عواصم - استتيقظ المصريون أمس على سلسلة تفجيرات إرهابية استهدفت منشآت حيوية في قلب العاصمة، عشية الاحتفال بالذكرى الثالثة لـ"ثورة" 25 يناير التي أدت لرحيل نظام مبارك.
وقتل 16 شخصا على الأقل وجرح العشرات في تفجيرات واشتباكات في العاصمة المصرية وعدد من المدن المصرية امس، واستهدف أكبر هذه الانفجارات مبنى مديرية أمن القاهرة.
ودان الأردن، التفجيرات ووصفها بـ"الإجرامية"، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام وزير الخارجية بالوكالة محمد المومني في بيان، إن الأردن "يدين التفجيرات الإجرامية التي وقعت في العاصمة المصرية القاهرة". وأكد "وقوف الأردن مع مصر الشقيقة وأمنها واستقرارها"، مشيراً إلى "دورها المحوري في العالم العربي والعالم كله".
وشدد على موقف الأردن" الثابت في رفض وإدانة كل أشكال العنف والإرهاب أيا كان مصدره ومنطلقاته".
كما دانت الرئاسة المصرية التفجيرات، بينما اعتبر وزير الداخلية أن التفجيرات "محاولة يائسة" لمنع الشعب من الاحتفال بثورة 25 يناير".
من جهتها أعربت السفارة الأميركية بالقاهرة عن دعمها للحكومة لتقديم مرتكبيها للعدالة. وفي السياق نفسه، أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عن تفجير مديرية أمن القاهرة.
وذكر المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية -في بيان- أن "مثل هذه الحوادث الإرهابية التي تستهدف كسر إرادة المصريين لن تؤدي إلا إلى توحد إرادتهم، وحرصهم أكثر من أي وقت مضى على بلورة أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو".
وأضاف أن رئاسة الجمهورية "تتعهد بالقصاص لشهداء ومصابي هذه الحوادث الإرهابية، وتؤكد أنه سيعاقب أشد العقاب كل من سولت له نفسه، سواء بالتخطيط أو التمويل أو التحريض أو الاشتراك أو التنفيذ".
وجاء الانفجار قبل يوم على انتشار الشرطة في القاهرة استعدادا للذكرى الثالثة لثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، حيث دعا الإسلاميون في مناسبتها الى تظاهرات حاشدة ضد النظام الجديد.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية هاني
عبد اللطيف إن الانفجار "ناجم عن سيارة مفخخة". وقال شاهد عيان يقيم في شقة تبعد نحو 200 متر عن مبنى الشرطة إنه استيقظ على دوي الانفجار، وقال الشاهد يحيى عطية "اهتز المبنى الذي أسكن فيه".
ولم يتضح بعد كيفية وصول السيارة الى هذه المسافة القريبة من مقر الشرطة الذي تحيط به بوابة معدنية طويلة دمرت جزئيا في الانفجار.
وخلف الانفجار حفرة كبيرة أمام البوابة وألحق اضرارا كبيرة بواجهة المبنى وواجهة متحف إسلامي مجاور.
وقامت شرطة مكافحة الشغب بإبعاد مئات الأشخاص عن مسرح الانفجار، فيما علت هتافات منددة بجماعة الإخوان المسلمين.
وأعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عن التفجير، وقالت في بيان على صفحتها على موقع فيسبوك إن "إخوانكم فـي جماعة أنصار بـيت المقدس تمكنوا من اختراق كل الدفاعات والتحصينات الأمنية والكمائن الـتي ينصبها الكلاب المرتدون العاملون بوزارة الداخلية". وأضافت أن "الشهيد (بإذن الله) أنس بن عمرو بن الظافر المصري، من رجال محافظة أسيوط، وهب نفسه وروحه للإسلام ولنصرة دين الله"، مشيرة إلى أنها ستعطي تفاصيل إضافية متعلقة بالحادثة بعد وقت قصير.
من جانب آخر، قتل شخص على الاقل في تفجير آخر قرب محطة مترو في القاهرة، بحسب التلفزيون المصري الرسمي.
ولم يؤكد مصدر في وزارة الصحة المصرية سقوط قتيل في الانفجار الذي نجم عن عبوة ناسفة قوتها ضعيفة قرب محطة مترو في حي الدقي وأدى إلى جرح 15 شخصا بحسب التلفزيون. وقامت فرق مع كلاب مدربة بتفحص المكان وطوقت قوات الامن الطريق، وهتف بعض السكان شعارات تدعم الشرطة والجيش الذي يعتبر قائده الفريق أول عبد الفتاح السيسي الرجل القوي الجديد في البلاد منذ ان اعلن مطلع تموز (يوليو) الماضي عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي.
وتصاعدت الهجمات التي تستهدف قوات الأمن في مصر منذ أن عزل الجيش الرئيس الاسلامي محمد مرسي مطلع تموز(يوليو).
