تحديات مُناخية مشتركة تعاني منها دول الشرق الأوسط والبرتغال واسبانيا باتت تنعكس تأثيراتها على عدة قطاعات من بينها المياه.
هذه التحديات كان وقعها على البرتغال واسبانيا مختلفًا اذ شق التعاون المشترك بين الدولتين طريقًا لمواجهة تداعيات المُناخ عبر وضع اتفاق لإدارة المياه المشتركة فيما بينها.
واتفاقية البوفيرا التي وضعت عام ١٩٩٨ تضمنت تفاصيلها مبادئ تقاسم المياه، والمنافع والأضرار، وقضايا النظم الايكولوجية، والطاقة، والزراعة وغيرها.
كما تشدد الاتفاقية على الإدارة العادلة لموارد المياه المشتركة بين بلدان المنبع والمصب، حتى لو تغيرت الظروف في المستقبل.
وللاطلاع على تجربة البرتغال واسبانيا في مجال إدارة المياه المشتركة نظمت مبادرة السلام الأزرق لمنطقة الشرق الأوسط زيارة علمية لنحو 19 مشاركاً ممثلين عن المبادرة، والجهة المانحة، والإعلاميين من دول الأردن، والعراق، وتركيا.
وفي الزيارة التي تستمر لنحو خمسة أيام، الممولة من الوكالة السويسرية للتنمية، والمنفذة من قبل منظمة الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه (INWRDAM) يطلع المشاركون على تطور التعاون في مجال المياه العابرة للحدود بين البرتغال وإسبانيا، والمفاوضات الدقيقة التي أدت إلى التوقيع على اتفاقية البوفيرا، وزيارة مختلف السدود.
وجاء اختيار هذه المنطقة تحديداً لإجراء الزيارة العلمية بحسب رئيسة اللجنة الإدارية في مبادرة السلام الأزرق م. ميسون الزعبي بهدف "إظهار النموذج البرتغالي – الاسباني الناجح في إدارة المياه، وخاصة أن ثمة تحديات مشتركة بين الأردن والدول العربية وبين تلك الدولتين في قضايا المياه العابرة للحدود".
وأضافت لـ"الغد" أن "البرتغال واسبانيا أدركتا الحاجة لحوكمة التعاون المشترك في إدارة المياه والتي ترجمت بوضع اتفاقية بهذا الشأن، وانبثق عنها فرق عمل لعكس بنودها لقرارات تُنفذ على أرض الواقع".
وهذا الأمر، من وجهة نظرها "يجسد أهمية اتخاذ القرارات الداخلية للدول العربية من خلالها وحدها، ودون الحاجة للاستعانة بأي من الأطراف الخارجية لمساعدتها بذلك الشأن، ولا سيما ما يتعلق بقضايا المياه المشتركة".
وأشارت الى أن "التفاهمات بين الدول حول قضايا المياه العابرة للحدود تحتاج لفترة زمنية، ولكن تلعب الثقة دوراً كبيراً في التوصل الى مثل تلك الاتفاقات بين الدول".
وبينت أن "الدول العربية تفتقر لوجود المتابعة والتقييم لأية اتفاقات مشتركة فيما بينها، رغم أن الأردن تقدم في مجال تنقية المياه العادمة عن دولتي البرتغال واسبانيا، والذي يمكنه من تبادل خبراتنا مع الجهات المعنية لديهم".
وحول مترابطة المياه والطاقة والغذاء والبيئة أكدت الزعبي على أن "الأردن مقارنة بهاتين الدولتين بدأ العمل مبكراً على هذه المترابطة بحيث أصبح التعاون والتنسيق المشترك بين القطاعات هو الأساس لترجمتها بشكل عملي".
وفي رأيها فإن "الاعتراف الحكومي بوجود مشكلة تتعلق بسوء إدارة المصادر المائية يعد واحداً من الحلول لمواجهة التحديات المائية، في وقت نحتاج فيه لإعادة النظر باستراتيجية الفاقد المائي في الأردن".
ولفتت الى أن "التغيرات المُناخية التي تشهدها دول المنطقة، الى جانب الشح في المصادر المائية سيرفع وتيرة المنافسة بين الدول مستقبلاً على المياه".
وشددت على أن "العمل المشترك بين الدول هو الأساس في تحقيق النجاح في عدة قطاعات وعلى رأسها المياه، وهو ما تقوم عليه مبادرة السلام الأزرق".
بدروه، أكد الخبير في المياه الإقليمية د. حكم العلمي على "عدم وجود اتفاقيات بشأن قضايا المياه المشتركة، وإنما عهود أقرب لأن تكون شكلية، والتي تُعد غير كافية للبناء عليها مستقبلاً".
ولفت لـ"الغد" الى أن "وضع اتفاقيات مشتركة مشابهة لاتفاقية إدارة المياه بين البرتغال واسبانيا، على المستوى المحلي، او ثنائي، يتطلب أن يكون هنالك برامج وخطط منفذة، وبشكل كبير في مجال الطاقة والمياه على سبيل المثال".
ومن أجل الوصول لتلك الخطوة، لا بد من وجهة نظره "مراجعة كافة الاتفاقيات المعمول بها حالياً باعتبار أن العديد منها قديمة ويجب إدخال تعديلات عليها لتتوائم والمرحلة الحالية، في ظل ما يشهده الأردن والمنطقة من تغيرات مناخية متطرفة".
وتلعب "الإرادة السياسة جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ أية اتفاقيات، او مشاريع ذات علاقة بقضايا المياه مستقبلاً، الى جانب التعاون الإقليمي، وصولاً لوضع اتفاق في مجال إدارة المياه"، بحسبه.
وأضاف ان "مجابهة التحديات المتعلقة بتغير المُناخ تتطلب تعاون إقليمي على مستوى المنطقة العربية، وإدراك بأن عامل الزمن ليس في صالح أي من هذه الدول".
ولا بد، من وجهة نظره أن "تعمل دول المنطقة ضمن مسارين محددين خلال الفترة المقبل، بحيث يستند كلا منهمت على وضع خطط طويلة المدى، وأن ينُفذ العمل بأقصى سرعة ممكنة".
وتابع قائلاً أن "مشاركة الأجيال الشابة والنساء في رسم العمل المستقبلي في قضايا المياه على المستوى المحلي والإقليمي بات ضرورة ملحة".
وفي رأيه على "صناع القرار البناء على المتوفر حالياً من برامج واستراتيجيات بشأن قضايا المياه، دون الاتجاه نحو وضع أخرى جديدة والاستغناء عنها، مع التركيز على شأن الاستدامة في العمل".
اقرأ المزيد :
إطلاق الإستراتيجية الوطنية للمياه.. تركيز على الإدارة المتكاملة للموارد المائية