الولايات المتحدة.. استعدادات لدعم الاحتلال بحربه مع حزب الله وضغوط باتجاهين لتجنبها

غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
عواصم- رغم أن الإدارة الأميركية تبذل جهودا كبيرة للحيلولة دون مواجهة عسكرية كاملة بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها لا تخفي صراحة دعمها الكامل للاحتلال إن نشبت تلك الحرب.اضافة اعلان
وتمارس الولايات المتحدة بعد استعداداتها العسكرية بتحريك قوات نحو المنطقة، ضغوطا باتجاهين: الأول، تجاه حليفها الكيان المحتل، والثاني تجاه دول تتمتع بعلاقات جيدة مع لبنان وحزب الله مثل فرنسا، لتمارس بدورها ضغوطا هناك للتخفيف من وتيرة التوتر الذي وصل لمستويات كبيرة جدا، بعد تهديدات بدأها العديد من المسؤولين في الكيان المحتل المحكوم من قبل حكومة يمينية متطرفة تطلق التهديدات ليل نهار وبكل اتجاه.
الموقف الأميركي يراه محللون في تصريحات سابقة ينطلق من أن جيش الاحتلال قد يمنى بخسائر كبيرة بسبب إنهاكه أكثر من 9 أشهر في حربه على غزة، وبسبب عدم وضوح الرؤية تجاه ما يملكه حقيقة حزب من أسلحة، يعتقد بعض المحللين أن مداها قد يصل الى أي نقطة في الكيان المحتل، وأنها قد تحصد العديد من الأرواح، وتدمر البنية التحتية بعدة مواقع في كيان الاحتلال.
والحرص الأميركي على تجنب مواجهة بين الاحتلال وحزب الله ينطلق كذلك من أسباب سياسية، فلا تريد إدارة بايدن لأسباب انتخابية أن تفتح جبهة ثانية تثير المزيد من الناخبين العرب داخل الولايات المتحدة، واستفزاز الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة الأميركية.
وهناك تناقض ضخم في المعلومات الرسمية حول الأوضاع في لبنان وعلى الحدود مع الاحتلال، ففيما يعمل الأميركيون على منع التصعيد، تؤكد مصادر أن الإدارة الأميركية لديها مخاوف حقيقية من نشوب نزاع مسلّح بين إسرائيل وحزب الله وأن الولايات المتحدة غير قادرة على منعه.
وأكد مسؤول في الإدارة الأميركية أن القوات البحرية الأميركية التي وصلت إلى منطقة شرق المتوسط ما أُرسلت إلا ضمن خطة عمل كانت على جدول الانتشار منذ أشهر، وليس لأن هناك ضرورة حالية لذلك.
وأضاف المسؤول في الإدارة الأميركية أن "هذه القوات تعطي المسؤولين الأميركيين خيارات في الظروف الحالية في الشرق الأوسط". مشدّدا خلال على أن المنطقة تشهد توتراً، وهناك سيناريوهات كثيرة مطروحة لكن الإدارة الأميركية تعمل بجهد على منع التصعيد".
وتضع الإدارة الأميركية "منع التصعيد" في صلب سياستها ومقاربتها للأوضاع منذ جاء الرئيس الحالي جو بايدن إلى البيت الأبيض، كما أنها مارست ضغوطات في هذا الاتجاه منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، الماضي عندما هاجمت حماس بلدات غلاف غزة في الكيان المحتل.
وتتخوّف الإدارة الأميركية من أن يتسبب استمرار الصراع في قطاع غزة بتفجير الأوضاع وامتداد النزاع إلى جبهات إضافية وخصوصاً لبنان، وربما أبعد من ذلك الى سورية والعراق واليمن ويصل إلى التدخّل الإيراني.
