لا ليس خطأً مطبعياً. هذا العنوان يشبه كثيراً الطريقة التي أرى وأسمع بها الأخبار كل يوم. لا أتقبّل شيئاً، بل يتراود إلى ذهني أشياء كثيرة فأسرح وأتذكر كتاب "أحجار على رقعة الشطرنج" لوليام جاي كار، ثم فجأة أتذكر سجالات مجلس النواب في إحدى الجلسات التي بثتها إذاعتنا العريقة، وأتذكر كيف كان النواب "المتحمسون" يناقشون مواد أو مسودات مواد قوانين.
وبما أنني لست "تهكمياً" بطبيعتي، مع أني لا أدري لِمَ أبدأ "تهكمياً" في أغلب الأحيان، فعليّ الاعتراف بأنني متفائل... وبكل التفاؤل أقول: لقد طفح الكيل! فمتى سيجيء اليوم الذي يكون فيه لمجلس النواب دور حقيقي في التغيير؟ متى سيكون هذا المجلس حياً يرزق؟ نعم... أنا متفائل... ومَن يدَّعي غير ذلك سأشكوه لمجلس النواب... فاحترسوا.
فاعلية مجلس النواب ليست حلماً... لأن أحلامي في الغالب صعبة التحقيق أو لنقل تستهلك وقتاً طويلاً لتتحقق...فمِنَ الأحلام التي كنت أحلم بها (وبالطبع توقَّفَتْ هذه الأحلام منذ زمن بعيد جداً) أن لا أرى في شوارعنا حفرة أو مطبا أو حجارة أو نفايات. من أحلامي كان أن أرى أرصفتنا متساوية... تخلو من البضاعة المعروضة أو حجارة بناء وما شابه.
من أحلامي ألا نضطر إلى أن "نجحر" بعضنا في الطرقات ومن خلف زجاج السيارات. من أحلامي القديمة أن أرى المشاة يسيرون على ممر المشاة، أو على جسر مشاة. وكان من ألد أعدائي حلمٌ يقض مضجعي كل حين، وهو الشوارع المخططة! هل يعقل أن نرى شوارعنا مخططة ويسير كل منا في مسربه؟ هذه الأحلام كلها تهون مقابل حلم أكبر... وهو أن يتقبّل الرأيُ الرأيَ الآخر.
ولكي أكون صريحاً... هناك كابوس ما برح يقض سكينتي. إنه استمرار جَلدنا للذات. في كوريا الشمالية الهواتف الخلوية ممنوعة، وكذلك الستالايت، وأشياء كثيرة. إذاً نحن في أحسن حال رغم شح مواردنا وإمكانياتنا... هكذا يكون التفاؤل!
أستعين الآن وأقتبس من الرحالة الساخر الذي ودعنا ولم نودعه، محمد طمليه، وقد رددتها قبلاً "لم ننجبل على الخطر... مع أن الخطر تحت الإبط".
أما الآن... فأعود للقول إننا أحسن حالاً من زيت على فوهة بركان... وصدقوني... أحسن حالاً لو نشدد من عزم بعضنا الآخر... ونشحذ طاقاتنا وهممنا لنخدم هذا الوطن لا أن يخدمنا هو، فقد خدمنا بما فيه الكفاية.
وأخيراً أقول للأمانة والحق إننا بدأنا فعلاً نحاول ترك معتقدات بالية لطالما آمنا بها، وعلى رأسها ثقافة العيب والعمل في كثير من المهن التي هجرناها بدعوى "العيب"... فحيا الله غداً نأكل فيه مما نزرع ونلبس مما نصنع.
المقال السابق للكاتب
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا