"أتتلهلبوش"!

مع أن كل مولود في العالم يحتاج عدة أيام حتى "ينشف" وتستطيع أن تميز ملامحه، إلا أننا في الأردن بعد ولادة المولود بعشر ثوان تأتي الممرضة لتؤكد أنه "بيعئد"، و"بشبه وائل كفوري"! طبعا، تجد الممرضة منذ تاريخ تعيينها، بشّرت جميع الأمهات بأن المولود "بشبه وائل كفوري". حتى "اللي أبوه بشبه عبدالهادي منصور وأمه بتشبه صفية العمري" جبرت بخاطرهم وقالت لهم إن مولودهم فيه شبه كبير من وائل كفوري. وطبعا "على كبر" كانت الصاعقة أن وائل كفوري تغيرت ملامحه، وأصبح فيه شبه كبير من "الواوي"؛ أحد أبطال مسلسل باب الحارة!اضافة اعلان
وفي سن الطفولة المبكر، لا تستطيع أكثر دول العالم تقدما وتطورا أن تحدد قدرات الطفل العقلية أو ميوله المستقبلية. بينما في الأردن "بتلاقيهم" إذا صوروه بنظارة جده، حلفوا مليون يمين أنه "راح يطلع دكتور". طبعا كل طفل صوروه بنظارات وقالوا عنه "إنه راح يطلعو دكتور" هو اختصاص ديزل في المنطقة الصناعية! وكل طفل غنى في سن الطفولة وحكوا أنه "غير يشطب عمر العبداللات"، ها هو ينادي: "اللي عنده حديد، ألمنيوم للبيع" بصوت أعلى من صوت "الكمبريسة". وكل طفل رسم موزة في الـ"كيه. جي. 2"، وتوقع الأهل أنه "عبقري زمانه" وسيصبح وزيرا، رسب في التوجيهي، و"هيه شوفيرعند معالي الوزير"!
أيضا، كم من عروس قالوا إنها ملكة جمال، وفي الصباحية قالوا: "مين الأخ؟!". وكم من عريس قالوا عنه إنه "لقطة"، وبعد أسبوع باع الذهب لتسديد أجرة الصالة! وكم من حماة قالوا عنها إنها  "ألذ من العسل"، وبعد شهر وجدوها أعنف من "داعش"!
هكذا نحن؛ سرعان ما نحكم على الأمور بالشكل والعواطف فقط. والحكومة تتعامل مع مشروع قانون الانتخاب الذي لم ينشف حبره بعد بنفس طريقتنا!
فكل وزير "بصرح بحكيلك": قانون الانتخاب الجديد شكّل قفزة نوعية في الاتجاه الصحيح، وخطوة إصلاحية مدروسة بشكل جيد، وشكل استجابة لتطورات الحياة السياسية، وساهم في حل مشكلة الأوزون، وقضى على الملاريا في أفريقيا، وحسّن النسل في أوروبا!
لحين إقرار القانون ومعرفة تركيبة المجلس النيابي المقبل، كان من المفروض أن يأمل المسؤولون الحكوميون من القانون أن يكون قفزة وخطوة إصلاحية، لا أن يؤكدوا لنا أننا "قفزنا وخلصنا"!
ماذا لو عاد "الألو"؟! ماذا لو عادت "المكتات"؟! ماذا لو عادت "التنفيعات"؟! ماذا لو عادت "الكلشينات"؟! ماذا لو عادت "الغفوات"؟! ماذا لو عادت نفس الوجوه ونفس الأيدي ونفس الكلمات ونفس الهفوات؟!
أخاف من أن ما نتحدث عنه اليوم، بأنه "قفزة نوعية"، نجده في المستقبل القريب "سنحة" أبدية. نصيحة: "أتتلهلبوش"!