عواصم - إضافة إلى ما خلفته كارثة الزلزال في تركيا وسورية بقتله أكثر من 23 ألف إنسان، تتبدى أزمة موازية تتعلق بالمشردين، سواء في المناطق التركية أو السورية المتضررة، حيث يقدر عددهم بنحو 26 مليون إنسان يعيشون ظروفا صعبة بلا مأوى ولا ماء ولا كهرباء، بينما تعبر منظمة الصحة العالمية عن خشيتها من أن يفقد عدد من هؤلاء حياتهم.
ورغم استمرار أعمال الإنقاذ في جنوبي تركيا وشمالي سورية، فإن فرص العثور على ناجين بدأت في التضاؤل شيئا فشيئا، في حين يجلس الناجون على الركام ينتظرون الانتهاء من إحصاء القتلى والعثور على الجثث ودفنها.
ففي المناطق التركية، يتجاوز عدد المتضررين من الزلزال 15 مليون إنسان، وفقا لمسؤولين أتراك، في حين تقول الأمم المتحدة إن نحو 11 مليونا تضرروا من الكارثة في المناطق الشمالية الغربية السورية (حماة واللاذقية وإدلب وطرطوس وحلب).
وتحولت كثير من المنازل في المنطقة التي ضربها الزلزال إلى مهدمة بالكامل، أو متصدعة غير مناسبة للسكن، أو ممنوعة من الاستخدام حتى تفحص بشكل نهائي ويتقرر مصيرها وإمكانية استيعاب السكان فيها أم لا.
وأعلنت السلطات التركية انهيار أكثر من 7 آلاف مبنى في الولايات العشر التي تأثرت بالزلزال الذي بلغت شدته 7.8 درجات على مقياس ريختر، والهزات الارتدادية التي تبعته، كما انهار عدد غير معروف من المنازل في شمال سورية.
وتتضاعف الأزمة لدى اللاجئين، وخاصة السوريين، فمن بين 15 مليون متضرر في المناطق التركية يوجد أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري.
وتبدو خيارات الحكومة التركية محدودة في التعامل مع الأزمة، حيث تقول إنها وفرت أكثر من 50 ألف غرفة فندقية للإيواء، لكن الطاقة الاستيعابية لهذه الغرف لن تتجاوز أكثر من ربع مليون شخص، مما يترك 14 مليونا و750 ألفا دون مأوى، ويتعين بالتالي توفير الخيام والمنازل المعدنية الجاهزة لهم، كي لا يُتركوا لمصيرهم المحتوم في ظل أجواء البرد القارس ونقص المساعدات.
وتلفت منظمة الصحة العالمية إلى "أزمة موازية"، حيث بدأت تطل بعض الأمراض الفتاكة برأسها بين الذين شردهم الزلزال، مثل الكوليرا وأمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى الصدمات النفسية العميقة مع فقد المأوى والماء والوقود والكهرباء، وقد عبرت المنظمة عن خشيتها من أن يفقد العديد من الناجين حياتهم.
ومع تجاوز عدد قتلى الزلزال 20 ألف شخص، فإن الأزمة الكبرى تنتظر الملايين من الضحايا الأحياء الذين يتوجب توفير مساعدات عاجلة لهم للتكيف مع ظروف ما بعد الكارثة، حتى لا يواجهون مصيرا غير محمود.
في غضون ذلك ورغم مرور 5 أيام على وقوع الزلزال العنيف الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سورية، فإن أمل العثور على ناجين لم ينقطع بعد، فقد تمسّك كثيرون بالحياة تحت الأنقاض رغم بقائهم أكثر من 100 ساعة في انتظار المساعدة.
ووثقت عدسات الكاميرا قصصا مؤثرة لعمليات إنقاذ وُصفت بالمعجزة، وفي ما يلي عرض لأبرز هذه القصص.
نشر حساب قناة "تي آر تي هابر مباشر" (TRT Haber Canlı) على تويتر صباح أمس مجموعة من مقاطع الفيديو التي توثق عمليات إنقاذ ناجين من الزلزال المدمر بعد مرور 100 ساعة.
وقال حساب القناة في تغريدة أرفقها بمقطع فيديو إنه تم انتشال أم وابنها في ديار بكر وشخص آخر في هاتاي من تحت الأنقاض بعد 100 ساعة من وقوع الزلزال.
كما نشرت القناة مقطعين آخرين لعملتي إنقاذ في كهرمان مرعش مركز الزلزال المدمر (جنوبي تركيا) وأخرى في ديار بكر.
وعبر بثّ مباشر، تواصل القناة التركية رصد آخر تطورات عمليات الإنقاذ، التي تظهر تضافر جهود عمّال الإغاثة وعناصر الجيش والإسعاف للبحث عن ناجين وانتشالهم ثم إسعافهم.
ولم يمنع ظلام الليل أو الطقس القارس تواصل جهود الإنقاذ، وذكر حساب قناة "تي آر تي هابر مباشر" أنه تم التواصل مع شقيقتين في كهرمان مرعش، وتمّ انتشال أحد الأشخاص من تحت الأنقاض بعد مرور 99 ساعة، في حين ما تزال الجهود متواصلة لإنقاذ شقيقه.
وفي عملية إنقاذ وُصفت بالمعجزة، تمكنت فرق البحث في ولاية كهرمان مرعش من إنقاذ شاب بعد مضي 96 ساعة على حدوث الزلزال، وسُلم الشاب إلى فرق الإسعاف لنقله إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج.
كما تمكنت فرق الطوارئ من إنقاذ رضيعة مع 4 أفراد من أسرتها من تحت أنقاض مبنى منهار في أنطاكية بولاية هاتاي (جنوبي تركيا)، بعد مضي 96 ساعة على كارثة الزلزال.
ونشرت وكالة الأناضول عبر حسابها على تويتر مقطعا يوثق إنقاذ فتاة تبلغ من العمر 4 سنوات قضت 4 أيام تحت الأنقاض.
كما نشرت مقطعا يوثق إنقاذ سيدة وابنتها من تحت الأنقاض في ولاية قهرمان مرعش، بعد مرور 92 ساعة على الزلزال.
وفي قصة مؤثرة، تمكّنت فرق الإنقاذ من انتشال رضيعة تبلغ من العمر 10 أيام من تحت الأنقاض في مدينة هاتاي، وكانت على قيد الحياة مع أمها كذلك.
ونشر حساب وكالة الأناضول صورة الفتاة وهي محاطة بفريق الإسعاف.
وأفادت هيئة إدارة الكوارث التركية بأنه تم انتشال 17 ألفا و134 جثة من تحت الأنقاض إلى الآن، في حين تم إحصاء 3162 جثة في سورية بشكل رسمي، مما يرفع عدد القتلى إلى 23 ألفا لغاية مساء أمس والعدد مرشح للزيادة مع الساعات والأيام القادمة.-(وكالات)
اضافة اعلان