فلسطينيون يؤكدون تعمد الاحتلال نشر "كورونا" بين المقدسيين

قوات من الاحتلال الإسرائيلي تنصب الحواجز في إحدى مناطق القدس الشرقية -(أ ف ب)
قوات من الاحتلال الإسرائيلي تنصب الحواجز في إحدى مناطق القدس الشرقية -(أ ف ب)

نادية سعد الدين

عمان- اتهم فلسطينيون سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتعمّد نشر وباء فيروس "كورونا" بين صفوف مواطنيه م في القدس المحتلة، وسط قلق السلطة الفلسطينية، أمس، من تسجيل ثلث الإصابات بـ"كورونا" ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة في القدس وحدها، مطالبة منظمة "الصحة العالمية" بالتدخل العاجل لحماية المقدسيين من خطر الوباء.
وسجّلت مدينة القدس المحتلة 120 حالة من إجمالي عدد الإصابات بفيروس "كورونا" التي ارتفعت إلى 449 حالة في الأراضي المحتلة، ما دفع بالقوى والفصائل الفلسطينية إلى تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية عن تسارع انتشار الوباء في مناطق مدينة القدس المحتلة التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الفعلية.
فيما كانت جامعة الدول العربية قد اعتبرت، في بيان صدر لها مؤخراً، أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تقوّض جهود الفلسطينيين في مواجهة "كورونا".
وقد أرجعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تسارع انتشار "كورونا" في القدس المحتلة إلى "فشل سلطات الاحتلال في مجابهة الوباء من جهة، وإهمال مكافحته بالشكل الجدي في القدس المحتلة، من جهة أخرى، فضلاً عن عدم توفير المستلزمات الضرورية لصون صحة المقدسيين".
وقالت الجبهة، أمس، إن "تصاعد أعداد المصابين بفيروس "كورونا" بين المقدسيين، في ظل الاحتلال، يتلاقى مع تصاعد أعدادهم كذلك بين صفوف المواطنين الفلسطينيين في فلسطين المحتلة العام 1948، وسط شكوى عارمة من قبلهم حيال غياب اللوازم والتجهيزات الضرورية، لإجراء الفحوصات والمعاينات بالمعدلات المطلوبة بين المواطنين، وتوفير وسائل الحماية الضرورية".
واعتبرت أنه "لم يعد مجالاً للشك في أن سلطات الاحتلال، باتت تتواطأ مع الوباء ضد أبناء الشعب الفلسطيني، في عموم الأراضي الفلسطينية، في ظل سياسة فاشية وعنصرية، خالية تماماً من أي معايير ومقاييس إنسانية".
وأشارت إلى أن "سلطات الاحتلال تعمد لاستغلال الوباء بأبشع الأشكال"، داعية "منظمة الصحة العالمية، للتدخل فوراً، لحماية المواطنين الفلسطينيين في القدس، وفي عموم الأراضي الفلسطينية، من وباء "كورونا"، ومن خطر المخططات الإسرائيلية الفاشية لاستغلال الوباء في حربها المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني".
فيما اتهمت حركة "حماس" سلطات الاحتلال "بإهمال متعمد لأجهزتها الطبية لسكان هذه المناطق"، لافتة إلى أن "مواصلة جيش الاحتلال لعدوانه على المناطق المجاورة للقدس واستمرار الاعتقالات في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بما فيها القدس، يكشف تعمد الاحتلال في نشر الفيروس بين صفوف الشعب الفلسطيني".
وطالبت الحركة "المنظمات الدولية ذات العلاقة بالتحرك العاجل لحماية أبناء الشعب الفلسطيني من تداعيات جائحة "كورونا"، وتوفير المستلزمات لمواجهتها".
وبالمثل؛ حذر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي ومسؤول الدائرة السياسية، محمد الهندي، من "محاولات سلطات الاحتلال لاستغلال التطورات المتلاحقة دولياً بفعل جائحة "كورونا"، وانشغال الرأي العالمي بها، من أجل فرض مزيد من الوقائع في مدينة القدس المحتلة، وتشديد القيود على أهلها".
