انتخابات حزب العمل

تذكرنا العودة القوية لرئيس الوزراء السابق ايهود باراك بعد سنوات من العزلة السياسية بعودة رابين الى وزارة الدفاع عام 1984، بعد أن قضى سبع سنوت عجاف في البرية السياسية. ومع انه من المبكر الجزم فيما اذا كان باراك أم ايالون سينتصر في الجولة الثانية من انتخابات البرايمرز في الثاني عشر من حزيران الا انه يمكن القول ان باراك عاد كرقم صعب في المعادلة السياسية لسببين؛ أولا، يرى الجمهور العريض في إسرائيل أن الخبرة في المجال العسكري والامني هي متطلب مهم عند وزير الدفاع على الاقل، وجاءت حرب لبنان لتكشف عن ضعف وزير دفاع مدني على فهم الامور الاستراتيجية والعسكرية. من هنا يفهم جمهور حزب العمل ضرورة عودة البزات العسكرية للتربع على زعامة حزب العمل. والسبب الثاني هو انتشار اسطورة جديدة مفادها ان باراك هو الوحيد الذي يمكن أن يهزم بنيامين نتنياهو في الانتخابات العامة.

اضافة اعلان

وهذه الرسالة لعبت لصالح باراك ومكنته من تصدر المتسابقين في الجولة الاولى.

ويبدو أن الذي يملك القدرة على الترجيح في انتخابات الجولة الثانية هو عمير بيرتس المهزوم ومعسكره. ويبدو أن بيرتس أقرب الى دعم ايالون. لكن هنا تكمن اشكالية. فمن ناحية يريد عمير بيرتس العودة الى منصب حكومي (ويحبذ وزارة المالية) في الوقت الذي يبين فيه ايالون نيته الى سحب حزبه من الائتلاف الحكومي. واذا ما دعم باراك فإنه يضمن على الاقل منصبا حكوميا لكن باراك يعمد الى تجاهله وخلق انقسامات بين معسكر بيرتس عن طريق خطب ود غالب مجادلة الذي ينتمي الى معسكر بيرتس، لكنه يريد ان يبقى في منصب وزير.

ولا يتوقف الأمر على رغبات مرشحي حزب العمل لأن هناك لاعبين آخرين يؤثرون على سير الامور، وهنا أتحدث عن ايهود اولمرت. فالأخير يحبذ ايهود باراك في وزارة الدفاع على ايالون الذي ينظر له كسياسي بميول يسارية بالتأكيد لا يحبذها أولمرت. بالاضافة الى ذلك فقد عبر ايالون عن رغبته بالبقاء في الحكومة اذا تم استبدال اولمرت وتراجع بعد ذلك خوفا من انتخابات مبكرة يواجه فيها نتنياهو.

ويقرأ اولمرت، المسكون بلعبة البقاء السياسي، الأمر بشكل مختلف. فهو يعتقد ان العمل سيبقى في الحكومة بصرف النظر عن الفائز، وان الامر لن يتعدى استبدال بيرتس بمرشح آخر وتستمر الحكومة العمل كالمعتاد. وبالنسبة لأولمرت واعوانه فإن اسرائيل لا تحتاج الى انتخابات وانما وحدة وطنية واستعداد لصيف ساخن وعنيف على اكثر من جبهة مع احتمال تجدد المحادثات مع سورية بعد أن رفعت الولايات المتحدة حظرها على محادثات اسرائيلية سورية ولو جزئيا.

لا يمكن الحديث عن انتخابات مبكرة حتى لو أراد العمل ذلك، بعد ان استطاع اولمرت تسجيل انتصار على تسيفي ليفني التي لم تمتلك الجرأة على تحديه، بعد ان تبين لها انها لا تستطيع الحفاظ على شاس وليبرمان في ائتلاف بزعامتها.

يعتقد اولمرت انه وبالرغم من تدني شعبيته الا انه يمتلك الكثير من مفاتيح اللعبة السياسية وبخاصة في ظل عدم وجود أية آلية داخل كديما تجبره على الاستقالة. ومن هنا لا يمكن النظر بجدية الى دعوة العمل لاستبدال اولمرت بالوزيرة لان ذلك يعني انتخابات مبكرة سيخسرها العمل لصالح الليكود، قبل ان يتمكن الزعيم الجديد للعمل من التحضير لانتخابات قادمة.

وعليه فإن اولمرت يشعر بقدرته على التأثير على توجهات حزب العمل بما يخدم غريزته المشبعة بهاجس البقاء السياسي. ويدرك اولمرت ان امامه بعض الاشهر قبل نشر نتائج التحقيق في حرب لبنان وان انعكاساتها على مستقبله السياسي ستنتظر للشهور الاولى من العام القادم.

التغيير في رأس الهرم في حزب العمل لن يخلق صدمة قوية في الحكومة الاسرائيلية التي يبدو ان استمرارها هو امر مضمون لتسعة اشهر على الاقل. وسيبقى التغيير في دائرة التنافس الحزبي الداخلي، لكنه بلا شك مهم بالنسبة لمستقبل العمل في الانتخابات القادمة.

[email protected]