وكشف مصدر أميركي أن إدارة بايدن والكونغرس الأميركي ما زالوا يرفضون تسليم إسرائيل القنابل الثقيلة وأجهزة التحكم الدقيقة الخاصة بها والمعروفة باسم "جايدامز". ويقول إن ظاهر المسألة يتعلّق بقطاع غزة، لكن الحقيقة "أن وزير الدفاع الإسرائيلي جاء وطلب من أعضاء الكونغرس الموافقة على أكثر من 7 آلاف جهاز تحكم وقنابل ثقيلة لأن الجيش الإسرائيلي يحتاج إليها في معركته ضد حزب الله، وقد رفض الكونغرس والإدارة الأميركية ذلك حتى الآن، وهذا ما يضع الكثير من الضغط على حكومة نتنياهو ويمنعها من بدء هجوم واسع على لبنان".
وترافقت هذه الضغوطات الأميركية على قادة الاحتلال بضغوطات مماثلة على حزب الله، فالمبعوث الرئاسي الخاص عاموس هوكستين سافر إلى باريس منذ أسبوع وحاول أن يقول للفرنسيين والوسطاء القطريين "إن الإدارة الأميركية لا تستطيع أن تسيطر على القرار في تل أبيب، وإن الحشود الإسرائيلية وإمكانية شنّ هجوم أمر جدّي، وإن حزب الله لا يستمع إلى تنبيهات الأميركيين".
وأراد هوكستين من هذه الزيارة أن يبعث هذه الرسائل إلى حزب الله عبر الفرنسيين والوسطاء القطريين، وكان من المنتظر أن يسافر مبعوثون قطريون إلى لبنان لنقل هذه الرسائل بعد اجتماع باريس، لكن شيئاً لم يحصل.
ومن الممكن أن تشهد المنطقة في أي لحظة عودة إلى الهدوء وإعلان وقف إطلاق نار في غزة وبعده لبنان، لكن تصرفات الإدارة الأميركية خلال الساعات الماضية توحي بأنها تتصرف على أساس أن الانفجار ممكن جداً، وقد تسرّبت معلومات من الإدارة الأميركية تقول إن الإسرائيليين قادرون على شنّ هجوم ضخم، وأن يتسببوا خلال ساعات بتدمير مطار بيروت وعشرات الأبنية في محيط المطار والضاحية الجنوبية، وأن الإدارة الأميركية ستأخذ إجراءات محددة لإجلاء الأميركيين.
وأفاد مصدر موثوق أن الأميركيين قد عيّنوا نقاط الإجلاء أولاً للدبلوماسيين عن طريق قاعدة عسكرية في منطقة حالات شمال لبنان، كما أن البحرية الأميركية عيّنت مناطق تستطيع القوارب والسفن الأميركية من الاقتراب منها لإجلاء الرعايا الأميركيين المقيمين في لبنان، وأن القوات البحرية التي يقول عنها المسؤولون الأميركيون إنها في انتشار دوري وبحسب جدول معروف مسبقاً، إنما هي الآن تعمل على خطط الإجلاء كما تسرّب منذ حين، وعلى رغم نفي الإدارة الأميركية لذلك.
ويرجو الأميركيون حتى اللحظة التوصل إلى تهدئة وأن لا ينفجر الوضع في لبنان وهم يضعون على الطاولة الكثير من برامج الدعم للبنانيين والجيش اللبناني.
وقد أكد الأميركيون من قبل أنهم ما زالوا يأملون في وقف القصف على الحدود وتهدئة الأوضاع، وأن ينسحب عناصر حزب الله إلى مسافة تصل إلى ما يقارب العشرة كيلومترات، وأن ينشر الجيش اللبناني حوالي 6000 عنصر في هذه المنطقة.
هذه الخطط ناقشها قائد الجيش اللبناني جوزيف عون خلال زيارته إلى الولايات المتحدة مع مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان وكبار المسؤولين عن الشرق الأوسط مثل برت ماكغورك، كما أنه ناقش هذه الخطط مع قيادة المنطقة المركزية.
وقد وعد الأميركيون في الإدارة وفي الكونغرس اللبنانيين الذين تحدّثوا إليهم أن واشنطن ستكون مستعدة للمساهمة بشكل كامل مع الأوروبيين والدول المانحة لدفع تكاليف هذه الخطة.-(وكالات)