يتفاقم عنف المستوطنين حدة مطالبة أوساط أمنية وسياسية إسرائيلية لحكومة الاحتلال اليمينية التي تدعمهم بلجم تطرفهم الذي يدفع الأوضاع بالضفة الغربية للاشتعال وخروجها عن السيطرة، غير أن رئيسها "بنيامين نتنياهو" يجد فيه ملاذا يحتمي به من نير الاحتجاجات الداخلية المستمرة للأسبوع 31 على التوالي بسبب "الإصلاحات القضائية"، بما ينذر بالمزيد من الصدام مع الفلسطينيين.
ويبدو أنه من غير المتوقع أن تبادر حكومة الاحتلال لخطوات للجم تطرف المستوطنين، الذين يتلقون ضوءا أخضر منها، وتشجعهم على مواصلة مسلسل جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني، مما ينذر بانفجار حالة الاحتقان المقتربة من حافة الغليان، في ظل تأكيد الفصائل الفلسطينية باستمرار مواجهة عدوان الاحتلال ومستوطنيه، للدفاع عن الشعب والأرض والمقدسات الدينية.
جرائم المستوطنين، التي وصفتها الإدارة الأميركية بالإرهابية، تصاعدت بشكل ملحوظ مؤخرا، أسوة بانتهاكاتهم واعتداءاتهم أمس على الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم في الخليل وطولكرم، بالضفة الغربية، وسط غياب أي مؤشر قادم على وقف عنفهم، بل ليس مستبعدا تصاعد جرائمهم بالقتل والسلب والنهب للأرض الفلسطينية وما فيها من موارد طبيعية، مما دفع أوساط إسرائيلية مختصة للتحذير من لحظة الغليان.
وبلغ التطرف مداه بدعوة ما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، "إيتمار بن غفير"، أمس، لمنح وسام تقدير للمستوطن الذي قتل الشهيد الفلسطيني قصي معطان خلال هجوم وحشي للمستوطنين على بلدة برقة، شرق رام الله، بما يعكس "عمق الإرهاب والتطرف الذي يحكم سياسة حكومة الاحتلال اليمينية، واستهتارها بالقوانين الدولية واحتكامها لمنطق العصابات والمليشيات"، وفق حركة "حماس".
وقدمت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذيرات "لنتنياهو" من مخاطر كارثة قادمة بالضفة الغربية، في ظل ما وصفته بالإخفاق الأمني الكبير على خلفية العملية الفلسطينية في الداخل المحتل، أول أمس، إذ اعتبر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) أن انتهاكات المستوطنين وانفلاتهم ضد الفلسطينيين يؤدي لتصاعد المقاومة الفلسطينية واتساعها للرد على عنفهم، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة نفسها عن مسؤولين إسرائيليين مخاوفهم من الواقع المتفجر داخل الضفة الغربية نتيجة سياسة حكومة الاحتلال التي "باتت تعزز قوة المستوطنين، مقابل إضعاف صلاحيات جيش الاحتلال في ظل تدخل وزراء متشددين بالقرارات، ودعم المتطرفين، ومنحهم الضوء الأخضر ليفعلوا ما يحلو لهم من اعتداءات، مما يؤدي لصدام خطير مع الفلسطينيين، ولتصعيد أمني أشد خطورة"، وفق ما ورد فيها.
هذه الاعتداءات التي باتت يومية وسافرة، وبدعم حكومي إسرائيلي واضح، دفعت الإدارة الأميركية لتصعيد لهجة الاستنكار، كما يبدو في بيان الخارجية الأميركية، الذي دان بشدة عنف المستوطنين، وجريمة قتل الشاب الفلسطيني، داعية لمحاكمة عادلة وشفافة.
ووصفت الخارجية الأميركية، الهجوم بـ "الإرهابي"، مشيرة للاعتقالات التي قامت بها قوات الاحتلال ضد المستوطنين، مطالبة بالعمل على محاسبتهم وتحقيق العدالة.
وتبعتها القنصلية البريطانية لدى الكيان الإسرائيلي، داعية لمحاسبة ومحاكمة المعتدين، فيما اكتفت السفارة الألمانية بالتعبير عن قلقها من التصعيد.
ويحظى المستوطنون بدعم سياسي يتلقونه من ممثليهم داخل توليفة الحكومة و"الكنيست" المتطرفة، أمثال نواب "القوة اليهودية" برئاسة "بن غفير" ونواب "الصهيونية الدينية" برئاسة الوزير "بتسلئيل سموتريتش"، تحت طائلة التهديد المستمر "لنتنياهو" بإسقاطها عند الوقوف أمام جرائمهم.
وتضاعفت جرائم المستوطنين داخل الضفة الغربية، منذ تشكيل حكومة نتنياهو السادسة، في مطلع العام الحالي، بما يتجلى في ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين، وبناء عشرات البؤر الاستيطانية التي تبدو خلايا سرطانية داخل الأراضي الفلسطينية.
كما يبرز تصعيد المستوطنين في إجرامهم اليومي بالأراضي الفلسطينية المحتلة، أسوة بإحراق حوارة وترمسعيا، وتهجير مزارعي منطقة مسافر يطا جنوب الخليل، فضلا عن اعتداءاتهم المتكررة ضد الفلسطينيين.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، انتهاكات المستوطنين وجرائمهم المتواصلة ضد الفلسطينيين، وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومقدساتهم ومواقعهم الأثرية والتاريخية، والتي كان آخرها اعتداءاتهم على مركباتهم وممتلكاتهم عند مدخل البيرة الشمالي، وفي الأغوار الشمالية.
وحملت "الخارجية الفلسطينية"، حكومة الاحتلال المسؤولية كاملة عن انتهاكات المستوطنين وجرائمهم وإرهابهم، خاصة أنها توفر الحماية والدعم والإسناد لهم، ولا تقوم بأي اعتقالات احترازية لغلاة المتطرفين الذين يحرضون على قتل الفلسطينيين.
وأكدت أن صمت أركان الائتلاف الإسرائيلي الحاكم على جرائم المستوطنين، بما فيها جريمة قتل الشهيد قصي، دليل آخر على تورط المستوى السياسي في كيان الاحتلال بتلك الجرائم.
وأضافت أن عدم فرض عقوبات وملاحقات دولية على جرائم المنظمات الاستيطانية يجعل من المجتمع الدولي متواطئا وشريكا في التغطية عليها بحق الفلسطينيين المدنيين العزل.
بدورها، أكدت الفصائل الفلسطينية استمرار مواجهة جرائم الاحتلال ومستوطنيه بحق أبناء الشعب الفلسطيني وضد المسجد الأقصى المبارك، ولن تهدأ حتى زوال الاحتلال.
واعتبرت، في تصريحات وبيانات منفصلة، أن العملية التي نفذت بعمق الكيان المحتل، أول من أمس، تشكل ضربة نوعية للاحتلال، وتؤكد فشل محاولات إخماد المقاومة الفلسطينية، كما تأتي للرد على جرائم التطهير العرقي، وجرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني".
وأكدت أن جرائم الاحتلال لن تضعف عزيمة الشعب الفلسطيني وإصراره على استمرار معركته حتى النصر، داعية إلى تصعيد المواجهة في وجه الاحتلال بكل الساحات الفلسطينية المحتلة.
اقرأ المزيد:
مخاوف إسرائيلية من فقدان الدعم الأميركي بسبب سلوك حكومة "نتنياهو" المتطرف