على ماذا يراهن الاحتلال في حربه الطويلة على غزة؟

جانب من آثار العدوان الهمجي على غزة -(وكالات)
جانب من آثار العدوان الهمجي على غزة -(وكالات)

أكد خبراء ومحللون سياسيون، أن عدم تحقيق أي هدف من أهداف الحرب الصهيونية على غزة، بعد نهاية اليوم 46، يضع جيش الاحتلال، في موقف متأزم مع الشارع الداخلي فيه، وأمام المجتمع الدولي الداعم له.

اضافة اعلان


ولفتوا إلى أن إطالة أمد الحرب على غزة، تأتي لرغبة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو لتحقيق أي "إنجاز" له، خصوصا في ظل المقاومة الثابتة التي يلقاها في أرض الميدان، من حركة المقاومة.


وفي هذا السياق، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية د. خالد الشنيكات، إن الاحتلال الصهيوني يمارس سياسة الغموض في هذه الحرب.


وأكد في تصريح لـ"الغد" أن الجيش الصهيوني، أعلن في البداية، أن أهدافه هي القضاء على حركة "حماس" نهائيا وإعادة الأسرى والمختطفين، لدى الحركة، وتولي العمل الأمني بالقطاع وكان رافضا لصفقة الأسرى، وكانت تصريحاته متغايرة وغامضة "بين نقبل أو لا نقبل".


ولفت شنيكات، إلى أن الحرب الطويلة لها سيناريوهات عدة، حيث أن الكيان الصهيوني إن قبل بأول صفقة للأسرى، فإنه سيوقف إطلاق النار، لخمسة أيام، وفي ضوء هذه المعادلة هناك صفقة ثانية سيتم الإفراج فيها عن خمسين شخص آخرين، وبالتالي فإن الوقت كفيل بإعادة النظر بالحرب كلها. 


وأضاف "في هذه الحرب، دخل فيها فعليا حزب الله والحوثيون في اليمن باحتجازهم للسفينة". وأشار إلى أن سيناريو الحرب الأول كان يتجه لحرب طويلة لنتنياهو وهو المسؤول عن الفشل الأمني في 7 أكتوبر لإعادة ترميم صورة الردع الصهيوني وأن حماس على مدار العقدين الماضيين صنعت لدولة الكيان أرقًا.


وقال شنيكات إن إسرائيل ترى أنه "إذا حصلت صفقة الأسرى بالاتجاه المطلوب، ربما تعود للمربع الأول، كضربات متفرقة من حماس كما ستبقى الأخيرة جزءا من اللعبة".


ولفت إلى أن هناك دعما أميركيا كبيرا للحرب الطويلة في غزة، وفي ذات الوقت هناك استطلاعات في الولايات المتحدة تشير إلى نظرة سلبية، لدور الرئيس الأميركي جو بايدن في عدم إنهاء الحرب.


وقال شنيكات إن هناك تراجعا كبيرا في شعبية بايدن لذلك فإن "الحرب الطويلة كخيار له قيوده، وليست كل الفرص متاحة أمامه، خصوصا بالحديث عن اليوم 46 من الحرب دون تحقيق  الكيان لأي منها".


وأشار إلى أنه لم يتم القبض، أو قتل أي من قيادات حماس، وهناك فشل في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، لحقه فشل وراء فشل إلى هذا اليوم.


وأكد شنيكات "نحن في حالة مخاض، ولو كان الأمر بيد نتنياهو لاستمرت الحرب طويلا ليتجنب أي مساءلة من الاتجاه السياسي، ولكن هناك تغيرات وقواعد هذه الحرب، فيها تغير هائل بالأفكار والإستراتيجيات والأهداف والتكتيكات.


وأكد أنه من غير المتوقع، حتى هذه اللحظة أن تكون الحرب طويلة لأشهر، وقد تنتهي بأي لحظة بعدم استمرار القصف أو صفقة تبادل أسرى أو تسويات سياسية.


بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية د. بدر الماضي، أن الاحتلال لا يبحث عن حرب طويلة لأنها مكلفة سياسيا واقتصاديا وإنسانيا.


وقال الماضي "لا أعرف إن كان هدف التفكير الصهيوني، بموضوع إطالة الحرب ستنعكس إيجابياً على المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية بشكل أو بآخر".


