تيسير النعيمات
عمان – عدا عن حرمان طلبة الجامعات من فرحة الاحتفال بالتخرج، فرضت جائحة كورونا اجندتها على مؤسسات التعليم العالي في البلاد بدءا من الفصل الثاني من العام الدراسي الماضي بتحول الجامعات الرسمية والخاصة والكليات الجامعية المتوسطة الى التعليم عن بعد، واتباع اساليب تقييم وامتحانات غير مسبوقة وسط تحديات جمة واجهتها هذه العملية برمتها.
ومن ابرز التحديات التي واجهتها عملية التعليم عن بعد ضعف شبكات الانترنت في العديد من مناطق المملكة وعدم امتلاك الكثير من الطلبة واعضاء الهيئة التدريسية اجهزة موبايل او لابتوب، فضلا عن ضعف البنية التحتية من الخوادم "سيرفرات" في الجامعات وعدم جاهزية الطلبة واعضاء هيئة التدريس للتعليم عن بعد، وتركت الجائحة نتيجة ذلك كله آثارها على عملية التقييم والامتحانات ورصد العلامات، حيث لجأت الى "خيار ناجح او راسب اختياري".
وعلى الرغم من ان تجربة التعلم عن بعد سواء أكانت في مؤسسات التعليم العالي او المدارس لم تكن مثالية، الا أنها شكلت فرصة لمعرفة "اين نقف من هذه التجربة، واكتشاف نقاط القوة والضعف والخلل لمعالجتها واستخلاص الدروس والبناء على هذه التجربة من اجل المستقبل".
ودون خوض في التفاصيل فإن التجربة اكدت ضرورة بناء القدرات وتعزيزها لدى جميع اطراف العملية من طلبة واعضاء هيئة تدريس وبنية تحتية للمؤسسات كي يتسنى تنفيذ التعلم الالكتروني بصورته المثالية، فالتجربة خلال الفصل الدراسي الثاني مكنت من تجاوز الأزمة بأقل الخسائر، ولم يتأخر تخرج الطلبة او سير دراستهم، ولم تلحق بالجامعات أضرار فادحة ولم تصب العملية التعليمية بالشلل.
إلا أن الجامعات الرسمية عانت من آثار اقتصادية سلبية دفعت الوزارة الى تحويل ملايين الدنانير من مخصصات الدعم الحكومي للجامعات ومن مخصصات صندوق دعم الطالب، كما اضطرت لجان المعادلة والاعتراف في الوزارة الى الاخذ بعين الاعتبار الظروف التي فرضتها الجائحة باتجاه اعادة النظر بمدد الاقامة للطلبة الاردنيين الدارسين في جامعات خارج البلاد.
كما انعكست الجائحة على نتائج امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) لهذا العام حيث زادت اعداد الطلبة الحاصلين على معدلات مرتفعة ما اثر على الحدود الدنيا لمعدلات القبول في الجامعات لتبلغ ارقاما غير مسبوقة، إذ كان ادنى معدل قبل في تخصص الطب في جامعة مؤتة
98.2 % وهو معدل غير مسبوق.
وفي الجامعة الاردنية ارتفع الحد الادنى لمعدل القبول في تخصص الطب بمقدار اربعة اعشار العلامة اذ بلغ 99.4 % في العام الحالي فيما كان في العام الماضي 99 %، وفي جامعة العلوم والتكنولوجيا ارتفع بمقدار ستة اعشار من 98.6 الى 99.2 %، وفي الهاشمية بمقدار 1.1 % من 97.7 الى 98.8 %، وفي اليرموك بالمقدار ذاته من 97.5 الى 98.6 %، اما في البلقاء التطبيقية فقد ارتفع بمقدار 1.4 % من 97 % الى 98.4 %.
كما انخفض عدد الطلبة المترشحين للقبول ضمن قائمة القبول الموحد العام الحالي مقارنة مع العام السابق، إذ كان في العام الماضي 51748 فيما بلغ للعام الجامعي الحالي 42929 طالبا وطالبة، في حين بلغ إجمالي الطلبة غير المترشحين للقبول 14605 طلاب.
وانعكست تداعيات الجائحة على مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 الذي شهد خفضا لمخصصات الدعم الحكومي للجامعات الرسمية بمقدار 10 ملايين دينار مقارنة بموازنة 2020، في ظل تأثيرات "كورونا" على الايرادات العامة، وهو ما يعني أن على الجامعات زيادة ايراداتها الذاتية وضبط النفقات لتعويض فارق الدعم.
وكان مجلس الوزراء اقر مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2021 وتضمن تخصيص مبلغ 70 مليون دينار دعما حكوميا للجامعات الرسمية، فيما كان المبلغ المخصص في موازنة العام الحالي 80 مليونا 72 مليونا للعام 2019.
ولأول مرة منذ العام 2018، أقر مجلس التعليم العالي في شهر تموز (يوليو) السير قدماً في إجراءات تقييم رؤساء الجامعات الأردنية الرسمية، والذين مضى على تعيينهم أكثر من عام، وذلك بناءً على معايير ومؤشرات أداء أقرها المجلس لهذا الغرض.
