رانيا الصرايرة - طالبت الحملة الوطنية لنظام الهجرة العمالية البديل، بحماية الحقوق الاقتصادية للعمال المهاجرين، المتعلقة بالتحرر من الإكراه الاقتصادي، ووقف إلزام المهاجرين برسوم التوظيف، والتحرر من انتهاكات الأجور والعمل الجبري، وتشمل منظمات مجتمع مدني وأفرادا، يطالبون بإلغاء كامل لنظام الكفالة وممارساته في الأردن.
وأشارت الحملة في بيان لها، إلى أن الإكراه الاقتصادي للمهاجرين يبدأ في بلدان الأصل، ويؤدي لتفشي البطالة وانعدام فرص العمل اللائق، والحاجة الماسة للعمل، لوقوع العمال المهاجرين فريسة وسطاء التوظيف، خصوصاً في القرى والمناطق النائية، أو ممن يحملون المهاجرين رسوم توظيف باهظة، لا يمكنهم تأمينها من دون اللجوء الى الدين أو بيع ممتلكات العائلة.
وبينت الحملة، أن المهاجرين بشكل غير نظامي، يوظفون عن طريق تأشيرات سفر سياحية، والأسوأ من ذلك، توظيفهم عبر شبكات اتجار بالبشر، إذ ترتفع فرص التوظيف غير النظامي في دول، لا تربطها اتفاقيات توظيف بالأردن، ما يصعب ضبط الاستغلال.
وأكدت أنه وبرغم كون الاستغلال يبدأ في بلد الأصل، لكن ذلك لا يعفي دول المقصد من المسؤولية، فالتوظيف منظومة متكاملة يجب أن يكون كل طرف فيها مسؤول عن سلامة الإجراءات في مراحلها كافة في بلد الأصل والعبور والمقصد، وبما يتطابق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والعمال.
وأكدت الحملة أن الاستغلال الاقتصادي للمهاجرين يستمر في بلد المقصد، خصوصاً إذا كان المهاجر قد وقع ضحية لعبودية الدين بحيث يلزم بالعمل سخرة، واقتطاع أجره الشهري لسداد رسوم التوظيف لوسيط التوظيف في بلد الأصل.
كما أفادت أن آلاف المهاجرين يعملون في ظروف عمل جبرية، بخاصة في قطاعات الاقتصاد غير الرسمي والتي ينعدم فيها التفتيش على أماكن العمل، كما يحدث في قطاعي العمل المنزلي والزراعة، بحيث يعمل المهاجرون لساعات طويلة، وأحيانا لا يدفع الأجر مطلقا، أو يقتطع منه، وغالبا لا تدفع تعويضات عن العمل الإضافي مطلقا، إذ لا يجري الاعتراف أصلا بالحد الأعلى لساعات العمل اليومي، ويعمل المهاجرون في هذه القطاعات خلال عطلهم الأسبوعية والدينية والرسمية من دون أي تعويض حسب القانون.
وأشارت الحملة في بيانها، الى أنه ليس من قبيل المبالغة القول إنه واستنادا للمعايير الدولية فإن كل منزل، يجري فيه توظيف عاملة منزل مهاجرة، ترتكب فيه جريمة عمل جبري، وعدم تعويض ساعات العمل الإضافي، كما تزايدت انتهاكات الأجور بشكل أكبر في جائحة كورونا محليا ودوليا، ما أدى لارتفاع الأصوات عالمياً لحماية المهاجرين منها.
وبينت أن استغلال العمال المهاجرين يزداد وفقا لعدة عوامل، إذا اجتمعت، فذلك يعني استغلالاً مضاعفاً، كالنوع الاجتماعي، وحالة الهجرة والعرق واللون والقطاع العمالي وتنظيمه، أكان نقابيا أو قانونيا، ووجود سفارة للدولة المرسلة للعمالة من عدمه، وغيرها من العوامل.
وأكد البيان، أن النساء أكثر استضعافا وعرضة للاستغلال الاقتصادي، وكذلك العمال غير الرسميين ممن يفتقرون للوصول الى العدالة، بسبب وضع الهجرة غير النظامي، والذي يجب أن يكون أساسا، السبب في توفير دعم إضافي لهم، بدلا من أن يكون سببا لترحيلهم وتغريمهم وحبسهم، باعتبار المهاجرين، الحلقة الأضعف، وأن صاحب العمل ومكتب التوظيف هم من يتسببون بوجود العامل في هذا الوضع غير النظامي.
ويتعرض العمال غير الرسميين للاستغلال الاقتصادي، بخاصة من سماسرة التصاريح الذين تجب ملاحقتهم ومعاقبتهم، كما يتعرضون لاستغلال أصحاب عمل، يهددونهم بتسليمهم للسلطات إذا طالبوا بحقوقهم العمالية، وعلى رأسها الأجور.
