وكثف المرشحان خلال اليومين الماضيين من تصريحاتهما وتبادل الاتهامات أيضا، لا سيما أن هذه الانتخابات الرئاسية تكتسب أهمية خاصة، لأنها ستحدد مصير عقدين من حكم أردوغان وسياسته الداخلية والخارجية أيضا.
وكان أردوغان حصل في الجولة الأولى يوم 14 الشهر الحالي، على 49،5 % من الأصوات، وهي تقل قليلا عن الأغلبية اللازمة لتجنب جولة إعادة.
فيما حصل كليتشدار أوغلو، وهو مرشح تحالف للمعارضة يضم ستة أحزاب، على تأييد 44.9 % من الناخبين. وحل المرشح القومي سنان أوغان ثالثا بحصوله على نسبة 5.2 % من الأصوات ليتم استبعاده.
إلا أن تلك النتائج أربكت توقعات منظمي استطلاعات الرأي الذين وضعوا مرشح المعارضة في المقدمة.
وأثبت أردوغان أنه ما يزال اللاعب الأقوى. ويأمل مرشح حزب العدالة والتنمية، الحزب الحاكم في البلاد بعد أكثر من 20 عاما في السلطة، بتمديد فترة حكمه كأطول الحكام بقاء في تركيا الحديثة.
ومن شأن فوزه أن يرسخ حكم زعيم غير تركيا ويعيد تشكيل الدولة العلمانية التي تأسست قبل 100 عام لتناسب رؤيته المحافظة مع تعزيز سلطته، فيما يعتبره معارضوه توجها نحو السلطوية، لا سيما أن أردوغان تلقى قبل أيام دعما من المرشح القومي المتشدد سنان أوغان مما عزز موقفه وزاد من التحديات التي يواجهها منافسة كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة.
علما أنه في الانتخابات البرلمانية التي جرت أيضا في 14 الشهر الحالي، تراجع تأييد حزب العدالة والتنمية سبع نقاط من 42.6 % فاز بها في انتخابات 2018، لكن مع تمتع تحالفه بأغلبية برلمانية، دعا أردوغان الناخبين إلى دعمه من أجل ضمان الاستقرار السياسي.
أما أوغلو، فهو مرشح المعارضة الرئيسي ورئيس حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، فقد طرح على الناخبين برنامجا شاملا ووعودا بتحسين النظام الديمقراطي، بما في ذلك العودة إلى النظام البرلماني لإدارة البلاد واستقلال القضاء الذي يقول منتقدون إن أردوغان استغله لقمع المعارضة.
لكنه بدأ منذ أسبوع بتشديد لهجة خطاباته في محاولة لاستمالة الناخبين القوميين من أجل هزيمة أردوغان، متعهدا بإعادة ملايين اللاجئين إلى بلادهم.
ومن بين أبرز ثلاث ملفات استغلتها المعارضة كنقاط ضعف لأردوغان وهي اللاجئين والديمقراطية والوضع الاقتصادي، شكل ملف اللاجئين في تركيا محور جدل كبير بين تحالف الشعب المعارض وتحالف الجمهور الحاكم، فبينما توعدت المعارضة بترحيل اللاجئين في غضون عام حال فازت بالحكم، فإن تحالف الجمهور الحاكم وعد بعودتهم الطوعية الآمنة.
وما بين الخطابين يعيش اللاجئون حالة من الترقب لمعرفة مصيرهم، فلا شيء يشغلهم اليوم أكثر من انتخابات لا صوت لهم فيها.
ويقول مرشح المعارضة أوغلو "عند وصولي للحكم سأرسل 10 ملايين لاجئ إلى بلدهم". وقد شدد كليجدار خطابه تجاه اللاجئين وأكد عزمه على طردهم إذا وصل إلى الحكم.
هذا الخطاب دفع بعض الساسة للاستقالة من التحالف المؤيد لأوغلو، قائلين إنه يمثل إهانة للاجئين.
أما الرئيس أردوغان فيعتبر طرد اللاجئين تصرف غير إنساني ولا إسلامي. وتقوم مقاربة تحالفه على وضع خطة للعودة الطوعية إلى المناطق الآمنة للسوريين، وإبقاء أصحاب الكفاءات منهم.
ومن المؤثرات في صناديق الجولة الثانية، هو غضب الأحزاب الموالية للأكراد في تركيا الخميس الماضي رغم إعلانها استمرار دعمهم لأوغلو في جولة الإعادة بسبب اتفاقه مع حزب الظفر اليميني المتطرف المعادي للأكراد، فقد أعلن أوميت أوزداج زعيم حزب الظفر(حصل على تأييد 2.2 % من الناخبين في انتخابات البرلمان) تأييده لأوغلو الأربعاء الماضي.
وتكمن أهمية الانتخابات الراهنة في أنه ليس فقط سيحدد من سيقود البلاد، العضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" والتي يبلغ عدد سكانها نحو 85 مليون نسمة، ولكن أيضا كيف ستتم إدارتها وإلى أين يتجه اقتصادها وسط أزمة غلاء المعيشة المتفاقمة كما سيحدد مسار سياساتها الخارجية.
منتقدي أردوغان يتهمون حكومته بتكميم أفواه المعارضة وانتقاص من الحقوق وإخضاع النظام القضائي لنفوذها، كما أن الجانب الاقتصادي يحتل حيزا لا بأس به من الانتقاد لأردوغان، خصوصا أن بعض الخبراء يرون أن سياسته غير التقليدية المتمثلة في خفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع الأسعار زادت التضخم إلى 85 % العام الماضي، وأدت إلى هبوط الليرة إلى عشر قيمتها مقابل الدولار على مدى العقد الماضي.
فيما تعهد أوغلو بالعودة إلى تنفيذ سياسات اقتصادية تقليدية واستعادة استقلال البنك المركزي التركي.
أما في ما يتعلق بالشؤون الخارجية، ففي ظل حكم أردوغان استعرضت تركيا قوتها العسكرية في الشرق الأوسط وخارجه، وأقامت علاقات أوثق مع روسيا، بينما شهدت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توترا على نحو متزايد.
يشار إلى أنه يحق لأكثر من 64 مليون تركي التصويت في ما يقرب من 192 ألف مركز اقتراع. ويشمل العدد أكثر من ستة ملايين مارسوا هذا الحق للمرة الأولى يوم 14 الشهر الحالي، وهناك 3.4 مليون ناخب في الخارج صوتوا في الفترة من 20 إلى 24 الشهر الحالي.
وكانت نسبة المشاركة في جولة الانتخابات الأولى عالية، فقد وصلت بشكل عام داخليا وخارجيا إلى 87.04 %.-(وكالات)