وجاءت عملية التقييم وفق الوزارة في إطار تطبيق الهدف الاستراتيجي الثالث من أهداف الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016 / 2025 في قطاع التعليم العالي، والمتعلق بتعزيز الحاكمية في التعليم العالي وتقييم رؤساء الجامعات سنوياً.
ونتج عن عملية التقييم إنهاء خدمات رئيسي جامعتي اليرموك والحسين بن طلال في ايلول (سبتمبر) الماضي وتوجيه ملاحظات الى رؤساء اربع جامعات طلب مجلس التعليم العالي تداركها خلال اربعة أشهر من تاريخ قرار المجلس، كما ارجأ المجلس موعد بدء العام الدراسي 2020 – 2021 اسبوعين ليصبح في الحادي عشر من تشرين الأول بدلا من السابع والعشرين من ايلول (سبتمبر).
وشهد شهر آب (اغسطس) الماضي إقرار مجلس التعليم العالي مشروع التطور الوظيفي في المسارات المهنية والتقنية (التجسير والنفاذية ومنح الشهادات المهنية) على مستوى درجة البكالوريوس والماجستير المهني في المسار، ويتوقع لهذا المشروع أن يفتح الآفاق لطلبة وخريجي الكليات الجامعية المتوسطة والمدارس المهنية ومراكز التدريب المهني للالتحاق بالجامعات التقنية في المسار المهني، والمساهمة بشكل كبير في زيادة أعداد الملتحقين ببرامج التعليم والتدريب المهني والتقني نتيجة للإبقاء على هذه المسارات التعليمية مفتوحة من خلال برامج متطورة ومرنة تعد الخريجين لسوق العمل ومهن المستقبل وتعترف بالخبرات العملية.
إلا أن هذا العام سجل حادثة مؤسفة تمثلت بقيام طالب بحرق نفسه احتجاجا على عدم سماح الجامعة له بالتقدم للامتحانات بسبب تراكم اقساط جامعية عليه ما دفع الى تشكيل لجنة تقصي حقائق في هذه الحادثة المؤلمة.
وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي خاطبت سابقاً ولعدة مرات جميع الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة بضرورة مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها العائلات الأردنية، والطلبة الجامعيين خاصةً الذين يعملون لتأمين الرسوم الجامعية المطلوبة منهم، مشددة على عدم منع الجامعات لأي طالب من التقدم للامتحانات النهائية، أو حرمانه من الاطلاع على علاماته على خلفية عدم تسديده للرسوم الجامعية.
وأكدت بهذا الخصوص ضرورة الالتزام بجميع قرارات مجلس التعليم العالي، إضافةً إلى أمر الدفاع رقم 7 لعام 2020 وتعديلاته، وتحت طائلة المسؤولية، علماً بأن الوزير محي الدين توق كان عمم مرة ثانية على جميع الجامعات بهذا الخصوص .
الى ذلك تضمنت المبادئ العامة للقبول الجامعي للعام 2021/ 2022 ان يكون القبول على أساس الكلية أو حقل التخصص بحيث تكون السنة الأولى مشتركة ويتم التفريع أو التخصص في الأقسام الأكاديمية ابتداءً من السنة الثانية بناءً على ثلاثة معايير أساسية هي رغبة الطالب، ومعدله التراكمي في السنة الأولى، ومقابلة يجريها القسم معه حسب الحاجة، ويتم اعتماد المجموع الكلي للعلامة في امتحان الثانوية العامة من (1400) بدل العلامة المئوية من (100) كأحد أسس القبول، كما تضمنت ان يتم احتساب
60 % من معدل الثانوية العامة للقبول في الجامعة على ان تكون 40 % لامتحان قبول موحد.
ولقي هذا القرار معارضة شديدة من الاكاديميين والخبراء في عمليات القبول ما حدا بالمجلس الى ارجاء تطبيق هذا القرار على طلبة "التوجيهي" لهذا العام لإجراء مزيد من الدراسة على سياسات القبول.
وقرر مجلس التعليم العالي منح ترخيص مبدئي لإنشاء جامعة طبية خاصة جديدة بناء على الطلب المقدم من الصندوق السعودي الأردني للاستثمار لترخيص جامعة طبية خاصة حيث قرر المجلس الموافقة على منح شركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار ترخيصا مبدئيا لإنشاء جامعة طبية خاصة وفقاً لأحكام نظام ترخيص الجامعات الأردنية الخاصة وإنشائها والتعليمات النافذة، وقد طلب المجلس من الشركة استكمالاً للحصول على الترخيص النهائي تحقيق الشروط والمتطلبات الواردة في النظام المشار اليه أعلاه.
وأكد مجلس التعليم العالي أن موافقته جاءت بعد دراسة كافة الوثائق المرسلة مع الطلب من قبل اللجان الدائمة للمجلس، علماً أن المشروع يمثل استثماراً تصل قيمته إلى 400 مليون دولار ويتكون من جامعة طبية ومستشفى تعليمي بسعة 300 سرير و60 عيادة خارجية عدد 60 وسكن طلاب.
اضافة اعلان