"الفينيق": سياسات الحكومة ضيقت خيارات الشباب في العمل

رانيا الصرايرة

عمان- في جلسات حوراية، عقدها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، طالب المركز الحكومة بإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والتعليمية التي أدت لتضييق الخيارات أمام الشباب الأعوام الماضية، وضمان حقوق العمال والحماية الاجتماعية لهم، وتطوير سياسات تشغيل فعالة وعادلة، والابتعاد عن تطبيق سياسات العمل ذات الطابع الدعائي، والتي تعيد تدوير الأزمات منذ اعوام.اضافة اعلان
جاء ذلك في ختام جلسات عقدها المركز بمشاركة مائة شخص، في محافظات مأدبا والطفيلة والكرك والبلقاء، لمناقشة نتائج المسودة الأولى لدراسة بحثية بعنوان "تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لجائحة كورونا على توظيف الشباب في الأردن"، نظمها مشروع المشاركة الشبابية والتشغيل بالشراكة مع منظمة "أوكسفام"، في إطار برنامج الشراكة الدنماركية العربية.
مسؤولة البحث في المركز هديل القضاة، عرضت لأهم نتائج الدراسة حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا، على توظيف الشباب، والتي كشفت عن المتغيرات الجديدة في سوق العمل بعد الجائحة، وكشف أهم ما يواجه الشباب من تحديات.
كما تناولت الدراسة فرصا يمكن للشباب استثمارها في القطاعات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، وما يجب ان يتمتع به الشباب من مهارات، للاندماج في سوق العمل في ظل الجائحة التي انعكست آثارها على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وأشارت الى أن هنالك قطاعات وأنشطة اقتصادية، تتكثف فيها عمالة الشباب من الجنسين، كالسياحة والنقل والخدمات، استغنت عن العديد من عمالها بسبب الأزمة، كما تأثرت سلاسل توريد الأغذية والمطاعم وغيرها من القطاعات التي يعمل فيها الشباب بكثرة، ولاحظت أن السياسات التي طبقت في الأزمة لم تأخذ بالاعتبار الشباب والشابات من ذوي الإعاقة.
وتخلل الجلسات حوار حول أثر الجائحة على العاملين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتبيّن أن القطاع الخاص تأثر بدرجة كبيرة؛ إذ تعرضت الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل %95 من الشركات المسجلة، اذ توفر فرص عمل لنحو %60 من قوة العمل، لكنها تعرضت لانتكاسة بسبب الجائحة وتبعات الإغلاقات وأوامر الدفاع.
وأوصى مشاركون، بضرورة فتح القطاعات السياحية، وإعادة هيكلة الخطط لتعافي القطاع السياحي، وتوجيه الاستثمارات لتوفير فرص جديدة فيه.
ولفتوا إلى ضرورة إعداد خطط للاستثمار الزراعي، بما فيها استخدام أراضي خزينة الدولة لزراعتها أو تضمينها للشباب، وتقديم دعم حكومي للمزارعين، ودعمهم ماليا وتوجيههم للتنوع بزراعة المحاصيل، وانفاذ نظام العاملين والعاملات في الزراعة.
ورقة موقف صدرت مؤخرا عن المركز، بينت أن تفاقم أزمة كورونا، زاد من تحديات الشباب في الأردن، اذ المزيد من تضييق الخيارات أمامهم، للحصول على وظائف لائقة.
وتوقعت الورقة، ارتفاع كبير في معدلات البطالة في الأردن يقارب الـ30 %، والـ50 % بين الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاما، من غير الجالسين على مقاعد الدراسة.
وعزت هذه التحديات، للسياسات الاقتصادية وسياسات العمل التي طبقت في الأردن العقود الماضية، وأدت لارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير بين الشباب، اذ وصلت في الربع الأول العام الماضي، وقبل التعرض لتأثيرات أزمة كورونا لـ19.3 %، مقارنة بـ18.6 % في نهاية 2019، وهي مستويات قياسية، مقارنة بمعدلات البطالة التاريخية في الأردن، والعالم.
وأوضحت الوررقة أن معدلات البطالة بين الشباب في الأردن بلغت 48.3 % و39.7 % بين الفئتين العمريتين 15 الى 19 عاما 20 الى 24 عاما (من غير الجالسين على مقاعد الدراسة) على التوالي في الربع الأول العام الماضي.
وأشارت الى معدلات البطالة بين الشباب، من بين الأعلى عربيا ودوليا قبل الجائحة، فقد بلغت 37.7 % عربيا و13.6 % عالميا، وفق أحدث تقارير لمنظمة العمل الدولية حول "اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2020".
وبينت ايضا أن هذه التحديات الصعبة التي يواجهها الشباب في الأردن، لم تكن وليدة الصدفة، بل نتاج لجملة خيارات وسياسات اقتصادية، طبقت في الأردن العقود الماضية، تمثلت في السياسات الاقتصادية التي أضعف قدرات العديد من القطاعات الاقتصادية على توليد فرص عمل جديدة، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي الشمولي العقد الماضي، وبقائها عند مستوى 2 %.
وأشارت الورقة الى إلى عدم قدرة القطاعين الخاص والعام على استيعاب الداخلين الجدد للسوق، وخلق مزيد من الوظائف اللائقة، والافتقار إلى برامج وطنية تسهّل الانتقال السلس من النظام التعليمي إلى العمل، بما في ذلك التدريب المهني والإرشاد والتوجيه المهني.
وبينت أن قطاعات واسعة من الشباب والشابات يعانون من ضعف جودة التعليم الأساسي والثانوي وبعد الثانوي، ما ينعكس سلبا على مهاراتهم المعرفية والفنية الأساسية، فنتائج امتحان الكفاءة الجامعية الذي تعقده وزارة التعليم العالي دوريا، تظهر أن غالبية خريجي الجامعات الجدد يمتلكون أقل من 50 % من المعارف والمهارات التي عليهم امتلاكها، وهذا يضع عقبات أخرى أمامهم للحصول على وظائف لائقة.
واشارت الى أن هناك عوامل أضعفت القدرات المعرفية والمهاراتية للشبا، كضعف برامج التدريب العملي خلال الدراسة، وغياب برامج الإرشاد والتوجيه المهني أثناء مرحلة اختيار تخصصات الدراسة، الى جانب عشرات الآلاف منهم سنويا، يخفقون باجتياز امتحان الثانوية العامة، ونسبة كبيرة منهم، تصبح عمالة غير ماهرة، لضعف منظومة التعليم المهني والفني غير القادرة على استيعابهم، والتي لا تلقى الاهتمام الكافي من الحكومة.
وبينت الورقة أن التعليم الأكاديمي، أصبح مرتبطاً بالمكانة الاجتماعية، اذ يُعتبر التعليم والتدريب الفني والمهني بمنزلة مسارات تعليمية من الدرجة الثانية، وجزء قليل من الطلبة يلتحقون به، جاء ذلك جراء التوسع غير المبرر في التعليم الجامعي، رافقه تطبيق برامج تشغيل حكومية غير فعالة في الاعوام الماضية، ما دفع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات للارتفاع على نحو كبير، اذ بلغت في الربع الأول من العام الحالي بين الجامعيين 25 %، وبين الجامعيات 71 %.
وأوضحت الورقة أن من التحديات التي يواجهها الشباب والشابات، عدم توافر بيئة وشروط عمل لائقة في سوق العمل، تتعلق بمستويات الأجور المتدنية وضعف منظومة الحماية الاجتماعية.