بغداد- قتل 119 شخصا على الاقل في الاعتداء الانتحاري الذي تبناه تنظيم "داعش" في حي الكرادة المكتظ ببغداد قبل فجر أمس، في اعنف هجوم يضرب العاصمة خلال العام الحالي.
واصيب كذلك أكثر من 130 شخصا بجروح في الاعتداء الذي استهدف شارعا تجاريا مكتظا بالمتسوقين استعدادا لعيد الفطر هذا الاسبوع.
وتفقد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي موقع "التفجير الإرهابي" في منطقة الكرادة التي تعج بالحركة، وتوعد بـ"القصاص من الزمر الإرهابية التي قامت بالتفجير حيث انها بعد ان تم سحقها في ساحة المعركة تقوم بالتفجيرات كمحاولة يائسة".
وأعلن التنظيم المتطرف في بيان تبنيه للهجوم، مؤكدا ان احد مقاتليه نفذه بسيارة مفخخة مستهدفا تجمعا للشيعة، بحسب ما نقل موقع "سايت" الأميركي الذي يتابع المواقع المتطرفة.
ويأتي التفجير بعد اسبوع من استعادة القوات العراقية السيطرة على كامل مدينة الفلوجة، معقل المتطرفين على بعد 50 كلم غرب بغداد.
وقال العميد سعد معن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد "الجهد مستمر للقبض على هؤلاء المجرمين الذين حاولوا قتل البسمة".
واضاف ان "هذه الدماء الطاهرة لن تثنينا عن القضاء على داعش الارهابي".
وانتزع التفجير الذي خلف اضرارا مادية لا يمكن حصرها فرحة الانتصار باستعادة الفلوجة والقضاء على مجموعة كبيرة من عناصر التنظيم المتشدد خلال فرارهم الثلاثاء والاربعاء الماضيين عبر صحراء الانبار.
والقى عشرات الشبان في موقع الانفجار باللوم على رئيس الوزراء الذي تفقد المكان ورشقوا موكبه بالحجارة.
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي لقطات تظهر الشبان الغاضبين يهاجمون الموكب الذي تمكن من المغادرة.
وقطعت السلطات الطريق المؤدية الى موقع التفجير بحثا عن مفقودين وبهدف اطفاء الحرائق.
وكانت الكرادة التي تقطنها غالبية شيعية منطقة سكن رئيس الوزراء قبل توليه المنصب قبل نحو عامين.
واحترق على الاقل مبنيان كبيران يشكلان مركزا للتسوق، الى جانب عشرات المحلات التجارية الاخرى والمساكن المجاورة.
وعملت فرق الاطفاء منذ الساعة الأولى حتى منتصف أمس لاخماد الحرائق الهائلة التي اندلعت.
وافاد مراسل فرانس برس ان 14 سيارة اسعاف كانت ما تزال حتى منتصف النهار في موقع الاعتداء، اضافة الى عشرات من سيارات الاطفاء.
وحاصرت النيران عشرات الشبان داخل المحال التجارية ونجا قسم منهم في حين قتل اخرون بحسب مصادر امنية بسبب صعوبة الوصول الى الضحايا.
وقتل في الحادث اربعة شبان من اسرة واحدة من بلدة العزيزية في محافظة واسط بحسب ما افاد احد اقاربهم لفرانس برس.
وقال حسين علي هادي (24 عاما) بينما كان يحصي الذين فقدهم بالتفجير "فقدت ياسر واكرم ومصطفى (...) ما اعرفه حتى الان ان سبعة من اصدقائي قتلوا في الاعتداء".
واضاف الشاب الذي قضى ليلته محاولا انقاذ الضحايا "كل عيد تتكرر هذه المأساة، نريد ان نفرح بالعيد، لكن يبدو ان الفرحة انتزعت منا كعراقيين". من جهته، قال حسين وهو جندي سابق ان ستة موظفين في مخزن تملكه عائلته قتلوا وتفحمت جثثهم.واضاف "سألتحق مجددا بالمعركة، على الأقل هناك اعرف من هو العدو واستطيع قتاله. لكنني هنا لا اعرف من ينبغي قتالهم".وانتقد شخص اخر الاجراءات الأمنية التي تحيط بالمكان قائلا "اقاموا حاجزا للتفتيش مهمته فقط زيادة الازدحام".
واضاف "اما الحاجز الاخر فتديره مجموعة من الاكراد يرفعون علم اقليمهم" في اشارة الى الحرس الرئاسي في منطقة الجادرية المجاورة.
وكان معدل التفجيرات في بغداد تراجع فور استيلاء التنظيم المتطرف على مساحات شاسعة في شمال وغرب البلاد في حزيران(يونيو) 2014 .
وتفجير أمس يثبت ان التنظيم المتطرف ما يزال قادرا على ارتكاب اعتداءات رغم النكسات العسكرية التي لحقت به مؤخرا.
يذكر ان التنظيم سيطر في حزيران(يونيو) 2014 على مساحات شاسعة من اراضي العراق، غير انه اضطر الى التراجع امام تقدم القوات الحكومية.
وفي الخارج، ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بما وصفه بانه "عمل مجرمين حقيرين" مجددا العزم على "قتالهم في كل مكان".
ويعود اخر هجوم كبير للتنظيم المتطرف في بغداد الى 17 أيار(مايو) حين ادى اعتداء مزدوج الى مقتل نحو 50 شخصا واصابة اكثر من مائة.
وتعكس هذه الهجمات فشل القدرة على تنفيذ تدابير أمنية فعالة في بغداد رغم مساعدة قوات التحالف الدولي.
ويبدي كثيرون شكوكا في فعالية اجهزة الكشف عن المتفجرات، ووضع عوائق حول العاصمة والتفتيش التدقيق في اوراق الهوية والمركبات.-(ا ف ب)