نادية سعد الدين
عمان - دفعت مخاوف الاحتلال الإسرائيلي من تصعيد أمني في القدس المحتلة، وبقية أنحاء الضفة الغربية، لاسيما في شهر رمضان المبارك، بمسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى إلى زيارة واشنطن للقاء مسؤولي الإدارة الأميركية، وبحث الأوضاع الآيلة للتفجر في الساحة الفلسطينية.
زيارة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، "رونين بار"، لواشنطن التي استمرت بضعة أيام، التقى خلالها بمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، تركزت حول المخاوف الإسرائيلية من انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، في ظل اعتزام أعداد كبيرة من المستوطنين اقتحام المسجد الأقصى المبارك لإحياء ما يسمى "عيد الفصح" اليهودي، بالتزامن مع منتصف شهر رمضان المقبل.
وقد ارتفعت مؤخرا نبرة تحذير كل من "الشاباك" وجيش الاحتلال من التصعيد، نظير المسيرات الاستفزازية التي ينظمها اليمين الإسرائيلي المتطرف في القدس المحتلة، والتي ستتصدر المشهد القادم خلال إحياء المناسبة اليهودية، وتوقع الاحتلال بمشاركة زهاء مائة ألف يهودي فيها، تلبية لدعوات ما يسمى الجماعات اليهودية المتطرفة لاقتحامات واسعة للأقصى.
وأمام الدعوات الفلسطينية المُقابلة للحشد الواسع في المسجد الأقصى للدفاع عنه وحمايته ضد اقتحامات المستوطنين، فإن الصدام آت لا محالة، وفق الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ما يجعل أجواء التوتر والغليان قائمة.
ويخشى الاحتلال من تفجر الأوضاع في الساحة الفلسطينية انطلاقا من القدس المحتلة، وهو الأمر الذي حذر منه عدد من المسؤولين داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، معتبرين أن "المواد القابلة للاشتعال موجودة في كل مكان بالضفة الغربية، وما ينقص فقط عود ثقاب لتأجيج الأوضاع"، بحسب ما نقلته المواقع الإسرائيلية.
وتعتزم ما يسمى جماعات "الهيكل"، المزعوم، تنظيم اقتحامات واسعة للمستوطنين في يومي 16 و17 من الشهر الحالي، لإحياء ما يسمى "عيد المساخر" اليهودي، ومنتصف الشهر المقبل، لإحياء ما يسمى "عيد الفصح" اليهودي، بما يتضمن ذلك أداء الطقوس التلمودية داخل الأقصى، وقراءة فقرات توراتية بصوت مرتفع وبشكل جماعي، وشعائر تلمودية، عدا عن محاولة إدخال البوق والأدوات والملابس التنكرية، والغناء والرقص والاحتفال على أبواب المسجد.
من جانبها؛ حذرت حركة "حماس"، الاحتلال الإسرائيلي والجماعات الاستيطانية المتطرفة، من مغبّة تنفيذ الدعوات لتدنيس المسجد الأقصى المبارك فيما يسمّى "عيد المساخر" في 16 و17 من آذار (مارس) الحالي.
وقال الناطق باسم "حماس" عن مدينة القدس، محمد حمادة، إن "تلك الدعوات تمثّل جريمة وانتهاكًا لكل الأعراف والشرائع السماوية، واستفزازًا مباشرًا للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية".
وحمّل حمادة الاحتلال "مسؤولية توفير الحماية لهذه الجماعات المتطرفة، وتداعيات ما يمكن أن يحدث"، داعيا جماهير الشعب الفلسطيني في القدس وعموم الضفة الغربية وفلسطين المحتلة عام 1948 إلى "الرباط في المسجد الأقصى المبارك، وشد الرحال إليه"، للدفاع عنه وحمايته.
بدوره؛ قال وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إن "الاحتلال الإسرائيلي لا يسعى للوصول إلى أي حل سلمي للقضية الفلسطينية"، مؤكداً أن حكومة "نفتالي بينيت" "تتمسك بمعارضتها لإقامة دولة فلسطينية".
وأشار المالكي، في تصريح أمس، إلى "تعثر الوصول الى حل سياسي عادل وشامل، بسبب عدم جدية المجتمع الدولي في الوقوف ضد الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة".
يأتي ذلك على وقع تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال، "افيف كوخافي"، حول قدرة الجيش الإسرائيلي على اجتياح آخر لقطاع غزة "بطريقة أكثر فاعلية" من اجتياح الضفة الغربية عام 2002، تزامناً مع اطلاق قوات الاحتلال النار في ثلاث نقاط متفرقة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة.
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن تصريحات "كوخافي"، حول اجتياح قطاع غزة، يعدّ "استخفافاً بالمجتمع الدولي وقوانينه ومواثيقه، وانعكاسا مباشرا لازدواجية المعايير الدولية، وسياسة الكيل بمكيالين" لدى الاحتلال.
ودانت الخارجية الفلسطينية "عمليات تعميق وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآخرها شروع المستوطنين ببناء وحدات استيطانية في شدموت ميخولا، ضمن مخطط لإنشاء مدينة كبيرة في الأغوار الشمالية".
وقالت إن "تصريحات كوخافي وعمليات البناء الاستيطاني في أرض دولة فلسطين وجهان لعملة واحدة، وهي الاحتلال والاستيطان ونظام الفصل العنصري (الابرتهايد)".
وأكدت أن "تصريحات كوخافي، كما الاستيطان واعتداءات المستوطنين، انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، وعدوان مباشر ومتواصل على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة التي أقرتها الأمم المتحدة".
وتُشير بيانات ما يسمى حركة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية (يسار)، إلى وجود نحو 666 ألف مستوطن و145 مستوطنة كبيرة و140 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.