فرح عبدالله
عمان - سؤال مجازي لا يقترن بزمن بل بفكرة "ما الذي يمنع من وجود رئيسة وزراء في الأردن؟".. هذه الفكرة من الممكن أن ترتبط بالقوانين أو بالمجتمع الذكوري، الذي لا يتقبل وجود امرأة بنمصب قيادي سياسي بحت، إضافة إلى احتمال وجود عرف سائد أو عدم وجود أي سبب، سوى أن الزمن لم يحن لتصبح إحدى المواطنات الأردنيات، رئيسة وزراء!.
النظرة المجتمعية .. وانتظار
الظروف المناسبة
هل أنت مع استلام المرأة منصب رئيس الوزراء في الأردن؟، تجيب مريم عزيز "طبعا أنا مع وجود المرأة في الحكومة، وأن تطور نفسها حتى تصل لمنصب رئيس وزراء".
"نحن بحاجة لوجود أكبر للإناث بالحكومة"، تضيف مريم عزيز، طالبة الماجستير، لأن الشعب "أغلبه إناث وبجوز الأنثى تفهم أكثر وتقدر تعبر بطريقة أفضل عن كل الإناث الموجودات".
وتقول إن "دور المرأة تغير، والآن المرأة صارت أما ومربية وعاملة وقادرة على استلام مناصب قيادية".
أما مهند محمد فهو ضد أن تصبح المرأة رئيسة وزراء، لأنها ستضع نفسها بموقف لا تحسد عليه، وستكون هي "بوز المدفع"، الذي لن يغير المستقبل، وستتعرض لانتقادات وتنمر واعتراض.
ويقول "اذا الرجال بكونوا يحكوا بدنا وبدنا وبالأخير للأسف ما في نتائج على أرض الواقع. هي شو بده يطلع منها!".
غير أن روان هنداوي، وتعمل في عيادة أسنان، تشترط لاستلام المرأة مناصب قيادية أن تكون مؤهلة وتستحق ذلك المنصب، فليس من الضروري وجود امرأة اذا كانت غير قادرة على مسك زمام الأمور وتلبية احتياجات المجتمع بشكل واضح.
غير أن إشراق جاسم، معلمة الرياضيات، تبدي رأيا مغايرا دون تفسير، في أن "المرأة مخلوق ضعيف. وقد ما وصلت وقد ما كانت مميزة، ستضل ضعيفة وعاطفتها تحكمها بأمورها".
وتزعم أن "هذه سنة الله في خلقه، حيث من الممكن أن تكون على قد المسؤولية، لكن بتيجي عليها لحظات بتضعف وبتصير بدها سند جنبها. عشان هيك الأفضل أن يمسك الرجل زمام الأمور".
وفي المقابل قالت سماء أسامة، طالبة علم اجتماع، إنها محايدة، ولكن مجتمعنا ذكوري، وبالتالي من الممكن أن يتقبل المجتمع وجود رئيسة وزراء، إذا تغير المنظور الذكوري، وأصبحت المرأة متمكنة سياسيا، لتخوض هذا التنافس، الذي لا يرحم أي شخص يقع فيه.
لا مانع دستوريا.. لكنه سلوك سائد
يؤكد الخبير الدستوري الدكتور ليث نصراوين أنه لا يوجد ما يمنع دستوريا من تولي المرأة لمنصب رئيس الوزراء، حسب الدستور الأردني، حيث إن المادة رقم 6 من الدستور تنص على أن الأردنيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين.
وأكد بالرغم من أن السلوك السائد هو عدم وجود امرأة استلمت منصب رئيس الوزراء منذ تأسيس إمارة شرق الأردن، إلا أنه لا يوجد عرف بعدم القدرة على استلام المرأة لهذا المنصب، نظرا لأنه لا يجوز للعرف مخالفة قاعدة قانونية مكتوبة.
بل ويذهب نصراوين، في معرض سرده للاباحة الدستورية في تولي المرأة منصب رئاسة الوزراء، إلى التأكيد أن الحكومة الأردنية تمثل مفهوم الحكومة البرلمانية فهي حكومة الحزب الفائز في الانتخابات النيابية، وبالتالي اذا شغلت امرأة منصب أمينة عام حزب أو رئيسة الحزب وفاز الحزب بالانتخابات يصبح إلزاميا تعيين تلك المرأة رئيسة وزراء. وبما أن الأردن توجد فيه سيدة أو أكثر شغلت منصب أمينة عام الحزب، إذن ليس هنالك ما يمنع من أن تصبح سيدة رئيسة وزراء.
