نادية سعد الدين - تدخل حملة "سنفطر في القدس" التي أطلقها المقدسيون ضمن معركة الدفاع عن المدينة والمسجد الأقصى المبارك ضد مساعي الاحتلال الإسرائيلي لتهويدها وتغيير معالمها، وذلك عبر تعزيز الرباط والاحتشاد في "الأقصى" خلال شهر رمضان الفضيل والتصدي لاقتحامات المستوطنين المتطرفين.
وفي حين تتنصل حكومة الاحتلال اليمينية من وعودها للمجتمع الدولي بمواصلة خططها الاستيطانية بالقدس المحتلة وأنحاء الضفة الغربية؛ فقد أطلق الناشطون والمرابطون المقدسيون حملة "سنفطر في القدس" لحث الفلسطينيين على الإفطار في ساحات المسجد الأقصى، وبالأزقة المحيطة به، طيلة شهر رمضان.
وتحث الحملة المقدسية على شد الرحال و"للأقصى"، إذ استنفر الفلسطينيون جهودهم الميدانية والالكترونية لتكثيف الدعوات للاحتشاد الواسع في المسجد والاعتكاف فيه، وذلك في إطار تأكيد الحق الفلسطيني بمدينة القدس ومقدساتها الدينية، في ظل تزايد انتهاكات الاحتلال بحقها.
وتدعو الحملة للتصدي للمستوطنين المتطرفين الذين توعدوا بتنفيذ اقتحامات جماعية ضخمة للمسجد الأقصى لإحياء ما يسمى "عيد الفصح اليهودي" المزعوم، الشهر المقبل، تلبية لدعوات ما يسمى "جماعات الهيكل" المزعوم وأداء الطقوس التلمودية المزعومة وتقديم ما يسمى "القرابين"، في انتهاك صارخ لحرمة المسجد.
ويأتي التحرك المقدسي لتأكيد التمسك الفلسطيني بالدفاع عن المسجد الأقصى من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاته العنصرية، بالرباط فيه وعند أبوابه "ليثبتوا للكيان المحتل والعالم أن الأرض حق إسلامي عربي خالص لا ملك للاحتلال فيها، ولن يملوا حتى يمل الاحتلال الذي سيرحل وستبقى القدس وأهلها"، وفق القائمين على الحملة.
وبالرغم من أن قوات الاحتلال ألغت مؤخرا تنظيم مسيرة استفزازية شهرية للمستوطنين في البلدة القديمة بالقدس المحتلة أمام تقاطر جموع الفلسطينيين فيها للدفاع عنها، ولكنها قامت، في نفس الوقت، بإبعاد عشرات الفلسطينيين عن المسجد الأقصى، ووضعت الحواجز الحديدية عند "باب الأسباط" على طريق الفلسطينيين لمنع دخولهم مع المركبات.
وتستهدف الحملة كل فلسطيني يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى وشد الرحال إليه، رغم انتشار الحواجز العسكرية، والإجراءات الاحتلالية المشددة، ومساعي التنكيل بالمقدسيين وإبعادهم لثنيهم عن الدفاع "الأقصى".
في حين يشكل الاعتكاف في المسجد الأقصى رادعا للمستوطنين، ويعيق اقتحاماتهم، باعتباره السبيل الأقوى لحماية المسجد والدفاع عنه، في مواجهة إجراءات الاحتلال.
من جانبه، حمل خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري، حكومة الاحتلال المتطرفة المسؤولية الكاملة عن أي إخلال بالأمن والاستقرار في المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة.
وندد بتهديدات ما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف "ايتمار بن غفير"، بمنع الصلاة بالأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان، مؤكدا أن محاولاته لن تتحقق في ظل التفاف المصلين والمرابطين حول المسجد الأقصى.
وفي الأثناء؛ تواصل حكومة الاحتلال مخططاتها الاستيطانية بالرغم من التنديد الدولي والعربي الواسع والتعهد بوقف الأنشطة الاستيطانية؛ وذلك عبر نشر مناقصات لإقامة 1029 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، لا سيما القدس المحتلة.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن ما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل" نشرت مناقصات لإجمالي 1029 وحدة سكنية في القدس والضفة الغربية خلال الأسبوع الحالي، منها مناقصات لبناء 940 وحدة استيطانية في مستوطنتي "إفرات"، جنوب القدس، و"بيتار عيليت" الإسرائيلية الجاثمة جنوب غرب القدس المحتلة.
وأشارت إلى أن 747 وحدة استيطانية منها في مستوطنة "بيتار عيليت" و193 وحدة في مستوطنة "إفرات" الإسرائيلية، وذلك في أعقاب قيام حكومة الاحتلال بنشر مناقصة أخرى لبناء 89 وحدة استيطانية في مستوطنة "جيلو" في القدس المحتلة.
وقالت ما يسمى "حركة السلام الآن" إن "أكثر الحكومات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة لا تدوس فقط على الديمقراطية، ولكن أيضا على إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي في المستقبل، وعلى العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الصديقة"، وفق مزاعمها.
وقالت أنه "رغم التزامات حكومة الاحتلال تجاه حلفائها في جميع أنحاء العالم بوقف البناء في المستوطنات لتهدئة الأوضاع، ولكنها تواصل تعزيز البناء الذي يضر بفرص التوصل إلى اتفاق سياسي ويزيد التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين على المدى القصير والطويل".
وكان منسق الأمم المتحدة لعملية السلام بالشرق الأوسط، تور وينسلاند، قال في وقت سابق إنه "لا مبرر قانوني للمستوطنات الإسرائيلية، بوصفها انتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
ودعا المنسق الأممي خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي تناولت مستجدات الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني والعنف المتصاعد بالمنطقة، حكومة الاحتلال إلى "إنهاء كافة أنشطة الاستيطان فورا والامتثال لمسؤولياتها بموجب القانون الدولي".
وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت التوترات بشكل حاد في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وسط مداهمات عسكرية إسرائيلية متكررة على البلدات الفلسطينية.
ومنذ بداية 2023، استشهد نحو 90 فلسطينيا على يد قوات الاحتلال، بحسب معطيات فلسطينية، فيما قتل 14 إسرائيليا في هجمات منفصلة خلال الفترة نفسها.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، مصادقة حكومة الاحتلال على مناقصات لبناء أكثر من ألف وحدة استيطانية جديدة، بما في ذلك توسيع وشرعنة بؤر استيطانية تتعامل معها سلطات الاحتلال بشكل تضليلي كأنها أحياء في مستعمرات كبيرة.
وقالت "الخارجية الفلسطينية"، في تصريح لها أمس، أن هذه المصادقة تأتي خلافاً لإدعاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية، "بنيامين نتنياهو"، بأنه لن يقيم مستوطنات جديدة، وخروجاً سافراً وتخريباً متعمداً للتفاهمات التي تمت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية أميركية.
وأضافت أن "حكومة الاحتلال ماضية في ارتكاب جريمة التوسع الاستيطاني وتعميق الأبرتهايد، وذلك بهدف إغلاق الباب أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض"، مطالبة "بتحرك المجتمع الدولي الضاغط لوقف الاستيطان ووضع حد لإفلات الاحتلال المستمر من العقاب".
اضافة اعلان