وقال عضو رابطة أمناء الأقصى الناشط المقدسي فخري أبو دياب، يوم أمس، إن ما حدث في المسجد الأقصى المبارك اليوم من انتهاكات واستفزازات استيطانية غير مسبوقة تؤسس لمرحلة متقدمة ستكون أشد خطورة على المسجد.
وأضاف أبو دياب، "أعتقد أن الاحتلال وجماعات الهيكل المتطرفة بدأت فعليا بتنفيذ مخطط تغيير الوضع التاريخي في المسجد الأقصى بشكل واضح".
ويجد المتطرفون في حرب الإبادة الجماعية التي يواصل الاحتلال شنها ضد قطاع غزة، فرصة سانحة لتنفيذ مخططهم التهويدي في القدس المحتلة، والمسجد الأقصى، تحت ذريعة الاحتفاء بالأعياد اليهودية المزعومة، أسوة بما حدث أمس، وسط تنديد فلسطيني وعربي واسع.
وفي خرق فاضح للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، فقد اقتحم أكثر من ألفين و500 مستوطن أمس المسجد الأقصى، من جهة "باب المغاربة"، لإحياء ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، والذي يعد اليوم الأهم "لتجديد العهد لبناء الهيكل المزعوم وهدم قبة الصخرة المشرفة"، كما يزعمون.
وفي ظل تصدي الفلسطينيين لعدوانهم لحماية المسجد والدفاع عنه، فقد قاد اقتحامات المستوطنين الوزير المتطرف في حكومة الاحتلال، "إيتمار بن غفير"، برفقة الوزير "يتسحاق فاسرلوف"، وأعضاء من "الكنيست"، مثل العضو عن حزب الليكود "عميت هليفي"، حيث قامت مجموعة منهم بتأدية ما يسمى بـ"السجود الملحمي" خلال اقتحام المسجد الأقصى.
وبدعم من المتطرف "بن غفير"؛ قامت مجموعات من المستوطنين بتأدية شعائر توراتية علنية في باحات المسجد الأقصى، وذلك تلبية لدعوة الجمعيات الاستيطانية و"منظمات الهيكل"، المزعوم، لتنفيذ اقتحامات جماعية لساحات الحرم القدسي الشريف.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة، بأن مجموعات كبيرة من المستوطنين المتطرفين اقتحموا المسجد الأقصى أمس وقاموا بتنظيم جولات استفزازية وأداء الصلوات الجماعية والعلنية والطقوس التلمودية المزعومة قبالة قبة الصخرة المشرفة.
في حين قامت مجموعات من المستوطنين بالرقص والغناء في ساحات المسجد الأقصى، حيث تعالت أصوات صلواتهم في المسجد خلال مسار الاقتحام، في انتهاكات جسيمة لحُرمته.
ورفع المستوطنون أعلام الاحتلال خلال اقتحام المسجد الأقصى، وذلك بحماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال التي منعت المصلين من دخوله، بعدما فرضت في البداية قيودها على دخولهم بمنع الشبان والسماح فقط لكبار السن بالدخول اليه، بقيود وتفتيش.
وأشارت "الأوقاف الإسلامية" إلى أن شرطة الاحتلال عمدت على نشر عناصر الوحدات الخاصة في ساحات الحرم لتوفير الحراسة للمقتحمين، وكذلك لإبعاد الفلسطينيين عن مسار الاقتحامات ومنع تنقلهم خلال الجولات الاستفزازية للمستوطنين في ساحات الحرم.
وأغلقت قوات الاحتلال الشوارع في مدينة القدس المحيطة بحائط البراق، وانتشرت على أبواب البلدة القديمة والمسجد الأقصى وطرقاته خاصة الأبواب المفتوحة باب السلسلة، باب حطة وباب المجلس، ونصبت السواتر الحديدية، واحتجرت هويات الوافدين إليه، ومنعت الشبان من الدخول لساحات الحرم.
من جانبها، نددت حركة "حماس" باقتحامات المتطرفين والذي يعد "إمعانا في العدوان الممتد على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، واستفزازا لمشاعر المسلمين في كل مكان، مؤكدة أنه "لن يفلح في تهويده أو فرض واقع جديد عليه والعبث في هويته العربية الإسلامية".
وأضافت الحركة، في تصريح لها أمس، أن "سلوك حكومة المتطرفين الصهاينة، باستمرار المجازر وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعمليات القتل والإرهاب في الضفة، والانتهاكات الممنهجة في القدس والمسجد الأقصى من اقتحامات ومحاولاتِ تهويدٍ وتغييرٍ للوقائع على الأرض؛ إنما يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، ما يتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لردعها ومحاسبتها على هذه الجرائم".
ودعت الحركة للتحرك الجاد لوقف الانتهاكات الممنهجة ضد المسجد الأقصى، واتخاذ خطوات عاجلة تُجبر الاحتلال المجرم على وقف جريمة التهويد التي يرتكبها بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وعموم فلسطين المحتلة.
وأكدت أن "الشعب الفلسطيني والمقاومة، لن يسمحوا بتمرير أي من مخططات الاحتلال الإجرامية تجاه القدس والمسجد الأقصى، وأن مسيرة التصدي لإجراءات الاحتلال واعتداءاته، ومقاومة فاشيته وإجرامه؛ ستتواصل حتى تحرير الأرض والمقدسات وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس".
من جانبها، حذرت الهيئات والمرجعيات الإسلامية في القدس من عواقب تمكين سلطات الاحتلال مئات المتطرفين من تدنيس واقتحام المسجد الأقصى، مؤكدة أن انتهاكات الاحتلال والتطرف لن تغير حقيقة المسجد الاقصى المبارك بمساحته البالغة 144 دونما هو مسجد إسلامي خالص لن يقبل القسمة ولا الشراكة.
ودعت جميع المسلمين حول العالم للالتفاف حول الوصاية الهاشمية لتمكينها من أداء واجبها بحماية المسجد الأقصى مسجدا خالصا وللمسلمين وحدهم.
وبالمثل؛ حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، من تداعيات الاستفزازات الخطيرة لاقتحامات المستعمرين الإرهابيين للمسجد الأقصى المبارك، محملا حكومة الاحتلال مسؤولية هذه الممارسات وخطورتها في استفزاز مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وقال أبو ردينة: نطالب الإدارة الأميركية بالتدخل بشكل فوري لإجبار حكومة الاحتلال على وقف الاستفزازات بحق الأماكن الدينية المقدسة، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني في مدينة القدس، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والاعتداءات في الضفة الغربية إذا ما أرادت منع انفجار المنطقة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
وأشار إلى أن هذه الاستفزازات تأتي في إطار الحرب الشاملة التي تشنها حكومة الاحتلال المتطرفة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، مشددا على أن السلام والأمن في المنطقة لن يتم دون حل عادل للقضية وقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية.