قرار “مكاتب الاستقدام” بطلب الملف الجنائي والفحص النفسي لعاملات المنازل، وفق ما أكده النقيب خالد الحسينات، وإثبات أن العاملة لا يوجد في سجلها أي قيد جرمي، مهم للغاية وجاء في مكانه في وقت بتنا نشهد فيه سيناريوهات جديدة بتصرفات “مرعبة” يختبرها الصغار والكبار لعاملات يتجاوز أعدادهن 50 ألفا يعشن في بيوتنا وبين أطفالنا!
القرار الجديد، سيتضمن خطوات يتم اتخاذها للتأكد من إخضاع العاملة لكامل الفحوصات الطبية في المختبرات المعتمدة من قبل وزارة الصحة الأردنية في جميع الدول التي يتم استقدام عاملات منازل منها، مع مشروع ربط إلكتروني مع المختبرات لوقف عمليات تزوير كانت تحصل بهذه الفحوصات من قبل بعض المكاتب المصدرة للعمالة.
الحادثة الأخيرة والبشعة لعاملة المنزل التي قتلت بطريقة إجرامية طفلا لم يكمل العام الرابع من عمره بمدينة إربد، نحرا بالسكين، أدمت قلوب عائلته، وقلوبنا جميعا، من عاملة فقدت الرحمة، وقتلت صغيرا لا حول له ولا قوة، فقط أرادت أن تفرغ كل أمراضها النفسيه فيه.
ليست تلك الحالة الوحيدة، فقد سبقتها حالات عديدة لأطفال ومسنين ذاقوا أشد أنواع العذاب والتنكيل بين أيدي العاملات، فمن منا ينسى حادثة الطفلة التي قضت على يد عاملة كانت تتفنن بضربها بملعقة على رأسها ليصيبها نزيف دماغي وتتوفى بعد ذلك. وقصص أخرى موجعة بمسلسل حلقاته، للأسف، لا تنتهي.
كل بيت يحتفظ بقصص عديدة من عاملات، وتصرفاتهن الغريبة، والمؤذية، هنالك من انتبه مبكرا وأنقذ حياته وحياة أطفاله في اللحظات الأخيرة، وهنالك من دفع الثمن غاليا وذاق مرارة فقدان شكّل ندوبا يستحيل تجاوزها أو نسيانها.
تأتي عاملة المنزل. تبدو خارجيا أنها بصحة جسدية ونفسية جيدة. تبدأ العمل، ليظهر بعد ذلك الخلل النفسي الذي تعاني منه، وكأنها تجد متنفسها بأن تصب كل غضبها وأمراضها وعقدها على أطفال لا يستطيعون أن يعبروا لعائلاتهم بما يختبرونه من عذابات معها!
يأتون من بيئات مختلفة. بمعتقدات بعيدة عن مجتمعنا. أغلبنا لا يهتم بالسؤال عن الوضع النفسي، كذلك البيئة التي جاءت منها العاملة لتختبر بيئة جديدة عليها كليا، فيحدث الكثير من المشاكل التي يصعب السيطرة عليها.
للأسف الشديد، هناك كثير من العائلات تسيء التصرف مع عاملة المنزل، تعاملها بدونية واحتقار، ويلجأون لضربها أحيانا، وتكليفها بأعمال فوق طاقتها، فتشعر بالإحباط والقهر والذل، ما يولّد ردة فعل انتقامية تجاه الأطفال، والتصرف معهم بعدوانية قد تصل للقتل أحيانا!
كلنا يعلم أن وجود العاملة في منازلنا، لم يعد ترفا في ظل الحاجة الماسة لها، خصوصا إذا ما كانت الأم العاملة، وليس أمامها حل سوى استقطاب واحدة تساعدها في أمور المنزل مع صعوبة الحياة، لكن، ورغم كل تلك الظروف والحاجة الضرورية لها، لن تكون عاملة المنزل يوما بديلة عن الأم، ولا يفترض أن ترمى كل المهام عليها!
ينبغي أن يكون هنالك مزيد من الوعي والحرص والمتابعة، وكذلك المراقبة المستمرة، والتحقق من أي تصرف، وعدم الاستهانة به مهما كان بسيطا، لاتخاذ الإجراء اللازم في الوقت المناسب، وقبل فوات الأوان. وقبل ذلك كله التأكد من الحالة النفسية والجسدية للعاملة وقت استقدامها.
في ظل وجود عشرات الآلاف من العاملات في البيوت، تبقى الآثار السلبية التي تترتب على الأطفال من العاملات تؤثر على كيان الأسرة ككل، وخطرا صحيا ونفسيا، يتضاعف ويتفاقم يوما بعد يوم، فمشاكلهن وقصصهن لا تنتهي، من عنف وهرب وسرقات، وعلاقات في السر، ليبقى المخفي أعظم!
تعديل شروط استقدام العاملات والصرامة في تنفيذها، ربما يسهم في إنقاذنا من تكرار مسلسل الموت على أيديهن.. الآن ومستقبلا!