وقال الهندي، في تصريح له أمس، إن "العدو الإسرائيلي يستغل الظروف الحالية لتصعيد إجراءاته التعسفية وقيوده ضد أهل القدس، الذين كانوا دوماً في صدارة المواجهات أمام الاعتداءات الصهيونية التي تستهدف مدينتهم، ومسجدها المبارك".
ودعا "السلطة الفلسطينية إلى العمل بشكلٍ كبير ومسؤول من أجل تعزيز صمود المقدسيين فوق أرضهم، باعتبارهم في خندق المواجهة الأول للاحتلال الإسرائيلي".
بدورها؛ قالت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، إن "فيروس كورونا وصل لفلسطين عبر القادمين من الخارج والعمال ما أدى لانتشار العدوى وازدياد عدد الاصابات".
وأضافت الكيلة، في تصريح لها أمس، إن "عدد الإصابات بفيروس "كورونا" في القدس المحتلة يُقدّر بثلث الإصابات في فلسطين الأمر الذي يشكل قلقاً كبيراً"، مشيرة إلى أن "سلطات الاحتلال لا تقدم خدمات صحية لمن ليس لديه لم شمل من المقدسيين، الأمر الذي تم إحالته لمؤسسات القدس الوطنية الصحية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بإجراء فحوصات لهم".
ضعف إمكانيات المواجهة بسبب الاحتلال
بيد أن الإشكالية تكمن هنا في ضعف الإمكانيات الطبيّة اللازمة لمواجهة "كورونا" في مستشفيات القدس المحتلة بسبب سياسات الاحتلال العدوانية ضد المدينة المحتلة عبر عقود طويلة؛ حيث تُقدّر تكلفة مواجهة الوباء فيها بنحو 7 ملايين دولار، وفق أمين سر شبكة مستشفيات القدس المحتلة والمدير التنفيذي لأحد مشافيها، وليد نمور.
ولفت نمور، في تصريح له أمس، إلى أن التكلفة التقديرية مخصّصة "لتغطية أولويات واحتياجات المشافي في القدس المحتلة، لاسيما المستشفيات الثلاث؛ المقاصد ومار يوسف-الفرنساوي والمطلع، والتي ستستقبل حالات مصابة بالفيروس، بالإضافة إلى تجهيز طواقم إسعاف الهلال الأحمر في القدس لنقل الحالات المشتبه بها والمصابين بالفيروس".
وأكد أن "المنح التي تلقت شبكة مستشفيات القدس وعوداً بها حتى الآن، تُقدّر بأقل من ثلاثة ملايين دولار، أي أقل من نصف الميزانية المتوقعة لمواجهة الوباء، ولن تغطي كافة متطلبات التصدي للفيروس، مما يضيف العبء على المشافي التي تواجه أصلاً أزمة مالية خانقة تعيقها من سداد فاتورة موردي الأدوية والمصاريف التشغيلية ودفع رواتب كوادر الأطباء والممرضين والمختصين والموظفين الإداريين".
وكان عدد من المؤسسات الدولية والوطنية قد أعلن عن تقديم دعم مالي لمشافي القدس، مثل الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية والحكومة النرويجية وعدد من الجهات الوطنية الفلسطينية، إلا أنها لا تسّد التكلفة اللازمة لتغطية متطلبات مواجهة "كورونا"، لاسيما لجهة توفير الأجهزة الطبية المتخصصة للتنفس الاصطناعي، واستكمال تجهيز أقسام العزل، وتأمين أدوات ووسائل الوقاية والتعقيم اللازمة.
وكانت جامعة الدول العربية قد أصدرت بياناً مؤخراً قالت فيه إن "استمرار سياسات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي المتمثلة بالهدم والتشريد والاعتقال واستهداف المرافق الصحية في أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليس إلا تقويضاً لجهود السلطة الفلسطينية في مواجهة وباء "كورونا"، وهي المسؤولية الملقاة بالأساس على عاتق السلطة القائمة بالاحتلال، وفق أحكام وقواعد القانون الدولي ذات الصلة".
وأوضحت أن "سلطات الاحتلال تُمارس سياسة الإهمال المتعمدة والمماطلة في توفير المتطلبات اللازمة، بل أنها تمنع الإجراءات والتدابير المتخذة من الجهات الفلسطينية الرسمية والأهلية في القدس وضواحيها لمواجهة فيروس "كورونا".
وطالبت الجامعة العربية، بضرورة "إجبار سلطات الاحتلال على تلبية الحاجات الضرورية للفلسطينيين وتسهيل إيصال المساعدات الانسانية والاحتياجات الطبية الطارئة من أجل محاربة هذا الوباء"

اضافة اعلان