السودان: المتظاهرون في الشارع يطالبون بتنحي العسكر وبحكم مدني

Untitled-1
Untitled-1

الخرطوم-أطاح الجيش السوداني أمس بالرئيس عمر البشير بعد ثلاثين عاما أمضاها في الحكم، وأعلن اعتقاله واحتجازه "في مكان آمن"، وذلك بعد أربعة أشهر من احتجاجات شعبية طالبت بتنحيه.اضافة اعلان
كما أعلن وزير الدفاع عوض بن عوف "تشكيل مجلس عسكري انتقالي" يتولى الحكم لسنتين، ما دفع منظمي التظاهرات المتواصلة في البلاد منذ أربعة أشهر إلى رفض ما اعتبروه "انقلابا عسكريا من سلطات النظام"، فدعوا إلى مواصلة الاعتصام القائم أمام مقر القيادة العامة للجيش في وسط العاصمة منذ ستة أيام.
وقال بن عوف في كلمة ألقاها عبر التلفزيون السوداني الرسمي "أعلن أنا وزير الدفاع اقتلاع ذلك النظام والتحفظ على رأسه في مكان آمن واعتقاله".
وانتقد بن عوف "عناد النظام" وإصراره خلال الأشهر الماضية على "المعالجات الأمنية" في مسألة الاحتجاجات الشعبية ضده.
كما أعلن "تشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة حكم البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان"، مشيرا إلى أن المجلس سيلتزم "تهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة وبناء الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية".
وأعلن بن عوف تعطيل العمل بدستور جمهورية السودان، مشيرا إلى أنه سيتم وضع "دستور جديد دائم للبلاد" خلال الفترة الانتقالية، و"حلّ مؤسسة الرئاسة من نواب ومساعدين وحل مجلس الوزراء". كما أعلن حلّ حكومات الولايات ومجالسها التشريعية.
وأعلن وزير الدفاع إغلاق أجواء البلاد "لمدة أربع وعشرين ساعة" والمداخل والمعابر الحدودية "حتى إشعار آخر"، و"حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر".وفي وقت لاحق أمس، ادى وزير الدفاع السوداني القسم رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي.
وجاء بيان الجيش بعد طول انتظار منذ الصباح عندما أعلن التلفزيون الرسمي عن "بيان هام" سيصدر، فاجتاح المتظاهرون السودانيون الشوارع، محتفلين وملوحين بالأعلام، وبدأوا يهتفون "سقطت، سقطت"، بلغتهم العامية، حتى قبل معرفة مضمون البيان العسكري.
ولكن منظمي حركة الاحتجاج سارعوا، فور انتهاء إعلان وزير الدفاع، الى رفضه.
وقال بيان لقوى إعلان الحرية والتغيير "نفذت سلطات النظام انقلاباً عسكرياً تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار شعبنا العظيم عليها"، مضيفا "يسعى من دمروا البلاد وقتلوا شعبها إلى أن يسرقوا كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان".وأضاف "إننا نرفض ما ورد في بيان انقلابيي النظام هذا وندعو شعبنا العظيم للمحافظة على اعتصامه الباسل أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان".
وطالب بـ"حكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة".وتتجه الأنظار نحو الجيش لمعرفة كيفية تعامله مع قرار البقاء في الشارع، لا سيما أن وزير الدفاع أكد في إعلانه "حظر التجوال لمدة شهر من الساعة العاشرة مساء إلى الرابعة صباحا".
وقال عادل علي، أحد المحتجين لوكالة فرانس برس، "ما الفرق بين البشير وعوض بن عوف، فقد كان نائبه الأول حتى أمس" مضيفا "هذا البيان يعني أن كل جهدنا وشهداءنا الذين قدمناهم خلال أربعة أشهر ضاع، ولكننا لن نغادر هذا الميدان. سنواصل ثورتنا".
على حسابها على موقع "تويتر"، قالت السودانية آلاء صلاح التي تحولت إلى أيقونة ترمز إلى التظاهرات بعد تداول صورها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي خلال مشاركتها في التظاهرات، اليوم، "الشعب لا يريد مجلسا عسكريا انتقاليا… نريد مجلسا مدنيا يقود المرحلة الانتقالية".وكانت حشود ضخمة من السودانيين تجمعت في وسط الخرطوم منذ الصباح مترقبة بيان الجيش.
وقطع التلفزيون الرسمي برامجه وبدأ ببث أناشيد وطنية وعسكرية بعد الإعلان عن صدور البيان "بعد قليل".
وأقلت حافلات وسيارات متظاهرين الى مقر قيادة الجيش، وأطلقت نساء الزغاريد، ولوحت مجموعات بالأعلام وصرخ أفرادها هتافات ضد الرئيس. وتعانق المتظاهرون في الشوارع، وتبادلوا الحلوى، قبل ساعات من إعلان الجيش الإطاحة بالرئيس.
وكان المتظاهرون يطالبون منذ ستة أيام بانضمام الجيش إلى مطلبهم تنحي البشير.
وخرج متظاهرون محتفلين كذلك في مدن عدة بينها مدني والقضارف وبورتسودان والعبيد وكسلا.
وذكر شهود أن متظاهرين هاجموا مركزا لجهاز الأمن والمخابرات السوداني النافذ في مدينة كسلا في شرق السودان، ومقرا للجهاز في مدينة بورتسودان في الشرق أيضا.
وناشدت "قوى إعلان الحرية والتغيير" في بيان "الجميع ضبط النفس والتحلي بالحكمة والعقل وعدم التفلت أو الاعتداء على أي ممتلكات حكومية أو شخصية"، مرددة شعار "سلمية، سلمية".
وتعرض المتظاهرون خلال الأيام الماضية مرات عدة لإطلاق غازات مسيلة للدموع ومحاولات تفريق قام بها جهاز الأمن والمخابرات، بحسب منظمي التجمّع، لكنهم تمسكوا بالبقاء أمام المقرّ.
وبلغ عدد القتلى في حركة الاحتجاج المستمرة منذ كانون الأول (ديسمبر)، 49، بحسب السلطات.
إلا أنّ منظّمات غير حكوميّة تؤكّد أنّ الحصيلة أكبر، مشيرة إلى أنّ 51 شخصا قُتلوا حتّى السبت الماضي.
واندلعت التظاهرات في 19 كانون الأوّل (ديسمبر) ردا على قرار الحكومة رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف. ثم تحوّلت إلى حركة احتجاجية غير مسبوقة في كلّ أنحاء البلاد.
وبقي البشير متمسّكاً بموقفه، وفرَضَ سلسلة إجراءات مشدّدة شملت إعلان حالة الطوارئ في أنحاء البلاد، اعتقل على أثرها صحفيّون وناشطون.
في أول ردود الفعل الخارجية، أعربت القاهرة عن ثقتها بـ"قدرة الشعب السوداني وجيشه" على تجاوز المرحلة بعد الإطاحة بالبشير.
فيما، طلبت الولايات المتحدة وخمس دول أوروبية عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في السودان، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.
وقال الدبلوماسيون إنّهم يتوّقعون أن يعقد المجلس جلسة مغلقة اليوم لبحث الوضع في السودان تلبية للطلب الذي قدّمته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا وبولندا.
وقال مساعد السفير البريطاني في الأمم المتحدة جوناثان آلن للصحفيين "نحن قلقون للغاية" إزاء تطوّرات الوضع في السودان و"إغلاق الحدود" و"حظر التجوّل" وإعلان الجيش عزمه على تسلّم السلطة لمدة عامين.-(ا ف ب)