تغريد السعايدة
عمان- مع بداية كل عام دراسي جديد، تعود الطقوس الخاصة في الاحتفاء بهذا الموسم، حيث تعم أجواء من الفرح والبهجة التي تسيطر على الأسر وهي تقوم بـ”تجليد الكتب”.
ورغم لجوء البعض للمكتبات رغبة في تجليد الكتب، إلا أن كثيرين تستهويهم الأجواء العائلية أثناء التجهيز لمدرسة، حيث تجليد الكتب ولصق الطوابع، وقبلها انتقاء الأوراق الملونة والطوابع و”الستكرز” المتنوعة.
وما إن استلم أحمد، في الصف الرابع، الكتب من مدرسته، حتى سارعت والدته بتحضير كل ما يحتاجه من مواد لتجليد الكتب وترتيبها، استعداداً لمباشرة الدراسة والبدء بجد ونشاط.
أم خالد تعمد أن يشاركها طفلها تجليد كتبه، حتى يشعر بالفرح والإنجاز لكل ما هو جديد، وتشجعه على أن تكون كتبه مرتبة لتثني عليه مدرسته ويكون مميزا.
وتقول أم خالد إنها بهذه الطريقة التي تعتمدها مع كل أبنائها، ترى أن انعكاساتها الإيجابية كثيرة، إذ يبقى الطفل مستعداً ومتحمساً للمدرسة، ويتهيأ نفسياً للذهاب للمدرسة برفقة أخوته وأصدقائه.
أما أم جنى، فترى أن تجليد الكتب مع بداية كل عام دراسي عدا عن كونها “تقليدا اسريا واجتماعيا سنويا”، فهي “طريقة مناسبة للمحافظة على الكتاب والدفتر لدى الطفل، حتى لا تتعرض للتلف، حيث يتم حفظها عن طريق تجليدها بطريقة مناسبة وأنيقة، بما يتناسب مع طبيعة الطفل وما يفضل.
وتستذكر أم جنى تجليد الكتب في السابق، إذ “كان له طعم ورونق أكثر من هذه الأيام، حتى أن طريقة التجليد اختلفت تماماً”، متابعة “حتى طريقة التجليد كانت تختلف تماماً، من ناحية نوعية التجليد والورق المستخدم آنذاك، حيث يتم تجليد الكتاب بطبقتين إحداها من الورق، وأخرى من البلاستيك الخفيف”.
بكر ناصر، وهو موظف وأب لطفلين، ينوه إلى اختلاف طريقة التجليد الآن إذ بات عبارة عن ملصقات كبيرة يُجلد فيها الكتاب بطريقة سريعة وبسيطة، والجديد في الأمر أن الكثير من الأهل أمسوا يلجأون إلى المكتبات التي تعرض خدمة التجليد مقابل مبلغ مالي معين، يختلف باختلاف نوعية التجليد.
وفي كل مرة يقوم فيها ناصر بتجليد الكتب لطفليه يروي لهما كيف كان وأخوته أيام المدرسة يجلدون الكتب بورق الجرايد، وهو ما كان متوفرا حينها، وفق ناصر الذي يشير إلى أن “الصغيرين يضحكان على ما أقصه ويشعران بالفرح وسط مشاركتي لهما التحضير للمدرسة”.
مها أبو نصر تفضل تجليد كتب أبنائها في المكتبة كونها “مناسبة للسيدات العاملات، اللواتي لا يجدن الوقت الكافي لتجليد الكتب للأبناء”، فضلا عن أنها تنشغل بعد عودتها من العمل في تحضير الغداء وترتيب البيت.
نسرين أحمد تعمدت لهذا العام أن يختار أبناؤها ألوان التجليد بأنفسهم، حتى يشعروا بالمتعة والسعادة في اختيار ما سيضعونه على كتبهم مع بداية العام الجديد، ويحافظون عليها لفترة زمينة طويلة.
وعن الطريقة الجديدة في التجليد في المكتبات، تقول أحمد “إنها طريقة مناسبة لأشخاص قد لا يتوفر لديهم الوقت الكافي لتجليد كتب أبنائهم، إلا أن بعض العائلات قد تجد فيه نوعاً من التكلفة المادية الإضافية التي سيتحملها الأهل مع بداية كل عام دراسي جديد”.
من جهتها ترى رشا الطراونة، وهي صاحبة مكتبة ولديها موظف يعمل على تجليد الكتب المدرسية للطلبة، أن هذه الطريقة أمست “مطلبا للكثير من الأهالي، وهي نوع من الأعمال الموسمية التي توفر فرصة عمل للبعض وتعطي الأهل كذلك فرصة لتوفير الوقت والجهد في تجليد كتب الأبناء وخاصة ممن لديهم عدد من الأبناء في المدرسة”.
وتؤكد الطراونة ان تجليد الكتب في المكتبات “إحدى الخدمات التي تواكب تقدم الحياة وتقدم تسهيلات للافراد كغيرها من الأعمال المختلفة التي تقدم خدمات للناس مقابل أجور متوازية”.
من جهتها تقول الاختصاصية التربوية والأسرية سناء أبو ليل إن على الأهل ضرورة مشاركة أبنائهم في التحضير للعودة للمدرسة من مختلف الجوانب وفي أبسطها، ومنها “مشاركة الطفل في شراء مستلزمات المدرسة والحقيبة المدرسية وتحضير الكتب وتجليدها حتى يشعر بالمتعة في الانتقاء”، عدا عن أن ذلك يُشعر الطفل بالبهجة والفرح لتحضيره أشياءه الخاصة بالمدرسة بنفسه، ويزداد تعلقاً بها ومحافظاً عليها من التلف.
ومن الأمور التي يجب أن يبدأ فيها الطفل عامه الدراسي، وفق أبو ليل، تعليم الطفل وتعويده على ترتيب كتبه المدرسية والزي الذي يرتديه بشكل يومي، فذلك يجعل منه ملتزماً بقيمة الانضباط وزرع قيمة النظام فيه.
وتؤكد أبو ليل على أهمية عمل جلسات عائلية يتناقش فيها الأهل والأبناء معا في الأمور المدرسية وتنظيمها ووضع خطط ذات أهداف تعليمية وثقافية لتطبيقها.