المعادلة في غزة تبدو واضحة للكيان، فالمقاومة هي من تسيطر، ولها الكلمة الأولى تجاه العلاقة مع تل أبيب، وربما المتغير الوحيد في تلك المعادلة هو رغبة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بأخذ زمام المبادرة، وخطوة نحو الأمام لـ"التموضع" لمرحلة ما بعد ولاية أبو مازن، والتي يتم الحديث عنها كثيرا في المرحلة الراهنة.
وفي الوقت الذي نشهد فيه تقاربا واضحا بين تيارات المقاومة على الأرض، والتنسيق الواضح، يخشى الاحتلال من أن يكون ذلك فرصة لحماس في "تسويق" نفسها من جديد كـ"خط مواجهة أول" للمواجهة، ليس في غزة فحسب، بل وأيضا في الضفة الغربية المحتلة.
في الضفة الغربية المحتلة، تبدو المعادلة أكثر تعقيدا، فالمنطقة التي عاشت فترة "شبه هدوء" لسنوات، وانخرطت في "مشاريع" اقتصادية مع الاحتلال، عادت من جديد لنهج المقاومة، بعد سياسات عنصرية، وبطش وتقتيل مارسه الاحتلال، وتم تنفيذ عمليات مسلحة استطاعت من خلالها أن تبكي الإسرائيليين.
الأمر المقلق للكيان المحتل، هو أن هذه المقاومة ظهر كثير منها بـ"طابع شبه عسكري"، استطاعت من خلالها تحقيق نجاحات لافتة. ففي النصف الأول من العام الحالي وحده، تم تنفيذ 6704 عمليات في الضفة الغربية، توزعت بين عمليات إطلاق نار وطعن ودهس، وغيرها، فيما شملت العمليات جميع مدن الضفة الغربية المحتلة تقريبا. وبلغ عدد الإسرائيليين الذين قتلوا في هذه العمليات 34 شخصا.
وما بين غزة ورام الله، يجد نظام تل أبيب للفصل العنصري نفسه محاصرا بعشرات الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات قاطعة، وربما بالسرعة الممكنة، قبل أن يداهمه الوقت، ويجد نفسه فعليا في "مرحلة ما بعد محمود عباس"، فرغم تصرف الحكومة اليمينية بوثوق كاذب، وبأن ما من شيء يدعو للقلق، يحذر خبراء ومسؤولون أمنيون في كيان الفصل العنصري من أن كيانهم غير مستعد بالفعل لمثل هذه الفترة "الضبابية".
ويقول خبراء، بحسب الصحافة العبرية، إن الكيان يعيش اليوم حالة ضعف واضحة، وإن حماس "شخصت هذه الحالة"، وقد تلجأ إلى استغلالها في الرقيب العاجل.
تل أبيب ما تزال منتشية بالاختراقات التي حققتها على الساحة العربية والدولية، وبخطاب اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة قبل أيام، حين ألغى خريطة فلسطين عن الوجود. لكن تحت الرماد هناك جمر يشتعل، وقلق كبير من أن تخرج الأمور عن السيطرة في أي لحظة.