"نظام الجودة لرياض الأطفال".. هل يشكل مدخلا لتحسين التعليم؟

إحدى رياض الأطفال في عمان-(أرشيفية)
إحدى رياض الأطفال في عمان-(أرشيفية)
عمان - يحتل محور الطفولة المبكرة حيزا كبيرا في رؤية التحديث الاقتصادي والإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، وكذلك في الخطة الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم باعتباره المدخل الرئيسي لإصلاح التعليم المنشود، وذلك لدوره الأساسي في رفع الاستعداد للتعلم في المراحل التعليمية اللاحقة.اضافة اعلان
وفيما نصت إحدى المبادرات والأولويات التي تضمنها البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث لقطاع التعليم خلال العام الحالي على تطوير المناهج والمعايير والأدلة وأدوات التعلم والتعليم، من خلال تطوير نظام الجودة في رياض الأطفال، يبقى السؤال المطروح الآن هل سيشكل نظام الجودة المطور لرياض الأطفال مدخلا أساسيا لتحسين التعليم؟
وكان تقرير المتابعة والتقييم السنوى للخطة الإستراتيجية لوزارة التربية والتعليم للعام 2021/2022 الذي حصلت "الغد" على نسخة منه، تضمن أهم التحديات والتوصيات التي تثري التخطيط الإستراتيجي للعام 2023 /2024، مشيرا في مجال تطوير نظام ضمان الجودة لرياض الأطفال إلى أبرز التوصيات في هذا الإطار، والمتمثلة بتأهيل الكوادر البشرية اللازمة لمرحلة تطبيق النظام وتفعيله بالسرعة الممكنة.
واستعرض التقرير التحديات التي تواجه الوزارة من أجل زيادة التحاق الأطفال ذوي الإعاقة برياض الأطفال، وتمثلت بعدم توفر البنية التحتية اللازمة لهم بشكل كاف في المدارس الحكومية، وكذلك عدم توفر الموارد المالية لتعيين معلمات الظل، فضلا عن تواضع خبرة معلمات رياض الأطفال في التعامل مع الطلبة ذوي الإعاقة.
إلى ذلك، قالت مديرة الطفولة في وزارة التربية والتعليم الدكتورة عالية عربيات إن الهدف الرئيسي من تطوير نظام جودة رياض الأطفال هو ضمان جودة الخدمة المقدمة في رياض الأطفال والارتقاء بها في القطاعين العام والخاص. 
وأكدت عربيات لـ"الغد"، أن نظام الجودة المطور سيعمل على توفير بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة للتعلم والتعليم، من خلال تزويد رياض الأطفال بالمستلزمات والأدوات والوسائل التعليمية المختلفة، بالإضافة إلى توفير كوادر تربوية مؤهلة ومدربة للتعامل مع الأطفال، بمن فيهم ذوو الإعاقة، وهو ما يتناغم مع الإستراتيجية العشرية للتعليم الدامج.
وعرفت نظام الجودة بأنه مجموعة من المعايير ومؤشرات الأداء التي على أساسها تم تطوير أدوات قياس تساعد في الوقوف على مدى تحقق هذه المعايير والمؤشرات في رياض الأطفال.
وأشارت الى أنه وانطلاقا من رؤية التحديث الاقتصادي والإستراتيجيّة الوطنيّة لتنمية الموارد البشريّة 2016 – 2025 ولتحقيق الرؤية الإصلاحيّة الرّامية إلى التّأكد من حصول جميع الأطفال على تعليم مبكّر عالي الجودة بحلول عام 2025، تم تطوير نظام الجودة لرياض الأطفال، حيث سعت الوزارة إلى تعزيز نظامها بهذا الخصوص.
وأكدت أن النظام سيتم تطبيقه على جميع مقدمي خدمات رياض الأطفال للمرحلتين الأولى والثانية في القطاعين، مشيرة إلى أن نظام ضمان الجودة سيقوم بتطوير وتعزيز إطار عمل تنظيمي ينسق عمليات ضمان الجودة الحالية المخطط لها، بالاضافة إلى أنه سيتضمن توصيات لتحسين جودة الخدمات المقدمة من خلال إستراتيجيات سيتم صياغتها بعناية وبشكل محدد، بحيث يمكن لرياض الأطفال الاستهداء بها والعمل على تحسين الجودة في المدى القريب.
وبينت أن التطبيق الرسمي للنظام على مراحل في رياض الأطفال الحكومية والخاصة سيكون في مطلع العام 2024، مشيرة الى أن النظام يتضمن ثلاثة عناصر رئيسة تتماشى مع الممارسات الدولية الفضلى أهمها معايير جودة محددة بوضوح وتوازن بشكل مناسب بين الأبعاد الهيكلية والخاصة بالعمليات، وأبعاد التعلم في الطفولة المبكرة.
والعنصر الثاني يتمثل بأدوات الرصد التي يمكن لمشرفي مقيمي رياض الأطفال استخدامها لقياس أداء رياض الأطفال على أساس المعايير المحددة، أما العنصر الثالث فيتمثل ببروتوكول العمل الذي يضم الزيارات الميدانية لمشرفي مُقيمي رياض الأطفال، وإدارة أدوات الرصد، والإجراءات التي يتم من خلالها تعزيز الجودة ودعمها.
