القصص، إذ تم استضافة الجدات لسرد القصص القديمة واسترجاع الذكريات والحكايات القديمة من ذاكرتهن، وهذا مكن دغيمات من إيصال فكرة وتعزيز أهمية القراءة في حياة العائلة وتطوير المهارات؛ حيث ساعدت هذه المبادرات على التشجيع على القراءة، والتي ترى أنها بدايات انطلاقها في رحلتها "لصنع التغيير في منطقتي في الأغوار الجنوبية مع تدريب نحن نحب القراءة".


وحول الأماكن التي تقوم من خلالها دغيمات بتنظيم جلسات القراءة للأطفال، كانت تقوم بعمل تجمعات طلابية لهم في مكتبات المدارس المختلفة في منطقة الأغوار، ومنها أيضاً مدارس في مناطق نائية، عدا عن تنظيمها مكتبات متعددة في المنطقة بترتيب وتنسيق منها في جمع القصص والكتب وعمل "مكتبات خارجية" تستقطب الأطفال وعائلاتهم، في ظل وجود نقص حاد لأماكن الترفيه والتعلم اللامنهجي للأطفال في تلك المناطق.


ووفق دغيمات، فإن الأمهات أصبحن يُحببن الزيارة للمكتبة من خلال مبادرة "عائلة تقرأ"، واستقطاب الأمهات مع أطفالهن كان له دور كبير في توطيد العلاقة بين الأهل والمكتبة، ومنها كذلك انطلقت بمبادرة جديدة تستهدف الأم والطفل، وهي مبادرة "أقرأ مع أمي" لاكتساب عادة القراءة قبل النوم.


ومبادرة "عائلة تقرأ"، أطلقت في مكتبة مدرسة الحديثة الثانوية للبنات، استهدفت الأم والأب والأطفال ليعتادوا زيارة المكتبة وبناء علاقة مع الكتب وتشجيع كل بيت على عمل مكتبة في منزلهم، مهما كانت متواضعة وضمن الإمكانيات المتاحة.


ومؤخراً، تحتفل مبادرة "نقرأ لنرتقي.. قارئ اليوم قائد الغد" بمناسبة عيد الاستقلال السابع والسبعين، وزواج ولي العهد الأمير الحسين، "عن طريق العطاء"، على حد تعبير دغيمات؛ حيث قامت وأطفالها بإنشاء حديقة للقراءة في متنزه الشهيد سلام العونة، وأسمتها "حديقة القراءة 77"، وتقوم هذه الحديقة بتشجيع الأطفال على القراءة والجلوس فيها واستقطاب أكبر عدد منهم، والقراءة فيها عبارة عن تذكرة مجانية لكل الأماكن، وتعد أول حديقة للقراءة في لواء الأغوار الجنوبية.


"لا يوجد مستحيل.. هي كلمتي التي أرددها دائما لكل شخص"، تقول دغيمات، وتبين أنها تفيض بالأمل بأن تجد دعماً لمبادرتها الشخصية المجتمعية، من أجل الارتقاء بهذا الجيل وأطفال منطقتها، في سبيل تغيير بعض العادات السلبية وتطوير العادات الإيجابية واكتشاف مواهبهم وتوجيهها في الطريق والمكان المناسبين.

 

اقرأ أيضاً: 

"حتى السبيح بيغرق".. مبادرة لحماية أطفال الغور من المسطحات المائية