في الحديث عن الانتخابات نستشعر استياء قطاعات واسعة من الناخبين من محاولة البعض الإيحاء بتعميم نموذج انتخابات 2007، واعتباره نموذجا أردنيا لكل الانتخابات السابقة واللاحقة.
ويبدو الاستياء مبررا ومنطقيا حين يخرج الموقف من مساحة النقد لما جرى، إلى التشكيك في ما سيجري، في حملة لا تنتج شيئا غير إضعاف الثقة بالنظام البرلماني، ما يؤدي بالضرورة إلى فرملة أو إبطاء وتيرة التغيير ودمقرطة الحياة السياسية في البلاد.
سمعنا تعهدات من أعلى المستويات في الدولة بضمان إجراء انتخابات نزيهة، وبدأنا نلمس جدية هذه التعهدات في الإجراءات التي ترافقت مع عملية تسجيل الناخبين، وسبقت تسجيل المرشحين، وهي إجراءات تميزت بالشفافية، وقدمت نموذجا في الإدارة والتحضير للعملية الانتخابية لم تعرفه أو تألفه دول كثيرة في المنطقة.
الديمقراطية الأردنية تتسع للجميع، والحفاظ على بقائها وتطورها مهمة جمعية لا تنحصر في فئة دون أخرى، ولا تتحدد في حكومة أو في تنظيم حزبي... وهي أولا، وقبل كل شيء، ضمانتنا للتقدم والتطور الهادئ، وتحقيق المزيد من المكتسبات الاجتماعية، وصيانة المنجز الوطني، وتعزيز مشروعنا الواحد للنهوض ببلدنا وحمايته من أي استهداف.
لا نرى بديلا من المشاركة الفاعلة في الانتخابات، والمساهمة في ورشة تحصين الديمقراطية والشفافية. ونقرأ تجارب الآخرين فنرى أن الدول التي قطعت أشواطا في ميادين التقدم، وحققت الكثير من الإنجازات هي تلك الدول التي تجنبت الديكتاتورية وهيمنة الحزب الواحد وحكم العسكر، وهي الدول التي اختارت الاحتكام إلى الاقتراع الشعبي الحر طريقا لبناء الدولة والإنسان.
غير أن للمشاركة هذه المرة وظيفة إضافية جوهرية تندرج في إطار المسؤولية الوطنية، ذلك أن من شأن التمثيل السياسي الواسع في برلمان قوي يضم مختلف الاتجاهات أن يمنح الحكومة دفعا يتيح لها معالجة الاختلالات القائمة، ويمكنها من مواجهة الواقع الاقتصادي الصعب الذي يتحول تدريجيا إلى مستوى أزمة تتجلى تعبيراتها المحلية في ضعف الاستثمارات والتحويلات الخارجية، سواء من المغتربين الأردنيين أو من الأشقاء الخليجيين، وانحسار الاستثمارات العراقية، وبطء المساعدات الدولية.
ولا شك في أن برلمانا حيويا يستطيع أن يرفد السلطة التنفيذية بأفكار تساعدها على تجاوز الاستياء الشعبي الناجم عن قرارات ضريبية غير شعبية، وعلى تحفيز وجذب الاستثمارات الدولية واستثمارات أردنيي الخارج.
وإذا كانت المشاركة في الاقتراع واجبا وطنيا، فإن قرار عدم المشاركة يجب أن يتيح لأصحابه على الأقل فرصة للنقد الذاتي وتقويم التجربة، ويجب أن تمثل مراجعة القرار مناسبة لشحذ الهمم لمشاركة فاعلة في المستقبل.
قرار المقاطعة لا يمنح أصحابه حق لوم السلطة التنفيذية ومحاسبتها بعد الانتخابات، كما لا يبرر الشكوى من البقاء خارج الإطار، ولا يعفيهم من واجب تحمل نصيبهم من مسؤولية النهوض في مختلف القطاعات.
لكل قرار نتائج، ولكل خيار تداعيات، لكن العمل تحت سقف الدولة وفي إطار الديمقراطية يستوجب المشاركة ولا يحتمل الاستنكاف والمقاطعة.
اضافة اعلانmalayyan@alghad.jo
المقال السابق للكاتب:
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا