فيما حذر خبراء ومختصون في الرعاية التنفسية والأوبئة من ارتفاع أعداد المصابين بسبب انتشار الفيروسات التنفسية في هذه الأوقات من السنة، دعوا إلى ضرورة توفير خريطة فيروسية في الأردن للأمراض التنفسية، عن طريق أخذ مسحات عشوائية من طلبة المدارس أو المستشفيات وعيادات الأطفال الطبية.
وأشاروا في تصريحات منفصلة لـ"الغد"، إلى ضرورة أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة، وتلقي مطعوم الإنفلونزا الموسمية الذي يساعد في تجنب الفيروسات التنفسية.
وأشاروا الى أهمية مراعاة الاطفال وكبار السن وحالات الاختطار العالي بسبب تنوع وزيادة هذه الفيروسات، والأخذ بعين الاعتبار التباعد وارتداء الكمامة والالتزام بالاشتراطات الصحية.
وفي السياق، قال خبير العدوى التنفسية استشاري الأمراض التنفسية والصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة إنه منذ فترة بدأت تنتشر بين طلبة المدارس أمراض التهاب الجهاز التنفسي العلوي وبشكل كبير، وتزداد الحالات يوماً بعد يوم.
وتابع الطراونة: "مع التغيرات والتقلبات الجوية، هناك عدة فيروسات تنشط هذه الفترة، مثل الفيروس التنفسي المخلوي، وهو أحد الفيروسات التنفسية الذي يسبب التهاب المجاري التنفسية والرئتين، وهو شائع للغاية عند الأطفال دون سن العامين، ومن الممكن أن يصيب البالغين".
ولفت إلى أن خريطة الفيروسيات التنفسية في العالم تغيرت بعد جائحة كورونا، بسبب الإجراءات الاحترازية، ما جعل التعرض للفيروسات الموسمية بنسبة أقل، مع انخفاض تراكيز الأجسام المضادة في الجسم، فكان أثر ذلك ظهور فيروسات في غير أوانها، إضافة الى اختلاف سلوك هذه الفيروسات.
وحول الأعراض المصاحبة للفيروس المخلوي، صنّف منها الأعراض الخفيفة التي تشبه أعراض الزكام وهي السيلان، والاحتقان، والحمى، والعطاس، والصداع، ومنها الأعراض الشديدة التي قد تتطلب إدخال المصاب إلى المستشفى نتيجة نقص الأكسجين، موضحا أن الأعراض تشمل تغير لون الأطراف والشفاه إلى اللون الأزرق، واضطراب في التنفس وصعوبته.
وقال: "تكمن خطورة هذا الفيروس في أنه إذا التقى في الجسم البشري أكثر من فيروس تنفسي تزداد حينها احتمالية المضاعفات، وعلى رأسها الالتهاب الرئوي البكتيري حيث يكون الأكثر عرضة لها كبار السن، والحوامل، وأصحاب الأمراض المزمنة، والمدخنون، كما أنه يزيد من احتمالية حدوث نوبات ربو.
ونصح الطراونة للوقاية من الإصابة بالفيروس المخلوي، غسل الأيدي جيدا، وتثقيف الأطفال بالمحافظة على نظافتهم الشخصية، وتهوية الغرف الصفية، والحفاظ على آداب العطاس والسعال، فضلا عن عدم مشاركة الأكواب والمستلزمات الشخصية مع الآخرين، كما أنها فرصة جيدة للمدخنين للإقلاع عن التدخين كونهم أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس من غير المدخنين.
وتابع: "من الجيد أيضاً الحصول على مطعوم الإنفلونزا الموسمية الذي يقي بنسبة 75 % من الإصابة بالفيروس.
ودعا وزارة الصحة إلى ايجاد إحصاءات عن الفيروسات المنتشرة في الأردن، وذلك عن طريق أخذ مسحات عشوائية من طلبة المدارس أو المستشفيات وعيادات الأطفال الطبية لمعرفة الخريطة الفيروسية في الأردن، والقدرة على إيجاد حلول وقائية للحد من الإصابة بها.
بدوره، قال خبير الأوبئة الدكتور عبد الرحمن المعاني إن بدء فصل الخريف ودرجات الحرارة المنخفضة وتساقط الأمطار والهواء الجاف يؤدي إلى بطء إنتاج مادة المخاطية في الأنف والمسالك الهوائية بشكل عام، ما يسهل من دخول الفيروسات إلى الجسم، كما أن قدرة الخلايا المناعية على بلعمة الأجسام الممرضة تنخفض في فصلي الخريف والشتاء.
