جامعةٌ للشُّعوبِ العربيّةِ

ليس دورُ الجامعة العربيَّة أن تكون إطاراً شرعيّاً (وباهتاً) لتمرير رغبات بعض دولها في الدُّخول الأجنبيّ العسكريّ إلى هذا القطر أو ذاك، عبر توصيفاتٍ ناعمةٍ تبطنُ عنفاً أكيداً!اضافة اعلان
وليس دورها أن تتجاهل شعوبَها وهي تتنازلُ عن أساسِ وجودها "الوئام العربيّ ومصالح الشعوب". فالجامعة العربيَّة مارست حتى الآن السمع والطاعة للحكام العرب، أكثر من انتباهها إلى شؤون الشُّعوب وتطلُّعاتها، ولذا كان من حقِّها أن تضبطَ عنوانها بما يتَّسقُ مع فحواها، فتغدو، ودون خجلٍ من المسمَّى، "جامعة الأنظمة العربيَّة" أو "جامعة الحكَّام العرب"!! ولا حرجَ في هذا المُسمَّى؛ فللحكّامِ حقوقٌ مثلما للشُّعوب حقوق! وحقُّهم أن يجتمعوا في نادٍ يتدارسُ أفضل الأساليبِ لتحقيقِ مصالحهم الشَّخصيَّة! وأفضلَ الأساليبِ لتحقيق التَّوريث في الأنظمة الجمهوريَّة! وأفضلَ الأساليبِ لإخفاء (الأوامر العليا) التي تأتي من هناك، وأفضلَها للتَّعامل مع الإسرائيلي (واحتضانه) (من تحت لتحت)، ومن فوق لفوق، وأفضلها للضَّحك على الشُّعوب!!
ولأنه يعزُّ علينا أن تظلَّ الجامعةُ في اضطرابِ هويَّتها، نقدِّمُ هذا الاقتراح الذي قدَّمه قبلنا عدد من كبار الكتاب وأهل الفكر في الوطن العربيِّ، في محاولةٍ غير يائسةٍ لجعل الأمور جليَّةً واضحةً، ولتحديد الهُويّات، والفصل بين مناطق النُّفوذ (العُلويّ والسُّفليِّ)، أقصد نفوذَ الحكام ونفوذَ الشُّعوب. والأعلى والأسفل هنا ليسا سوى موقعين اعتباريَّيْن لا يحظى أوَّلُهما بالثَّناء ولا ثانيهما بالهجاء.
"الجامعة العربيَّة" هي إذن في المنظور المطروحِ جامعةٌ للشُّعوبِ العربيَّة، لا لحكّامها الذين اقترحْنا لهم نادياً يفي بحاجتهم إلى الاجتماع والتنسيق (على غرار اجتماعات وزراء الداخليَّة)، أو إلى الاجتماعِ والاحتراب (على غرار التشاتم والتنابُذ بالألقاب بين القذافي وغيره)، وعلى نسق ما خبرنا طوال عقودٍ وعقود!
وهي جامعةٌ تلتفتُ إلى مصالح الشُّعوب في التَّربية الصَّالحة العصريَّة، والثَّقافة النيِّرة، والاقتصاد السويّ. هي تنسِّقُ وتقترحُ وتنوِّرُ وتجتهدُ في التَّقريبِ بين الشُّعوب المنتسبة إليها، وتجديد بنيانها بالمعرفة وقيم الإنسانيَّة بغضِّ النَّظر عن الدِّين والجنس والعرقِ واللَّون وسائر الفروق التي لم يكن للإنسان فيها يد، والإثراء الثَّقافيّ بتلاقحه وتناسله الإيجابيّ.
جامعةٌ  تقدِّمُ خدماتِها لإنشاء "برلماناتِ ظلٍّ" في كلِّ بلدٍ عضو، وإنشاءِ "وزارات ظلٍّ"، و"مجالس ظلٍّ عُليا" للشُّؤون الثقافيَّة والاقتصاديَّة والمرأة، يتفاعل فيها كلُّ شعبٍ مع المعاني العامَّة المتَّفق عليها في التَّقدُّم والتَّحضُّرِ وقَبولِ الآخر والمساهمةِ الجَدِّيَّة في الحضارة الإنسانيَّة!
بقيت مشكلةٌ واحدة: من يعلِّقُ الجرس؟؟؟
وهل أني أحلم؟؟
دعونا لا نفقد الأمل...