وبخصوص معايير الجودة، أوضحت عربيات أن البند الأول يتكون من ستة جوانب هي (الإدارة والقيادة، والبيئة، والمناهج والمواد التعليمية، ومعلمة الأطفال، والتقويم والشراكات) حيث تم تطوير عدد من المعايير والمؤشرات المحددة لكل جانب والتي تدل على جودة رياض الأطفال، وتعكس المؤشرات كلاً من الممارسات الفضلى وسياق نظام التعليم الأردني، وهناك بنود محددة لأداة الرصد.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، بلغ معدل الالتحاق الأطفال برياض الأطفال العام الماضي 134571 طفلا وطفلة موزعين على 6420 شعبة. 
وبهذا الصدد، اعتبر مدير إدارة التخطيط والبحث التربوي في وزارة التربية والتعليم سابقا الدكتور محمد أبو غزلة، أن وجود نظام جودة مطور لرياض الأطفال من شأنه أن يساعد في حل الكثير من التحديات، وأن يسهم برفع نسبة الالتحاق في رياض الأطفال الحكومية والخاصة من جميع فئات الطلبة بما فيهم ذوو الإعاقة.
كما من شأنه أيضا، بحسب أبو غزلة، أن يسهم في التوسع في بناء رياض أطفال جديدة، ويحدد شروط متطلبات الالتحاق بها. 
وقال إن نظام الجودة المطور سيحدد مدى جودة الكادِر الذي سيعمل مع رياض الأطفال، ومدى مناسبة البيئة لعمل الرياض من خلال تحسين الخدمات المتوفرة للطلبة وأسرهم لضمان الالتحاق في ظل تأثر دخل الأسر وارتفاع التكاليف.
وأضاف أبو غزلة أن النظام سيعمل على توفير قوى عاملة مؤهلة ومدربة، ناهيك عن تقديم مناهج وبرامج تعليمية وحياتية محكمة ومناسبة لهذه الفئات العمرية، إضافة إلى توفير قواعد بيانات موثوقة، ما يعني حوكمة هذا القطاع وتوحيد مرجعياته القانونية والتربوية.
وأكد أبو غزلة ضرورة أن تعمل الوزارة على تشجيع الاستثمار في هذا القطاع، مع أهمية توفير كل أشكال الدعم لضمان الشراكة الحقيقية معهم، ولضمان تحقيق ما وضع من مستهدفات الرؤية الاقتصادية 2033.
وأشار إلى أن وجود نظام لجودة رياض الأطفال سيشكل رافعة وطنية ومدخلا أساسيا لتحسين التعليم، منوها بأن من شأنه أن يرتقي بتطوير مؤسسات التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، ومساعدتها على تطبيق معايير الجودة والارتقاء بمستوى القدرة المؤسسية والفاعلية التعليمية للمساهمة في إعداد الأطفال للمستقبل، بكل ما يحمله لهم من تحديات وصعاب في ضوء دخول العالم في الثورات الصناعية المختلفة.
بدورها، اعتبرت المستشارة والخبيرة في الطفولة المبكرة الدكتورة سهى الطبال، أن تطوير نظام الجودة يُمهد لتوفير بيئة اجتماعية وماديّة تُشجّع التعلُم الدّامج النشط، ومثال ذلك بيئة مرحلة رياض الأطفال ذات الجودة العالية التي تحتوي على غرف صفيّة جيدة الإضاءة والتهوية، بألوان متغايرة، وبيئة اجتماعية ودودة، تضمن أن يتعلم الأطفال بشكل أفضل من خلال العمل والأنشطة الهادفة.
وبينت طبال أن رياض الأطفال عالية الجودة تسهم في تطوير المهارات الجسدية والعاطفية الانفعاليّة والاجتماعية والأكاديمية، بالإضافة إلى المهارات التواصلية والحركية. 
وأكدت أن الرياض عالية الجودة توفر بيئة دافئة وجاذبة للطفل، وتعزز الاستكشاف بوجود مراكز تعلم (أركان أو مناطق مُختلفة) للعب والتعلم. 
وشاطرهما الرأي الخبير التربوي عايش النوايسة الذي قال إن الوزارة اتجهت، بموجب رؤية التحديث الاقتصادي، إلى ضمان جودة الخدمات المقدمة في رياض الأطفال، وذلك بمساعدة الرياض على تحقيق الجودة في الخدمات والبرامج التي تقدمها لتحقيق رؤية وفلسفة الوزارة المتعلقة بالتميز عبر تقديم خدمات وبرامج تعليمية تحوز على رضا متلقي الخدمة.
وأشار النوايسة إلى أن هذا النظام يمتاز بشموليته، إذ يركز على كافة الجوانب المتعلقة برياض الأطفال من بيئة مادية وتدريسية وعلاقة مع أولياء الأمور، ونظم التعليم والتقويم وأدواتها، والسجلات المرتبطة بها، وكذلك جانب رضا العاملين بالروضة، وبيئة الروضة وتجهيزاتها، وجوانب الصحة والسلامة والتجهيزات والألعاب وغيرها.
وأضاف أن الوزارة عند قيامها بتطبيق نظام الجودة المطور، سيحقق ذلك نقلة نوعية في الخدمات المقدمة للأطفال، كما سيساعدها ذلك في تحديد مواطن القوة والضعف في خدماتها وبرامجها، وتشجيعها على تحسين برامجها وأنشطتها من خلال اتخاذ الإجراءات المختلفة، كتحديد احتياجات التدريب ومستلزمات البنية التحتية، وتطبيق إجراءات السلامة العامة، فضلا عن تزويد الرياض بالوسائل والمواد اللازمة، وتشجيعها على الاستدامة في تقديم خدمات وبرامج على مستوى عال من الجودة.