وتابع أن نشاط الفيروسات التنفسية وقدرتها على تخطي جدار الخلايا يرتفعان في هذين الفصلين، مشيرا إلى أنه مع دخول فصل الخريف وبعد الشتاء تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض، ويميل معظم الناس إلى إغلاق الأبواب والنوافذ خشية البرد، وهو ما يساعد في تأمين بيئة مناسبة لانتشار الفيروسات والجراثيم والبكتيريا وبقائها مدة أطول في الهواء، وبالتالي ارتفاع فرصة انتقالها من شخص إلى آخر، مسببة العدوى وتفشي الأمراض.
وأضاف أن هذا ينطبق على المدارس والحضانات ورياض الأطفال، وبالتالي فإن هذه المواقع معرضة أكثر من غيرها لانتشار الفيروسات وأمراض الجهاز التنفسي، وخصوصا أن الفئات العمرية الموجودة في هذه المواقع هي عرضة أكثر من غيرها للإصابة بالأمراض التنفسية والأمراض المعدية، نظرا للمناعة الضعيفة وعدم اتخاذهم الإجراءات الوقائية الضرورية.
وأوضح المعاني أن أمراض الجهاز التنفسي الأكثر شيوعا هي الإنفلونزا والرشح والسعال والتهاب البلعوم وهي كذلك أكثر الأمراض المعدية.
وبين أنه في الآونة الأخيرة ظهرت سلالات جديدة من الفيروسات، مثل فيروس كورونا المستجد، ما يوجب معه الوقاية وأخذ التدابير اللازمة لوقاية الشخص وعائلته ومجتمعه من هذه الأمراض، من خلال لبس الكمامة التي أثبتت فعالية كبيرة في الحفاظ على السلامة، كونها تعتبر حاجزا دفاعيا أول ضد الفيروسات الخارجية.
وشدد على ضرورة الانتباه إلى اختلاف درجات الحرارة بين المنزل وخارجه، ناصحا بتناول كأس من الماء قبل الخروج، لتعديل درجة حرارة الجسم، ووضع وشاح على الأنف في درجات الحرارة المنخفضة جدا، أو عدم التعرض للهواء البارد حين الخروج من حمام دافئ.
وأكد المعاني ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية والعامة بشكل مستمر ودائم، وغسل اليدين بانتظام عند القدوم من الخارج لمدة لا تقل عن 20 ثانية، وتدليكهما، لأن أكثر الأمراض التنفسية تنتقل عبر المصافحة أو لمس أماكن وجود الفيروسات.
كما حذر من الأماكن المزدحمة، داعيا لترك مسافة أمان لا تقل عن متر ونصف المتر بين الأشخاص، إضافة الى الحفاظ على رطوبة الجسم من خلال شرب السوائل بشكل كاف، وترطيب الجهاز التنفسي، لجعل التنفس أسهل والتقليل من إفرازات الرئتين، فضلا عن الإكثار من المشروبات الدافئة التي تعد من أهم وسائل إمداد الجسم بالطاقة.
ودعا كذلك إلى تهوية المنزل بين الحين والآخر، حيث تعمل المدافئ على تجفيف الهواء في الغرف المغلقة، وبالتالي جفاف الطبقة المخاطية التي تقوم بتنقية الهواء الداخل إلى الأنف من الفيروسات، ما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض.
من جانبه، حذر الدكتور أيمن السيد سالم، أستاذ ورئيس قسم الصدرية في كلية الطب في جامعة القاهرة السابق، من انتشار الأمراض التنفسية والحساسية في هذا الوقت من العام، داعيا إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية.
كما حذر سالم من التعرض للهواء البارد خاصة لمرضى الحساسية الصدرية، وتجنب التعرض للعواصف والغبار والأتربة مشيرا الى أن هناك العديد من مسببات الحساسية تؤدي إلى حدوث مضاعفات، وتتمثل في الأتربة، والبرودة، والروائح النفاذة، فضلًا عن العواصف، والرياح.
وشدد على أهمية توخي الحذر في هذا المناخ البارد، وتجنب النزول في الساعات الباردة من الليل؛ والصباح الباكر، وارتداء الملابس الثقيلة المناسبة حتى لا يتعرض الشخص للعديد من المشاكل الصحية، إضافة إلى وضع غطاء الأنف.
وأكد أن من أكثر المضاعفات التي قد يتعرض لها مرضى الحساسية عند تعرضهم لمسبباتها، إصابتهم بالالتهاب الرئوي الحاد، والتهاب الشعب الهوائية، مشيرا إلى ضرورة الحصول على المطعوم الموسمي للإنفلونزا.
وأوصى بضرورة الاهتمام بالغذاء الذي يرفع المناعة مع توخي الحذر في المناخ شديد البرودة وارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة، خاصة في هذه الأوقات.
اقرأ المزيد :
تحذيرات من الإصابة بأمراض تنفسية في الخريف