رانيا الصرايرة
عمان - لاحظت ورقة سياسات، أعدتها جمعية معهد تضامن النساء "تضامن"، "ارتفاع مؤشرات العنف المبني على النوع الاجتماعي، خلال جائحة فيروس كورونا المستجد"، مستندة في ذلك إلى أن الجمعية "تعاملت خلال 3 أشهر مع أكثر من 800 حالة عنف، فيما رصد مركز الدراسات الإستراتيجية - الجامعة الأردنية زيادة بحالات عنف أسري، بينما قالت إدارة حماية الأسرة إن نسبة زيادة العنف الأسري وصلت لـ33 %، خلال أول شهر من الحظر".
وبينت الورقة، التي أعلنت نتائجها أمس خلال جلسة متخصصة عقدت عبر تطبيق "زووم" بمشاركة ممثلين عن جهات حكومية وغير حكومية معنية وممثلين عن مؤسسات مجتمع مدني وشخصيات، أن أكثر أنواع العنف هي: النفسي ثم اللفظي ثم الجسدي ثم الاقتصادي.
وقالت إن "الأزواج هم الأكثر ارتكابا للعنف، الذي شمل النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة"، مضيفة "أن هناك فئات أخرى مرتكبة للعنف، تتمثل بمالكي منازل وأصحاب عمل ومقدمي خدمات".
وأظهرت الورقة، التي جاءت بعنوان "حماية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي خلال جائحة كورونا، أن ما نسبته 19 % من النساء المعنفات فقط يطلبن المساعدة، منهن 3 % يلجأن إلى إدارة حماية الأسرة.
ودعت الى التحول الإلكتروني في الاستجابة لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي، وبناء شبكة مدنية للحماية والاستجابة والتأهيل، خصوصا في حالات الطوارئ والأزمات.
إلى ذلك، أكد المشاركون في الجلسة أهمية أن تشمل "الشبكة المدنية"، جميع منظمات المجتمع المدني المعنية بالمرأة في المناطق والتجمعات السكنية البعيدة ومخيمات اللاجئين، وأن يكون لها رقم تواصل "امان" معلنا، وسكرتارية خاصة معنية بالإحالة لتقديم الخدمة المطلوبة بناء على قاعدة بيانات واسعة وشاملة.
واقترحوا أن تضم الشبكة مرصدا وطنيا لتجميع البيانات والمعلومات والإحصاءات، بُغية تحليلها وتقديمها للجهات الرسمية، تساعد على بناء سياسات وإستراتيجيات وأنظمة وطنية للحماية.
وشدد المشاركون على أهمية أن تهتم الشبكة المدنية بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية، كل في تخصصه، سيما وأن الجائحة أظهرت أنماطا جديدة من العنف الواقع على النساء والفتيات، ومنها الإلكتروني والاقتصادي.
من جهتها، بينت ممثلة منظمة كير، سوسن سعادة، "أن الورقة أظهرت حقيقة أوضاع الحماية للنساء والفتيات أثناء جائحة كورونا، خاصة خلال الحجز المنزلي وانقطاع الخدمات على الفئات الأكثر هشاشة من المجتمع"، مضيفة أن الورقة شملت توصيات لضمان الجاهزية والشمولية في الاستجابة لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي، وفي تقديم الخدمات والبرامج وسياسات وأنظمة أكثر تجويدًا.
وقالت "إن إستراتيجية منظمة كير تركز على بناء شراكات طويلة الأمد مع منظمات المجتمع المدني العاملة مع النساء والفتيات".
بدوره، قال المدير التنفيذي لـ"تضامن"، منير دعيبس، إن المسودة الأولى للورقة، تم إعدادها خلال شهر أيار (مايو) الماضي، وغطت فترة الحجر المنزلي وحظر التجول، وقارنها مع أرقام وإحصائيات لحالات العنف قبل الجائحة.
وأضاف أن الدراسة اتبعت منهجية علمية بحثية موضوعية محكمة، حيث اعتمدت أدبيات محلية وإحصائية ومعلومات من جهات حكومية وغير حكومية معنية، ومقابلات مع 20 مؤسسة حكومية وغير حكومية معنية، وحالات لنساء أردنيات وغير أردنيات تعرضن للعنف قبل وخلال الجائحة.
وأوضح دعيبس أن "كورونا" أظهرت بأن تقديم الخدمات الإلكترونية ذات أهمية بالغة في استمرار الحماية والاستجابة لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي، كما أثبتت بأن المجتمع المدني على وجه الخصوص لم يكن مستعدا بشكل كاف للتعامل مع هذه الحالات خلال الأزمة.
وأكد أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف المؤسسات المعنية من أجل الانتقال الآمن والفعال لتقديم هذه الخدمات إلكترونيا.
كما أوصت الورقة بضرورة تجويد التشريعات والسياسات المتعلقة بذلك العنف، وإزالة كل أشكال التمييز بين الجنسين، وتحقيق العدالة والإنصاف للضحايا، ذكرا أو أنثى.
ودعت إلى إعادة النظر بالإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف، وبالأدلة الإجرائية الخاصة بإدارة الحالة والإحالة، وبناء قواعد بيانات مركزية مشتركة بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وتطوير استراتيجية شاملة للتعامل مع قضايا العنف.
وبخصوص مدى انتشار العنف ضد النساء والفتيات، أظهرت الورقة "أن الأرقام والإحصاءات منقوصة، ولا تعطي مؤشرات دقيقة وشاملة، وذلك لأن 47 % من النساء والفتيات بالأردن لا يشملهن مسح العنف الأسري الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة (النساء غير المتزوجات من الفئة العمرية 15-49 عاما، والنساء المتزوجات وغير المتزوجات اللاتي تزيد أعمارهن على 50 عاما)، كما أنه لا توجد أرقام رسمية حول العنف خارج إطار الأسرة، كالعنف الاقتصادي والسياسي والإلكتروني والتحرش الجنسي.
إلى ذلك، لفت المشاركون إلى أهمية معالجة موضوع الوصمة الاجتماعية للمصابين بـ"كورونا"، وضرورة أن تتضمن الكشوفات الرسمية معلومات تفصيلية، من حيث الجنس والعمر والمستوى الوظيفي.
من ناحيتها، قالت الرئيسة التنفيذية لـ"تضامن"، أسمى خضر، "في ضوء المرحلة الحالية، من حيث تنامي عدد الإصابات بفيروس كورونا، نحن في حالة قلق من ظروف أصعب"، مؤكدة أن ذلك "يوجب تفعيل خطتنا واستجابتنا. فنحن لا نملك ترف التأجيل".