سميح المعايطة
من يتابع لقاءات الملك مع المواطنين واجتماعه مع ممثلين لهم او حتى بعض الاجتماعات يلاحظ وجود الدفتر والقلم, وما يقوله الناس من ملاحظات يجد طريقه للكتابة والتسجيل كأداة للمتابعة وللاهتمام, والى جانبه من يكتب ايضا, وهذا يعطي شعورا للمتكلم وللحضور، بخاصة المواطنين، أن الملك يهتم بما يقولون وانه يكتب ما يسمعه, وحتى لو كان للكتابة تحقيق هذا الهدف لكفى مع انها وسيلة للمتابعة وللتدقيق بما تم وما لا يتم.
اكتب هذا لأشير الى أصناف من المسؤولين يكونون احيانا في ذات الجلسة, فالملك يكتب الملاحظات رغم ان كل من حوله يكتبون, ونجد محافظا او وزيرا يجلس وكأنه ضيف يسمع دون ان يسجل شيئا مما يسمعه سواء كانت ملاحظات الناس او شكواهم او حتى توجيهات من هو موجود. بل ان بعض المسؤولين الكبار يذهبون في زيارات تفقدية لمواقع ومؤسسات ويلتقون مع الناس او مرؤوسيهم ويدور كلام كثير لكن كل اللقاءات شفوية فلا تجد قلما للمسؤول يتحرك بالكتابة, فهنالك الورود وعلب العصير والماء لكن دون استعمال للغة التوثيق, وحتى لو كان هناك سكرتير يكتب في الخفاء فإن للمسؤول احيانا ملاحظات خاصة به وقضايا تشغله او تسترعي انتباهه.
الامر يرتبط بمنهجية العمل والتي من احدى نتائجها ان الكثير مما يقوله الناس يتحول الى موجات صوتية في القاعات، وان قناعات الاردنيين بحكم تجاربهم ان نسبة ليست قليلة من الوعود لم تتحقق, وان ما يقال وحتى ما يتم البدء بتنفيذه احيانا يتوقف او يحتاج الى اضعاف الوقت لتحقيقه. وهذا ليس اختراعا والدليل ان الكثير من القضايا يطرحها الناس مرارا وتكرارا امام وزراء ثم امام خلفائهم، وامام حكومات ثم امام حكومات اخرى. فتكرار القضايا ذاتها والمشكلات يعني عدم حلها. طبعا السبب ليس فقط عدم الكتابة بل اسباب اخرى ايضا، لكن عدم الكتابة يعني عدم المتابعة وتعبير عن عقلية تتعامل مع الامور على قاعدة التمرير والعبء وليس لإيجاد الحلول.
قد نكون ظالمين للبعض الذين لا يكتبون لأنهم يعتمدون على الذاكرة او ربما يعودون للاستماع الى تسجيل اللقاءات, لكن هل كل هذه النسبة الكبيرة من المسؤولين يفعلون هذا ولديهم وقت اضافي ورغبة في مشاهدة احاديث الناس ومشاكلهم؟ سنتجاوز كل الاستنتاجات لنقول ان مفهوم "الدفتر والقلم" ليس حلا لمشكلات الناس لكنه تعبير عن اهتمام واحترام لما يقال، وجزء من منهجية العمل بشرط ان لا يكون مصير الملاحظات التي تتم كتابتها ان تتحول الى كرة ورقية يتم قذفها او ربما يتم ابقاء كل دفتر الملاحظات في مكانه كما يفعل البعض، باستثناء الورقة التي يتم تمزيقها وتحتوي رسومات وشخبطات وأشكال هندسية!