ظروف المجتمع
من جهتها، تقول المديرة التنفيذية لجمعية تمكين للدعم والمساندة ليندا كلش إن المرأة يمكن أن تكون رئيسة وزراء بسبب عدم وجود مانع قانوني، لذلك يجب اختيار المرأة المناسبة لقيادة الدولة بشرط ألا يكون الأمر تجميليا وفي المقابل يجب اختيار امرأة عالية الكفاءة تصلح لأن تصبح رئيسة وزراء.
وتضيف كلش أن المرأة بطبيعتها ملتزمة جدا في العمل وعادة تأخذ قرارات صحيحة وإنتاجيتها أعلى من الرجال، لذلك يجب أن تكون المرأة بيوم من الأيام رئيسة وزراء لأنها تثبت يوميا قوتها في المناصب التي تنفذها سواء كانت قيادية بالدرجة الأولى أو الدرجة الثانية وبالتالي يجب زيادة الثقة بتولي المرأة للمناصب القيادية.
ويقول المحلل السياسي الدكتور لبيب قمحاوي لا يوجد شيء قانوني ما يمنع، لكن نحن نتحدث عن وضع اجتماعي أكثر من قانوني وسياسي، فمثلا خلال فترة حكم الراحل جلالة الملك الحسين كانت الدكتورة ريما خلف تشغل منصب نائب رئيس الوزراء وكان من الممكن أن تصبح رئيسة وزراء، لكن العوامل العشائرية والاجتماعية والذكورية بالذات كان لها وزنها الاعتباري.
ويضيف أن هنالك ترسبات دينية واعتقادا سائدا بين فئة من المواطنين حول عاطفة المرأة، وأن قدرتها على تحمل الضغوط أقل، ويبقى القانون هو الأساس، فيوجد الكثير من الأصول المختلفة التي انخرطت في المجتمع، وأيضا التي حرمت من مناصب معينة لأسباب عرقية ودينية وكالعادة المرأة هي جزء من هذا المجتمع. ويشدد قمحاوي على أن المجتمع أحيانا يتطور إلى الخلف وليس إلى الأمام، لكن دخول المرأة في البرلمان والسفارات والوزارات أدى إلى تطور النظرة الاجتماعية اتجاهها. لكن منصب رئيسة وزراء بالذات يحتاج إلى وقت كبير لأنه منصب واحد والعين عليه، وهذا يعطي الموضوع خصوصية كبيرة له.
41 عاما على أول وزيرة.. تطور بطيء
إنعام المفتي أول امرأة أردنية تدخل وزارة في تاريخ الوزارات الأردنية وذلك في حكومة الشريف عبد الحميد شرف التي شكلها العام 1979، حيث تولت منصب وزيرة التنمية الاجتماعية، وكانت أول وزيرة تنمية اجتماعية.
وتدل هذه المعلومات على أن المرأة حجزت مقعدا لها في الحكومة بعد مرور أكثر من 58 عاما على تأسيس أول حكومة أردنية كان رئيسها رشيد طليع العام 1921. والآن في العام 2020 وتحديدا في حكومة بشر خصاونة الحالية لا توجد سوى 3 وزيرات مقارنة بـ29 وزيرا.
تقول كلش إنها ترى أن المرأة كان يقتصر دورها بالبداية في الوزارات على مجالات محددة كالتنمية الاجتماعية، لكن هذا التفكير تغير وأصبحنا نرى وزيرة تولت وزارة الصناعة والتجارة، ووزيرة تولت وزارة الطاقة والثروة المعدينة، وغيرها من الوزارات المهمة، وبالتالي يمكن أن نرى قريبا امرأة تمسك رئاسة الوزراء، لكن وزارة الخارجية والداخلية تعد وزارتين حساستين جدا، لكن مع ذلك طالما القانون لا يمنع اذن كل شيء ممكن.
وفي هذا السياق يؤكد نصراوين عدم وجود وزارات محصورة على إناث أو ذكور حتى يمكن للإناث تولي وزارة الخارجية أو وزارة الداخلية وليس هنالك أي مانع دستوري أو عرف يمنع من وصول المرأة لأي وزارة.
وصول المرأة الأردنية لمنصب قيادي هو حق يجب أن تتمتع فيه رغم وجود معارضين ومؤيدين، إلا أن المرأة الأردنية تسير بخطوات واضحة قابلة للتطور فبعد أكثر من نصف قرن على تشكيل أول حكومة أردنية استطاعت أن تصبح وزيرة وبالتالي يمكن أن تحتاج إلى أكثر من قرن بقليل لتصبح رئيسة وزراء.
اضافة اعلان