"حلاّل المشاكل" شخصية تتفاخر بقدرتها على مساعدة الآخرين

سوسن مكحل

عمان- في الحياة، يصادف كثير من الأشخاص العديد من المشاكل التى تؤرقهم وتؤثر على علاقتهم بالآخرين، ويشعرون بحاجتهم لاستشارة ما أو مساعدة من قبل الآخرين ليرشدهم الى الصواب ويساعدهم على تخطى المشكلات بسلام.اضافة اعلان
غير ان المشكلة التي قد يصادفها من يعانون منى مشاكل تكمن بشخصية "حلاّل المشاكل" الذي يقطع عهدا بالمساعدة والمساندة والتخفيف من المشكلة، ووقت الفعل يختفي هذا الشخص كما الكثير من أمثاله وبدون مبررات.
أمل (26 عاما) تذهب إلى أهمية المعرفة الجيدة بالشخص الذي تتوجه اليه اذا ما صادفتها مشكلة، خصوصا بعد تجربتها مع احدى صديقاتها التي وعدتها بحل مشكلة لديها تعلقت بأمور الدراسة وسرعان ما اختفت تلك الصديقة دون مبررات.
تقول أمل ان صديقتها وعدتها بحل المشكلة وأن تنتظر فقط 3 ايام وتكون كل امورها اوشكت على الحل والخلاص من المشكلة، الا ان الانتظار كان بالنسبة ليست سوى شعلة أمل سرعان ما تبددت في اختفاء الصديقة وعدم الرد على هاتف أمل.
وتلخصت خبرة امل في حل مشكلاتها بانها يجب أن تلجأ الى الشخص المناسب أو تقوم بحل مشاكلها بنفسها لكون الآخرين ومن يجيدون الحلفان والايمان بحل المشكلة بوصفها "حكي فاضي".
البعض يسمونه بالمستشار الانساني وهو الشخص الذى يقدم للآخرين خدمة تتمثل في حل مشكلاتهم عن طريق الاستماع اليهم ومحاولة ايجاد الحلول، والتي تبنى في أغلب الأحوال على خبراته الحياتية والشخصية وربما علاقاته مع الآخرين اذا كان ذا منصب أو مركز ما.
ويعتبر محمد يوسف (30 عاما) أن الخبرة الحياتية متوفرة لدى أغلب الناس، وقد يتمثل هؤلاء في الأصدقاء والأقارب، فإذا كان في حاجة الى استشارة شخص ما في مشكلة معينة يعاني منها يستشير أحدهم لأنهم الأقرب والأكثر الماما بظروفه وشخصيته".
وتشاركه الرأي نادين (23 عاما) وتقول إنها تعرض مشكلاتها على القريبين منها، مؤكدة أن بعض النصائح والحلول التي يقدمونها لها تساعدها في تخطي بعض المشكلات خصوصا في أمور سبق لهم المرور بها.
وتستذكر سوزان محمود (35 عاما) حينما استعانت بسيدة من أقارب زوجها، تثق بها ولها كلمة بالعائلة، للحيلولة دون وقوع الطلاق بينها وبين زوجها، وسبب اختيارها لها بأنها تستطيع التدخل بالخير والحديث مع زوجها لكي لا يقدم على هذه الخطوة.
وتضيف أن هذه السيدة وعدت بأن تساعد وأن تنهي المشكلة وأن "الموضوع عندها"، ولكنها لم تتدخل أبدا، وحينما كانت تسألها أصبحت تتهرب بحجة أن لديها انشغالات.
تقول سوزان "المشكلة أن اعتمادي كله كان على هذه السيدة وهي من وعدت بالمساعدة إلا أنها تهربت"، لافتة إلى أن هذا الموقف جعلها لا تثق بأحدا أبدا، وأن تعتمد على أن تحل أمورها بنفسها. بينما ترفض هبة (28 عاما) حلاّل المشاكل معتبرة أن تلك الشخصية غير موجودة؛ فالجميع يستمع للمشكلة وهدفه الحديث اكثر من المساعدة الحقيقية على ارض الواقع حتى من أقرب الناس.
وتصف هبة تجربتها مع حلال المشاكل بانها لجأت في اثر مشكلة في شركتها لاحدى الزميلات لتكتشف ان تلك الزميلة قامت بزيادة المشكلة حتى اصبحت أكبر مما تتوقع بدلا من ايجاد الحل المناسب.
ولهذا تؤكد هبة حلاّل المشاكل "الاجتماعي" والذي يردد مقولات من بينها "خلص عندي اعتبرها انحلت" وما شابهها مجرد كلام لا يمت للواقع بصلة.
اختصاصي علم النفس الدكتور خليل أبو زناد يؤكد أن المفروض ان يكون الشخص المبادر بحل المشكلة قادر على اعطاء النصح من باب الخبرة العلمية المرتبطة بالموضوع الذي يقدم فيه النصح، غير ذلك يعد ضرب من الأمور غير العلمية التي قد تزيد الامور سوءا.
ويضيف أبو زناد أن هناك أفرادا لا يقدمون النصيحة الا من باب التفاخر بقدرتهم بحل المشكلات، وغالبا ما يزيدون المشاكل ولا يعطون الحلول الناجعة. مؤكدا ان هناك من يقدم نصائح طبيعية وعلاجية وهو ليس له علاقة بالطب.
وكذلك يطبق وفق أبو زناد على الحالات الاجتماعية والوعود بحل المشكلات، مؤكدا أن الشخص الذي يبادر بحل المشكلة ولا يحلها بل يساهم بزيادتها واحيانا التهرب منها يكون شخصا يعاني نقص ما يحاول تعويضه بالتفاخر بحله للمشكلات، والتي سرعان ما يتهرب منها.
وينصح ابو زناد أي شخص يعاني من مشكلة ما، ان يقوم بحلها بنفسه وبناء على قدراته وخبراته او يستشير صاحب الخبرة بالموضوع نفسه وليس أي شخص واذا عجز، عليه مراجعة استشاري او مختص كي لا يتعرض للضرر او المشاكل الكبيرة.
 اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي يبيّن أن "حلال المشاكل" امتداد لأصحاب الوجاهة والخبرة بالسابق والذين سعوا طوال اجتماعاتهم بالحد من المشاكل وايجاد حلول ناجعة لها.
وهي جزء من العادات والتقاليد والموروثات كان المواطنون يقومون باللجوء اليهم لحل المشاكل من باب الحرص على التضامن الاجتماعي وعدم اثارة المشكلات وحلها باقرب فرصة.
غير ان الظاهرة اليوم بما يسمى "حلال المشاكل" اتخذت جوانب تصيد لمن لديهم مشكلات وفق الخزاعي، ونظرة بعض الافراد على ظاهرة صاحب الخبرة والوجاهة الذي يتباهى بقدرته على حل المشكلات والتفاخر ويؤثر بشكل سلبي احيانا على اصحاب المشكلة.
وينصح الخزاعي المواطن أن يقوم بحل مشاكله عن طريق القانون والاحتكام الى اصحاب المعرفة والمكانة الاجتماعية واصحاب الخبرة بموضع المشكلة، وليس أي شخص يبادر على انه قادر على حل جميع المشكلات.

sawsan.moukhall@alghad.jo