يرى خبراء في المجال البيئي، أن مسؤولية وزارة البيئة في الحد من ملوثات الهواء "ضعيفة"، إلى جانب ضعف قدرتها، ورقابتها بتطبيق التشريعات والعقوبات الرادعة، لضمان التزام الجهات كافة بالحد من تلوث الهواء.
واعتبروا أن "تطبيق العقوبات والقوانين المتعلقة بالبيئة، يتطلب من الحكومة للحد من تلوث الهواء إرادة قوية، مع ضرورة تنفيذ حملات توعوية لخطورة هذه الملوثات إذا زادت نسبتها في المملكة".
وتتزامن تأكيدات الخبراء هذه، مع تصريحات رسمية لوزير البيئة د.معاوية الردايدة قبل خمسة أيام، أشار فيها إلى أن تلوث الهواء، يتطلب جهودا مشتركة بين المواطنين والحكومة، ما أثار استغرابهم، إذ إن "قيام الحكومة وحدها بتنفيذها لصلاحياتها، قادر على الحد من ملوثات الهواء، وإلزام الجهات القيام بذلك كافة".
وتشمل ملوّثات الهواء التي تشكّل شاغلا رئيسا من شواغل الصحة العامة؛ الجسيمات الدقيقة وأوّل أكسيد الكربون والأوزون وثاني أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون، وفق منظمة الصحة العالمية.
ووفق المنظمة "يقصد بتلوث الهواء، تلوث البيئة الداخلية أو الخارجية بأي عامل كيميائي أو فيزيائي أو بيولوجي، يغير الخصائص الطبيعية للغلاف الجوي".
مدير مركز المياه والبيئة في الجامعة الهاشمية، د. ضياء الروسان، أكد أن "مسؤولية تلوث الهواء في الأردن، لا تقع مباشرة على عاتق المواطنين، فالملوثات تنجم عن الصناعات وعمليات البناء والهدم وغيرها".
ولفت إلى أن "قطاع الإنشاءات، يلعب دورا رئيسا في تزايد نسب ملوثات الهواء، بينما هنالك سياسات وتشريعات، لكنها لا تتضمن إجراءات واضحة تتعلق بالتعامل وبشكل تفصيلي مع الردم والقذف الرملي".
ومن وجهة نظره، فإن "التشريعات والسياسات غير مطبقة في الأردن بالشكل المطلوب، والذي يحتاج لإجراءات حقيقية وواضحة من الحكومة، وصولا إلى خفض نسب ملوثات الهواء".
وبين أن "محطات رصد ملوثات الهواء ونتائجها، تشوبها إشكاليات فنية، وفق ما أشارت إليه وزارة البيئة أكثر من مرة، وهذا قد لا يعطي بشكل دقيق مؤشرات حول نوعية وجودة الهواء في المملكة".
وتعد الأجهزة المنزلية التي تعمل باحتراق الطاقة والمركبات الآلية، والمرافق الصناعية وحرائق الغابات، مصادر شائعة لتلوث الهواء، كما أن هنالك 3 محددات تدخل ضمن التصنيفات الدولية لجودة الهواء، بينها "حجم الصناعات التي تتميز بها الدولة، وطبيعة الإجراءات البيئية الحكومية المتبعة للحد من ملوثات الهواء، والطبيعة المناخية والتضاريسية للمنطقة".
ولأن الأردن يتميز بتضاريسه الجبلية، فـ"نسب احتباس ملوثات الهواء، تنخفض بصورة كبيرة، مقارنة بدول تتمتع بكثرة وديانها، ما يؤدي لتزايد تركيز التلوث نتيجة ارتفاع نسبة الاحتباس"، وفق أستاذ تلوث الهواء في الجامعة الهاشمية د. محمود أبو اللبن، لذلك فإن "معدلات الكوارث المرتبطة بتلوث الهواء، تحدثُ بكثرة في الدول المنخفضة، أو تلك المحصورة بين مدن على سبيل المثال".
ولا يمكن "تكرار الحديث الحكومي، عن أن جودة ونوعية الهواء في المملكة ممتازين، بفضل إجراءات الوزارة، لكونه غير منطقي في ظل غياب الصناعات"، وفق أبو اللبن، الذي لفت إلى أن "مضاعفات التغييرات المُناخية كثيرة، وهنالك سيناريوهات واحتمالات عديدة، قد يحدث بعضها أو لا يحدث، إلا أنه أيضا هنالك حاجة لتكثيف الجهود الحكومية بالتعامل معها، بخاصة ما يتعلق بملوثات الهواء وتزايدها".
ومن بين الحلول المقترحة من قبله، أن "تمضي الحكومة قدما في زيادة مساحة الرقعة الخضراء، وتطبيق التشريعات والعقوبات بصرامة على المتسببين بتلوث الهواء، بعيدا عن إلقاء اللوم على المواطنين وحدهم في هذا الشأن"، كما أكد أبو اللبن.
ويجب كذلك، برأيه أن "تبدأ الحكومة والعاملين بأجهزتها، أن يتقيدوا بالقوانين والأنظمة، واتباع الممارسات التي تحد من ملوثات الهواء، ليكونوا بمنزلة قدوة حسنة للمواطنين".
وكان الأردن سجل المرتبة 7 عالميا في أدنى معدل وفيات ناتجة عن التلوث، وبمعدل 29 وفاة/ 100 ألف نسمة، وفق تقرير منظمة التحالف العالمي للصحة ومكافحة التلوث الصادر العام 2019، الذي جاء فيه أن "الأردن سجل في العام 1949 وفاة من ثلوث الهواء"، بينما تفيد تقديرات منظمة الصحة، بأن "التعرض لتلوث الهواء يتسبب سنويا بوقوع 7 ملايين وفاة مبكرة، ويؤدي لفقدان ملايين إضافية من سنوات العمر الصحية".
ويعرف تلوث الهواء، بأنه "وجود لمواد حصرية كالمواد العضوية المتطايرة والغبار، وأوّل أكسيد الكربون والأوزون وثاني أكسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت"، وفق أستاذ هندسة البيئة بالجامعة الأردنية، د. أحمد الجمرة.
ولفت الجمرة إلى أن "مصادر الملوثات متنوعة، فمثلا تنتج أكاسيد الكبريت والنيتروجين التي تعتبر من أخطر الأنواع من محطات توليد الكهرباء، أو الأماكن الثابتة التي يحرق منها الوقود"، مضيفا أن "المواطن يسهم بانبعاثات أول أكسيد الكربون، عبر عمليات الاحتراق غير المتكامل، كتلك التي تصدر عن عدم إجراء صيانة لمركبته".
ولفت إلى أن "الغبار الموجود في الهواء، يتسم بالأحجام المتنوعة، وكثير منها يتساقط على الأرض بفعل الجاذبية، ولكن ذلك الذي يبقى مستقرا في الجو هو الأخطر، ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة".
وتقع على عاتق الحكومية "مسؤولية الرقابة حول مدى التزام المواطنين بالإطار القانوني للحد من ملوثات الهواء، مع إيقاع العقوبات على المخالفين، وهو الأمر الذي لا تقوم به الوزارة"، لافتا إلى أن "التوعية، تعد وسيلة مهمة، يجب أن تقوم بها الحكومة لضمان تعاون الشرائح كافة بالحد من ملوثات الهواء".
اقرأ المزيد :
الأردن الأول عربيا بـ"جودة الهواء".. هل تتعزز السياحة؟