ولفت إلى أن حكومة الاحتلال تحاول ترويض المنطقة لصالح مشروعها، وأن الحرب ضد مصالحها، بإظهار دولة الاحتلال، كقوة ملهمة في الشرق الأوسط من خلال الديمقراطية والصناعة والتكنولوجيا والقوة العسكرية.


وأضاف الماضي "هناك مجموعة من الأهداف، يريد أن يحققها الاحتلال، أولها القضاء على حماس ككيان سياسي، يعطي شرعية للمقاومة في قطاع غزة".


والهدف الثاني بحسب الماضي، هو إطلاق سراح الأسرى دون أن تقدم دولة الاحتلال، تنازلات كبيرة لحركة حماس والمقاومة.
وبين أن تقديم التنازلات، هو اعتراف بوجود حماس ككيان سياسي في قطاع غزة، مستمر وسيبقى في السنوات القادمة، وهذا ما لا تريده إسرائيل.


وقال الماضي، إن الكيان الصهيوني، اكتشف بعد هذه الحرب أن التعايش مع حركات مقاومة في جانب الأراضي المحتلة في الجنوب سيشكل حالة من القلق الدائم له، لذلك فهو مهتم حاليا بتحرير الأسرى، ومحاولة القضاء على حماس كحركة سياسية والتمهيد لذلك عسكريا كما يحدث الآن.


وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يريد خنق حماس سياسيا من خلال المجتمع الدولي، وبعض الدول العربية التي لم تعد تؤمن بحق الحركة في المقاومة.


واختتم الماضي حديثه قائلا "لا أعتقد بأن الحرب ستطول وإطالة الحرب ليست من مصلحة إسرائيل ولا للمخططات في الشرق الأوسط والتنمية الاقتصادية".


من جانبه، قال المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، إن حرب غزة 2023، تختلف عما سبق، فهي المرة الأولى منذ نصف قرن، التي تعلن فيها إسرائيل الحرب رسميا، الأمر الذي يعكس رغبة صهيونية، بإعادة احتلال القطاع والقضاء على حركة حماس وجناحها العسكري وبقية الحركات الفلسطينية الأخرى وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي.


وأوضح الحجاحجة أن هذا السيناريو يتطلب اجتياحا بريا، وخوض حرب مدن، خاصة أن نظرية الحروب التي تُحسم جوا والتي نجحت ضد صربيا في 1999، لم تنجح لا في جنوب لبنان ولا في غزة خلال العشرين سنة الأخيرة.


وأضاف أن "حركات المقاومة الفلسطينية أكثر قدرة على الصمود من الجيوش النظامية، الأمر الذي أجبر تل أبيب على خوض حروب برية في غزة رغم تسيدها سماء المعركة، إلا أنها في كل مرة تضطر للانسحاب، نظرا لحساسيتها للخسائر البشرية".


وأكد أن "جيش الاحتلال بعدها كان يضطر للتفاوض مع حماس حول تبادل الأسرى"، مشددا على أن محاولة جيش الاحتلال، التوغل داخل مدن وأحياء غزة، من شأنه رفع التكلفة البشرية للحرب وإطالة زمنها، لأنه سيضع قواته ومدرعاته تحت مدى أسلحة مقاتلي حركة حماس، ما يلغي التفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي، ويجعل القتال من مسافة صفر.


وتابع الحجاحجة "حتى لو تمكن جيش الاحتلال، من احتلال كامل قطاع غزة، فإن قدرته على البقاء، في القطاع لمدة طويلة محلّ شك، فمدة الحرب مرتبطة بمدى صمود الفصائل الفلسطينية وتكتيكها، وهل ستخوض حرب مدن أم تفضل حرب العصابات، التي لا تتطلب التمسك بالأرض، وإنما الكر والفر والكائن".


وقال إن مدة الحرب وفق أهداف تل أبيب، ترتبط ايضا بقدرتها على استعادة قدرة الردع، ومدى توسع هذه الأهداف أو تقلصها، بناء على تطورات الحرب، وهل هناك ضغط دولي يجبر الجيش الإسرائيلي على وقف مجازرها في غزة، أم أن شظايا الحرب ستطال دولا أخرى مثل لبنان، ما يؤدي إلى توسيعها بقصد أو بدون قصد.

 

اقرأ المزيد : 

جمعية قرى الأطفال SOS: مخاوف من تفاقم أعداد فاقدي السند الأسري في غزة