يؤشر عودة الاحتلال الإسرائيلي إلى سياسة اقتحامات مدن الضفة الغربية، لا سيما جنين ونابلس، بشكل كثيف، في إطار"العقاب الجماعي"؛ لحالة إرباك وتخبط كبيرين اشتدا عقب عملية إطلاق النار في الأغوار أمس التي أدت لإصابة مستوطنة إسرائيلية، وذلك بعد نحو 24 ساعة من عملية القدس، ما دفعه للإمعان في تصعيده لقهر الإرادة الفلسطينية العصية على جرائمه.
وحول الاحتلال بعض مدن وقرى الضفة الغربية إلى ثكنات عسكرية، وذلك بنشر عناصره الكثيفة وتشديد إجراءاته الأمنية، بالتزامن مع زيادة وتيرة اقتحاماته ومداهمة منازل الفلسطينيين وتنفيذ عمليات الاعتقال بين صفوفهم، والتي طالت منطقة الأغوار بعد عملية إطلاق النار أمس، التي وقعت بالقرب من عملية مشابهة قبل 4 أشهر فقط وأدت لمقتل 3 مستوطنات إسرائيليات.
وتتوغل اقتحامات قوات الاحتلال في عمق أراضي الضفة الغربية، ومنها الخاضعة للسلطة الفلسطينية، وفق تصنيف اتفاق "أوسلو"، فيما يعود الجزء الأكبر منها إلى المناطق "ج"، التي تشكل زهاء 61 % من مساحة الضفة، في محاولة منها للسيطرة عليها واستلابها وضمها لكيانها المحتل بالكامل.
وأعلنت حكومة الاحتلال اليمينية حالة الاستنفار والتأهب الأمني، في ظل إطلاق التهم لمؤسستها الأمنية إزاء عجزها عن توقع العمليات الفلسطينية قبيل تنفيذها والعمل على إحباطها، مما يشي عن عمق الأزمة الداخلية التي تعتري عقر الكيان الإسرائيلي.
جاء ذلك بالتزامن مع تأمين قوات الاحتلال الحماية الأمنية المشددة لاقتحام المستوطنين المتطرفين، أمس، المسجد الأقصى المبارك، من جهة "باب المغاربة"، وتنظيم الجولات الاستفزازية في باحاته، وأداء الطقوس التلمودية في منطقة "باب الرحمة" شرقي المسجد، وفق دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة.
ونشرت قوات الاحتلال، قواتها ووحداتها الخاصة في باحات المسجد الأقصى وعند أبوابه، لتأمين اقتحامات المستوطنين، فيما تواصل فرض قيودها على دخول المصلين للأقصى، وتُدقق في هوياتهم وتحتجز بعضها عند بواباته الخارجية.
وكثف الفلسطينيون دعواتهم للرباط والاحتشاد بالمسجد الأقصى، في ظل المخاطر التي يتعرض لها، بفعل ممارسات الاحتلال ومستوطنيه ومخططاتهم التهويدية، في محاولة لفرض السيطرة الكاملة عليه، وتقسيمه زمانيا ومكانيا.
من جانبه؛ قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن الصمت الدولي وغياب المحاسبة هو الذي شجع الاحتلال الإسرائيلي على التمادي في ارتكاب جرائمه ضد أبناء الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها جريمة إعدام قوات الاحتلال، قبل يومين، بدم بارد للطفل محمد فريد شوقي الزعارير (15 عاما) قرب بلدة السموع جنوب الخليل، والشاب مهند المزارعة شرقي القدس .
وقال، إن حكومة الاحتلال تتحدى القانون الدولي بعمليات القتل اليومية لأبناء الشعب الفلسطيني، وتصر على المضي في عمليات القتل والإعدامات الميدانية، واقتحام المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإنزال أشد العقوبات الجماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، بما يتناقض مع الشرعية والقوانين الدولية الإنسانية.
ودعا أبو ردينة، المجتمع الدولي ومؤسساته وفي مقدمتها مجلس الأمن، إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، مشددا على ضرورة تدخل الإدارة الأميركية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية قبل فوات الأوان، لأن البديل هو جر المنطقة إلى مربع العنف وعدم الاستقرار .
وأكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية تتحملان مسؤولية تدهور الأوضاع وانفجارها، مشيرا الى أن تحقيق الأمن والاستقرار يأتي من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وليس عبر إعدام الأطفال واقتحام المدن وسياسات العقاب الجماعي.
وبالمثل؛ قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية إن الاحتلال الإسرائيلي يستغل غياب الجدية الدولية في تطبيق حل الدولتين لضم الضفة الغربية، وتطبيق القانون الإسرائيلي على أجزاء واسعة منها، بما يؤدي إلى إغلاق الباب أمام أي فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض، بعاصمتها القدس المحتلة.
وأوضحت الوزارة في بيان صدر امس، أن جرائم الاحتلال اليومية بحق شعبنا وممتلكاته يشكل امتدادا لحرب الاحتلال المفتوحة على الوجود الفلسطيني، وحقوق شعبنا الوطنية العادلة والمشروعة، ومحاولة إسرائيلية متواصلة لكسر إرادة الصمود ومواجهة الاحتلال والدفاع عن النفس لدى شعبنا.
وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج انتهاكاتها وجرائمها بما تشكله من مخاطر حقيقية تهدد بتفجير ساحة الصراع، مؤكدة أن الصمت الدولي على هذه الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي انعكاس لازدواجية المعايير، وغياب الإرادة الدولية في احترام وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وتعبير أيضا عن عدم جدية دولية في تحقيق التهدئة، واستعادة الأفق السياسي لحل الصراع.
من جانبها، أكدت حركة "حماس"، إن عملية القدس تأتي دفاعا عن المسجد الأقصى وردا على اقتحامات المستوطنين وأداء الطقوس التلمودية في ساحاته.
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي، أن الشعب الفلسطيني يثبت من جديد أن إرادته أقوى من كل المؤامرات التي تستهدف إشغاله عن مواجهة العدو والتصدي له.
اقرأ المزيد:
استشهاد فلسطيني بالأغوار بزعم تنفيذه عملية إطلاق نار - فيديو