وطالبت الحملة الحكومة الأردنية كبلد مستقبل للعمالة المهاجرة، وحكومات دول الأصل بتنفيذ أهداف أجندة العام 2030 للتنمية المستدامة، المتعلقة بالعمل جديا لمحاربة الفقر والبطالة وخلق فرص عمل لائق، وتوقف دول الأصل عن مواجهة مشكلات الفقر والبطالة بتشجيع الهجرة العمالية القائمة على المساومة بحقوق العمال مقابل فرص العمل، بل عليها فرض شروط صارمة لحماية حقوق رعاياها بعمل لائق وفق اتفاقيات التوظيف الثنائية، وضبط التوظيف غير المرخص وغير الأخلاقي ضمن حدودها.
كما أنه يتوجب عليها تبني برامج توظيف أخلاقي ضمن اتفاقيات دول الأصل والمقصد، ويقتضي هذا النظام ألا يتحمل المهاجرون أي رسوم توظيف بتاتا، سواء في بلد الأصل أو المقصد، أو هيئة عمولات لوسطاء ومكاتب توظيف أو رسوم فحص طبي أو رسوم تصاريح عمل وإقامة، أو ثمن تذكرة سفر، أو غيرها من النفقات، وتحمل الرسوم والنفقات لصاحب العمل، على أن تكون معقولة وغير مبالغ بها، إذ أن رسوم التوظيف المبالغة، بخاصة رسوم تصاريح العمل والإقامة، من العوامل التي تخلق نوازع عدائية من أصحاب العمل تجاه العمال، برغم أن هذه المبالغ تدفع لمكاتب التوظيف والجهات الحكومية وليس للعامل.
كذلك يجب التعاون بين دول الأصل والمقصد لتوفير بيئة نجاح، وتفعيل آليات الإبلاغ عن انتهاكات العمل الجبري والأجور، بحيث تكون قابلة للوصول والاستخدام من العمال المهاجرين، بغض النظر عن لغتهم، ويمكن تحقيق ذلك بتوفير خدمة الخط الساخن ومنصات الشكوى الإلكترونية في السفارات والقنصليات، والتي بدورها تقوم بالإحالة اللازمة، وإلزام أصحاب العمل باستحداث آليات شكوى فردية وجماعية آمنة في أماكن العمل.
بالإضافة لتفعيل التفتيش على العمل، بخاصة في قطاعات يعمل فيها العمال المهاجرون في عزلة، وصعوبة التواصل والوصول للعدالة والخدمات، وإنفاذ القوانين على نحو صارم ضد جرائم الاتجار بالبشر والعمل الجبري وانتهاكات الأجور، وعبودية الدين وملاحقة ومحاسبة سماسرة التصاريح غير النظامية وإلزامهم بتعويض العمال.
ودعت لتوفير الدعم اللازم للعمال غير الرسميين، وضمان وصولهم بشكل متكافئ الى قنوات العدالة والإنصاف، وعدم تعريضهم لأي عقوبات بسبب وضعهم غير النظامي، بل معاقبة من استغلهم وانتهك حقوقهم وأودى بهم إلى وضع غير نظامي، وفي الوقت نفسه تيسير تصويب أوضاعهم.
وتطالب الحملة، بالإلغاء الكامل لنظام الكفالة، وتناصر من أجل نظام بديل للهجرة، يقوم على المعايير الدولية لحقوق الإنسان والعمال، وإلغاء تطبيقات نظام الكفالة في التشريعات الأردنية والإجراءات الإدارية، وعلاقات العمل بين أصحاب العمل والعمال المهاجرين في القطاعات كافة.
ويصف أعضاء الحملة نظام الكفالة، بأنه من أشكال العبودية الحديثة التي تتنافى مع القيم والمبادئ التي يلتزم بها الأردن، والاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها، والمبادئ الأساسية لمنظمة العمل الدولية حول الحرية النقابية والتفاوض الجماعي، والقضاء على التمييز في العمالة والمهن والعمل الجبري، وعمالة الأطفال.
ويرون في هذا النظام، تقييدا للحريات الأساسية للإنسان، ومن بينها حرية الحركة والتنقل والتجمع والتنظيم وحق الوصول للخدمات والعدالة، كما أنه يعرض العمال للعنف والتحرش الجسدي واللفظي والجنسي والنفسي والاستغلال الاقتصادي، ويبعدهم عن مظلات الحماية الاجتماعية، بما فيها مظلة الضمان الاجتماعي في أغلب القطاعات التي يعملون بها، وتزداد احتمالات تعرضهم للاستغلال والتهميش بناء على الجنسية، ووضع الإقامة، والنوع الاجتماعي، وغيرها من العوامل.
وتدعو الحملة لنظام هجرة بديل، يحترم حق العمال المهاجرين بالحركة والتنقل وتقرير المصير بحرية، ويحررهم من الإكراه الاقتصادي، ويضمن لهم حقوقا متساوية في العمل، ويحميهم من أشكال التمييز كافة، ويتيح لهم الوصول للخدمات وللعدالة، ويمكنهم من الاندماج في الحوار الاجتماعي.
اضافة اعلان