مخزون تراثي للأجيال

هذا السائل النافط من باطن التراب العربي، إنه خلاصة اجيال واجيال من الاجداد الذين امتزجت فيه دماؤهم وتحللت عظامهم في التراب مع الشجر والحجر وحطام الغابات واكتنزت في باطن الارض العربية. والآن تسفح وتباع وتوزع في جميع دول الكرة الارضية، ما يعزز اقتصاد ونشاط وأمن الذين يضمرون الشر لنا ويزرعون التلف والخراب في مدننا ويحرقون عواصمنا ويقطعون اوصال امتنا. انهم يشيدون حضارتهم ويعززون صناعتهم ثم يبيعونها لنا بالثمن الفاحش وبالديون المغرقة اسلحة بائتة لا تضاهي اسلحة عدونا الذي ينهب الارض ويقطع الاوصال ويمحو آثار الحضارة في بلادنا، ويسرق كل ما حطت يداه عليه من تراب وحجر وماء.اضافة اعلان
 نشتري السلاح الادنى بعد ان يعلمنا اعداؤنا بكل وقاحة وفجاجة بأنه لن يوازي ابداً سلاح عدونا الصهيوني بل يجب ان تكون الغلبة والقوة لاعدائنا علينا، فنتفهم ذلك ونتقبل الدور الدوني بغباء, ونشكره ونعذره في دعمه واحتضانه لعدونا، ونواري ما يصمنا به من ضعف ادراك.. وتخلف.. يهدر النفط بسخاء وهو عصارة الارض وثروتها المكنونة الخبيئة. مزيج دموع ودماء وعظام من دفنوا فيها من آباء واجداد وتقلبوا في باطنها مع خيلهم وركابهم وشجرهم في شواحن الدهور والازمنة العتيقة الغائرة. والمردود يتداوله العرب المترفون ويتناوش اطرافه وفتاته عرب آخرون. ويحرم منه عرب يتقلبون على الرمضاء في صحراء ممدودة جافية. انه دموع ودماء وعظم وجلود وكنوز وأفراح الذين عمروا هذه الارض وأسسوا فيها اروع الحضارات ثم انقلبت بهم الحال في ردح الزلازل والاخاديد والوديان والشروخ السحيقة في باطن الاغوار. النفط ينتج علما وينتج مالا ويحيي البساتين والكروم والمزارع الغنية المترفة، وقد يتحول الى اساطيل سيارات فارهة وابراج مائسة تنطح السحاب وتغطي السماء ولكنه غالباً ما يعزز جيوب شركات معادية ويثري مصانع السلاح فيها وبدورنا نشتري الرديء والبائت منه ونغرق في الديون والتبعية.
لو كانت عوائده الهائلة تصرف على البحث والعلم في بلادنا العربية والاسلامية لما كنا نحن الان نحاول التسلق عبثاً على جدر الآخرين نستلهم منهم العلم والتكنولوجيا نرطن بالسنتهم ونشتري وسائل الحضارة بأعلى الاثمان.
فيا ايها القائمون على آباره الطافحة لا تسفحوها رخيصة ولا توزعوها هدراً على اعدائنا ليصنعوا منها طائرات وصواريخ حارقة وقنابل مهلكة وطائرات بدون طيار تقصفنا بنار حارقة وتدمر ما شاء لها من المدائن والجسور والثغور وتبيد ما شاء لها ان تبيد من حرث ونسل.
لو خصص بعضه للأرض التي تستباح في فلسطين يشتريها الاعداء اليهود من سكانها العرب الفقراء المدقعون ويدفعون لهم الاسعار المغرية لما هجروا ديارهم. لو خصص بعضه للقدس لما تهودت بهذا الشكل المريع. لو خصص بعضه للعلماء العرب لما هاجروا للبلاد الغربية يصنعون لهم ويعملون لهم ويدونون لهم بدون ان تنال الدول العربية شيئاً من نتاجهم. لو خصص بعضه لجمع الكلمة واعلاء حق المواطنة، وتسلح الجيوش التي تستهدف الاعداء وليس لتكدس في المخازن رهن الصدأ وانقضاء الاجل. هذا النفط العربي الزاخر يبنى الغرب ويعزز قوته ويمكنه من دحر الشرق والعبث في بلاد الاسلام ونشر الفوضى وبث الثورات التي غابت البوصلة عن طريقها السوي وغادرها وعي الجهاد.
*مستشارة طب العين وجراحتها