استئناف الاحتلال "للاغتيالات"... تصعيد قادم أم مداراة "لإفلاس" أمني؟

الشهيد تامر كيلاني وإلى يسار صورته الدراجة المفخخة التي فجرت عن بعد لحظة مروره بقربها أمس.-(وكالات)
الشهيد تامر كيلاني وإلى يسار صورته الدراجة المفخخة التي فجرت عن بعد لحظة مروره بقربها أمس.-(وكالات)
نادية سعد الدين – تؤشر عودة الاحتلال الإسرائيلي لسياسة تنفيذ الاغتيالات بحق الفلسطينيين، كما فعل أمس مع الشهيد تامر كيلاني، إلى حالة إرباك وقلق متنامية تعتري منظومته الأمنية والعسكرية عقب الإخفاق في ضبط المشهد المضطرب بالضفة الغربية حد خروجه عن السيطرة، ما دفعه إلى مداراة “إفلاسه” الأمني بمزيد من التصعيد وإرسال التعزيزات الإضافية لقمع الغضب الفلسطيني العارم. قوات الاحتلال، التي تعتمد سياسة الاغتيالات منذ سنين كان آخرها اغتيال القائد العسكري في سرايا القدس تيسير الجعبري، في آب (أغسطس) الماضي، بقصف على برج سكني في غزة، لجأت مجدداً إلى تنفيذها باغتيال كيلاني المقاوم الأكثر شراسة ضد الاحتلال في مجموعات “عرين الأسود” الفلسطينية، وذلك بواسطة دراجة نارية مفخخة ركنت على جانب الطريق في البلدة القديمة بمدينة نابلس، التي تشهد حصاراً إسرائيلياً مُحكما لليوم الثالث عشر على التوالي. إلا أن سلطات الاحتلال فتحت باغتيال الكيلاني فصلاً قديماً جديداً بالعودة لسياسة التصفية الجسدية غير المباشرة، تحت مزاعم مسؤوليته عن تنفيذ سلسلة عمليات ضد أهداف إسرائيلية، بعدما ظلت طوال العامين الماضيين تقتل الفلسطينيين بواسطة اجتياح المدن والبلدات في الضفة الغربية، لضرب المقاومة الفلسطينية ضده، ولكن بدون فائدة. جاءت عودة الاحتلال لسياسته القديمة الجديدة بعد فشله أمنياً في ملاحقة وإضعاف ظاهرة المقاومين الفلسطينيين المتنامية في الضفة الغربية واستنفاذ كل طرقه العدوانية لقمعهم، بشكل بات يقلق المؤسسة الأمنية والعسكرية ويُحرج قيادتها السياسية التي تتحضر لخوض الانتخابات الإسرائيلية الخامسة في أقل من ثلاثة أعوام. وأمام ارتفاع وتيرة العمليات الفلسطينية التي لم ينجح الاحتلال في قمعها وتوفير الأمن المفقود للمستوطنين في الضفة الغربية؛ والتي أسفرت عن مقتل 25 جندياً ومستوطنا إسرائيليا منذ مطلع العام الحالي وفق المواقع الإسرائيلية، فلم تجد سلطات الاحتلال بداً من العودة إلى سياستها القديمة في الاغتيالات غير المباشرة عوضاً عن تنفيذ عملية عسكرية موسعة لا تريدها حالياً، مما يعني ادخال الأراضي الفلسطينية المحتلة في موجة جديدة من التصعيد. https://alghad.com/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%B9-%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D8%A8%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7/ ويعد أسلوب الاغتيالات غير المباشرة، مثل التفجير عن بعد أو القصف بطائرات بدون طيار، غير مكلف ونسبة نجاحه عالية أكثر من أساليب الاغتيال التقليدية، أسوة بالذي استخدمته قوات الاحتلال لتصفية الشهيد الكيلاني، بما يعد مؤشرا واضحا على أزمتها الشديدة في التعامل مع ظاهرة المقاومين الفلسطينيين الممتدة والمتوسعة في الضفة الغربية. كما يدلل أسلوب اغتيال الشهيد الكيلاني على أن جيش الاحتلال لا يريد المخاطرة باجتياح منطقة مكتظة، مثل البلدة القديمة في مدينة نابلس، وهي منطقة تشبه تعقيداتها الديمغرافية مخيم جنين. بيد أن للاحتلال حساباته الأمنية والسياسية الحاضرة أيضاً في توقيت أي عدوان أو عملية عسكرية؛ إذ يريد تحسين صورته في الداخل الإسرائيلي التي تضررت كثيرا من تبعات الفشل الأمني الذريع في مطاردة الشهيد عدي التميمي، الذي نفذ عملية حاجز شعفاط قبل أسبوعين تقريبا. ونجح في تنفيذ عملية ثانية قرب أحد المستوطنات الضخمة بالقدس المحتلة، ويستشهد وهو يطلق النار حتى الرمق الأخير، وكل ذلك لم تتمكن قوات الاحتلال من كشف مصيره أو النجاح في ملاحقته. ويبدو أن عودة الاحتلال لسياسة الاغتيالات غير المباشرة تشي باعتمادها أكثر في المرحلة المقبلة، في ظل فشله الأمني والعسكري أمام تواصل نجاح عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، وإخفاقه في الوصول إلى خلايا المقاومة، سواء قبل وخلال أم بعد وقوع العمليات. https://alghad.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%BA%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D8%AD%D8%AF-%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%86/ القوى والفصائل الفلسطينية من جانبها نعت الشهيد الكيلاني وسط تأكيد تمسك الشعب الفلسطيني بنضاله ومواجهته لعدوان الاحتلال، فيما أكدت “عرين الأسود” أن الكيلاني استشهد بانفجار عبوة “تي ان تي” لاصقة، بنفس طريقة اغتيال الشهيدين الناني جوابرة وباسم أبو سرية، وهما مقاومان استشهدا بانفجارين منفصلين خلال انتفاضة الأقصى. وتوعدت “عرين الأسود” في بيان أصدرته أمس، قوات الاحتلال “برد قاس وموجع ومؤلم”، مطالبة أبناء الشعب الفلسطيني بالالتفاف حول مقاومتهم. وأكدت حركة “حماس” أن عملية الاغتيال لن تمر دون عقاب، وليعلم العدو أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأن أبناء الشعب الفلسطيني في أنحاء الضفة الغربية سيواصلون طريق المقاومة حتى التحرير وتقرير المصير. وبالمثل؛ أكدت حركة الجهاد الإسلامي أن اغتيال الشهيد الكيلاني لن ينال من عزيمة الفلسطينيين ولن يمر دون عقاب. في حين حملت وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية، حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المسؤولية الكاملة عن التدهور المتسارع في الأراضي الفلسطينية، بفعل تصعيد عدوانه ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته. وقالت “الخارجية الفلسطينية” إن جيش الاحتلال يتعمد إطلاق الرصاص الحي بهدف قتل الفلسطيني، دون أن يشكل أي خطر يذكر على جنوده، ويتعمد توسيع دائرة إشعال الحرائق في عديد المناطق، بما يؤدي إلى تأجيج ساحة الصراع. وشددت على أن “تمادي الاحتلال في ارتكاب المزيد من الجرائم، يلقي على المجتمع الدولي والأمم المتحدة المزيد من المسؤولية القانونية والأخلاقية، للتحرك واتخاذ ما يلزم لوقف التصعيد الإسرائيلي الدموي”، مؤكدة أن “غياب المساءلة والمحاسبة للاحتلال يعتبر تواطؤا دوليا مع مرتكبي هذه الجرائم”.اضافة اعلان