وقال مسؤول أمني وشهود إن قنبلة محلية الصنع انفجرت بالقرب من قسم شرطة الطالبية في شارع الأهرام السياحي بمدينة الجيزة على الضفة الأخرى لنيل القاهرة في ثالث هجوم تتعرض له البلاد أمس.
وقال مدير مباحث الجيزة اللواء جرير مصطفى إن الانفجار لم يسفر عن ضحايا أو خسائر بشرية. وأضاف أن القنبلة "كانت مدفونة في الجزيرة الوسطى للشارع".
وتنفي جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي تورطها في الهجمات، غير انها ادرجت على لائحة المنظمات الإرهابية بعد مقتل 15 شخصا في تفجير انتحاري استهدف مركزا للشرطة شمال القاهرة في كانون الاول (ديسمبر) الماضي.
ودعت الجماعة الى تظاهرات حاشدة اعتبارا من امس في الذكرى الثالثة لثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 التي أطاحت بمبارك، متهمة الحكومة المدعومة من الجيش بمواصلة الحكم الاستبدادي. وقال الشاهد يحيى عطية بينما كان يتفقد الدمار امام مقر الشرطة "يمكنني الآن ان ادعو الإخوان المسلمين بالإخوان الارهابيين".
ودانت دول عربية ودولية عدة التفجيرات؛ حيث استنكرت المملكة العربية السعودية وأدانت بشدة "التفجيرات الإرهابية الجبانة التي شهدتها جمهورية مصر العربية، وأودت بحياة العديد من الأرواح البريئة دون ذنب أو جريرة".
وقال مصدر سعودي إن هذه التفجيرات تستهدف أمن مصر واستقرارها، بل وتسعى في محاولة يائسة إلى تفتيت وحدتها الوطنية من قبل جماعة مجرمة لا هم لها سوى اختطاف إرادتها الشعبية، والعبث بمقدراتها.
وكالة الأنباء الإماراتية (وام) ذكرت أن وزير الخارجية عبدالله بن زايد آل نهيان دان بشدة التفجيرات الإرهابية التي وقعت في القاهرة .
وقال إن "هذا العمل الاجرامي محاولة لزعزعة أمن واستقرار جمهورية مصر العربية الشقيقة"، معرباً عن "تضامن الإمارات العربية المتحدة مع الحكومة المصرية ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التطرّف والإرهاب".
ودعا مختلف الدول التي تعارض "الإرهاب" إلى أن تترجم هذا الموقف قولاً وعملاً، وأن تقف إلى جانب الحكومة المصرية وتتضامن معها "في مواجهة التنظيم الإرهابي والتصدي للأفكار التي يستند إليها ويدعو لها".
وأكد أن "استمرار التنظيم الإرهابي في تنفيذ عمليات القتل والترويع والإرهاب في مصر الشقيقة يقتضي من الجميع العمل الحاسم والسريع للقضاء على هذه الممارسات الإرهابية الإجرامية والتي تستخدم الإسلام الحنيف مبرراً لأنشطتها وأعمالها الإجرامية... والإسلام والمسلمون منها براء".
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية عن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني قوله إنه "في هذه الظروف العصيبة نتقدم بتعازينا إلى عائلات الضحايا ونعبر عن تضامننا الكامل مع الشعب المصري الشقيق".
وأوضح بلاني أن هذه التفجيرات تأتي "في وقت يتم فيه التحضير لاستحقاقات هامة في المرحلة الإنتقالية التي نتمنى أن يخرج منها قويا من أي وقت مضى لتحقيق أمنه ويسترجع مكانته الهامة بين الأمم".
من جهتها دانت السفارة الاميركية في القاهرة بشدة التفجيرات الإرهابية، وأكدت على ضرورة تقديم الفاعلين للمحاكمة.
من جهته قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال، إن "فرنسا تدين الاعتداءات التفجيرية التي ارتكبت صباح اليوم في القاهرة. وتقدم تعازيها إلى أقرباء الضحايا وتبدي تعاطفها مع الجرحى".
وشدد نادال على أن فرنسا "تقف إلى جانب مصر في مواجهة آفة الإرهاب".
وقال إنه "في الوقت الذي يحتفل فيه الشعب المصري بذكرى ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، تتمنى فرنسا أن يتمكن من الالتفاف حول قيم الوحدة والحرية والتقدم التي ألهمته قبل ثلاث سنوات".
وشدد على أن باريس "تساند استمرار عملية الانتقال" في مصر. أما روسيا ومن خلال بيان للخارجية، فقالت: "نؤكد موقفنا المبدئي ونستنكر بشدة أية أعمال إرهابية بما فيها تلك التي تستهدف مؤسسات الدولة بغض النظر عن دوافع المنظمين والمنفذين". ودعت الخارجية الروسية السياح الروس المتواجدين في مصر إلى الحذر وعدم مغادرة المناطق السياحية، مشيرة إلى عدم إصابة أي مواطن روسي في هذه الأعمال.-(وكالات)